مدينة الآثام
مدينة الآثام
أتجرع هذا الليل وحيدا, أتلو ما ترسب في ذاكرتي من عبارات وأمضي صوب
العتمة بلا قنديل,يعذبني هذا الليل وقمره الشارد و صياح الديكة في أزقة مدينتنا..
لم أولد هنا كي أحتال على أصدقائي و أخبرهم تفاصيل طفولة ما كانت, ولم انشأ صبيا يذرع
الطرقات لهوا وصخبا و ما وجدتني شابا يافعا يتهجى رسائل العشق لفتيات الشبابيك, هكذا
وجدتني هنا بين تلافيف دخان سجائرهم و صراخ شفاههم اليابسة, أكنت منهم أم طرأت عليهم
كنشيد لم يعهدوه ولم يقرؤوه ولم يحفظوه..
وحيدا أقلب وجهي في الصور واشتهي شتاء مدينة كانت, أذكرها كوجه حبيبة أو طفلة ألقت
على خدي قبلتها و رحلت, هل المدن أسماء و عناوين و قوس قزح, أم أنا المدينة والطرقات
ورغبة العشق!!
يقف البدر على نافذتي, تتكشف ضحكته الشامتة, تتراقص النجوم بجنون حول نيران قلبي و
غربة الأسماء التي ذكرت, أعيد النظر مرة أخرى فلا أرى شيء يشبهني, أو لم اعد أشبه
نفسي لتشبهني الأشياء, آه يا مدينة تنتحر بسذاجة الأطفال, وتعيش بيتم العجائز و قهرهم
الصامت, و الانتظار..
أنشطر النص حين أدركت بان ما كتبته الآن قد كتبته قبل الآن وبان الصيف كما الشتاء والمدن
وان اختلفت فهي حتما مدينة واحدة تخص شخص واحد هو أنا, في النهاية سأتمنى ما
تمنته “حقيبة” و “سفر” و “مكان لا يعرفني فيه احد”..