شعر ترى الرجل النحيف فتزدريه

ترى الرجل النحيف فتزدريه

هو إحدى أبيات شاعر عربى عاش في المدينة المنورة لقب بـ “كُثــيـّـر عزة” ، واسمه الحقيقي كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر بن عويمر الخزاعي ، و الذي كان عاشقا متيما لعزة بنت جميل بن حفص بن إياس الغفارية الكنانية.

ولد في آخر خلافة يزيد بن معاوية ، حيث توفي والده و هو ما زال صغيرا ، فكفله عمه بعدها وكلفه رعي قطيع له من الإبل حتى يحميه من طيشه إذ كان سليط اللسان و عرف بملازمته لسفهاء المدينة.

و كان قد كنى عزة في شعره تارة بأم عمرو ، و سماها تارة أخرى الضميريّة و ابنة الضمري نسبة إلى بني ضمرة بن بكر.

كان الخليفة عبد الملك بن مروان حاكم يقرب إليه الشعراء و الأدباء و يجازيهم عما يستحسنه من قولهم ، و كان قد سمع من قوافل العرب المتنقلة عن شاعر عاشق يسمى بكُـثـيّـر تناقلت شعره الأمصار و سارت بأبياته الركبان من موطن لموطن و من قطر لقطر ، و مع اتساع رقعة الخلافة الإسلامية آنذاك أمر أن يتم البحث عنه و الإتيان به إليه و لو من باطن الأرض كى يسمع ما يقول ، و نجح الحراس و الخدم في العثور عليه ، و بينما كان عبد الملك بن مروان جالسا ، فإذا بخادمه يدخل عليه ديوان القصر يستأذنه في دخول كُــثَــيّــر عزة عليه ، فأذن له بالدخول واستعد هو وجلسائه و نادميه لرؤيته وسماع ما عنده ، فلمــا دخل حدقوا جميعا إليه واستغربوه ، فقد وقف أمامهم رجل تزدريه العين ، حقير المنظر ، صغير البنية ، قصير القامة ، دميم الوجه ، ذو ملابس رثة ، فتعجبوا و لسان حال كل واحد منهم يقول : هل هذا هو كُثَيَّـر عـزَّة ، الشاعر الذي ملئ صيته الآفاق !!

فكسر كُثــيّــر حاجز ذلك الصمت و قال : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، طاب مساءك يا أمير المؤمنين ، فما كان من عبد الملك بن مروان إلا أن رد فقال : تسمع بالمُعيدي خيرٌ من أن تراه !! و هو ما صار مثلا عند العرب بعد ذلك ، فقال كُثَيَّـر : مهلاً يا أمير المؤمنين ، فإنما الرجل بأصغريه ، قلبهِ ولسانه ، فإن نطق نطق ببيان ، و إن قاتل قاتل بجنان ، فأنا الذي أقول:

و جربت الأمور و جربتني … فقد أبدت عريكتي الأمور

و ما تخفى الرجال علي إني … بهم لأخو مثابته خبير

ترى الرجل النحيف فتزدريه … و في أثوابه أسد مزير

و يعجبك الطرير فتبتليه … فيخلف ظنك الرجل الطرير

و ما عظم الرجال لهم بزين … و لكن زينها كرم و خير

بغاث الطير أطولها جسوما … و لم تطل البزاة و لا الصقور

بغاث الطير أكثرها فراخًا … و أم الصقر مقلات نزور

لقد عظم البعير بغير لب … فلم يستغن بالعظم البعير .

فاستشعر الخليفة عبد الملك بن مروان الحرج و تسرعه فيما قال ، فاعتذر من كُثــير عزة و قربه إليه و رفع مجلسه.

كما كانت بيتا أيضا لشاعر عربى آخر عاصر العباسيين يقال له ربيعة الرقى ، و اسمه الحقيقي هو ربيعة بن ثابت بن لجأ بن العيذار الأسدي الرقي ، و كان ضريرا لقب بالغاوي ، عاصر المهدي العباسي و مدحه في شعره و كان هارون الرشيد يأنس به و يستمع له و لشعره.

ولد وترعرع في الرقة على نهر الفرات في سورية ، و كان شاعرا جيدا يحسن نظم الكلمات في قصائد استحسنها و شهد له أبناء عصره و إنما أسقطه عن طبقته تركه خدمة الخلفاء ومخالطة الشعراء و أيضا بعده عن العراق.

ترى الرجل النحيف فتزدريه وفي أثوابه أسد مزيرُ

فما عظم الرجال لهم بفخر ولكن فخرهمْ كرمٌوخيرُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى