ابن زيدون الشاعر العاشق

لقد عشق ابن زيدون ولادة بنت الخليفة المستكفي ، وغنى لها وباسمها بالعديد من القصائد التي تعبر عن حبه لها ، وولادة ليست مثل أي واحدة من النساء بل كانت تتمتع بجمال و بالإضافة إلى جمالها كانت تتمتع بثقافة ورقي مرتفع وكانت شاعرة ومغنية ، وكان مجلس قرطبة يضم أشهر المثقفين والشعراء والكتاب ، وكانت ولادة تبادل الهوى على حد سواء مع ابن زيدون ، وواحدة من المشاكل التي قصمت هذا الحب بينهما هو الوزير أبو عامر بن عبدوس عدو ابن زيدون .

وفي محاولة من ابن زيدون قام بها للتفريق بين كل من ولادة وعدوه ابن عبدوس قام بكتابة ” الرسالة الهزلية” وهي القصيدة والرواية التي يقوم فيها بذم ابن عبدوس والسخرية منه كذلك وعلى لسان ولادة الأمر الذي زاد من عدم رضا وغضب ولادة منه وزاد من بعدها عن ابن زيدون.

وهنا نسوق بعضا من أشهر قصائد ابن زيدون ” النونية” وهي تلك التي كتبها في ولادة حبيبته والتي يقول فيها:

أَضـحـى الـتَـنائي بَـديـلاً مِــن تَـدانينا

وَنـــابَ عَـــن طـيـبِ لُـقـيانا تَـجـافينا

أَلّا وَقَــد حــانَ صُـبـحُ الـبَينِ صَـبَّحَنا

حَــيــنٌ فَــقـامَ بِــنـا لِـلـحَـينِ نـاعـيـنا

مَـــن مُـبـلِـغُ الـمُـلـبِسينا بِـاِنـتِزاحِهِمُ

ويتابع شارحا حزنه وعشقه فيها :

حُـزنـاً مَــعَ الـدَهـرِ لا يَـبـلى وَيُـبـلينا

أَنَّ الـزَمـانَ الَّــذي مــازالَ يُـضحِكُنا

أُنــســاً بِـقُـربِـهِـمُ قَـــد عـــادَ يُـبـكـينا

غيظَ العِدا مِن تَساقينا الهَوى فَدَعَوا

بِـــأَن نَــغَـصَّ فَــقـالَ الــدَهـرُ آمـيـنـا

كما كتب ابن زيدون لولادة مشتاقاً إليها

إِنّـــي ذَكَــرتُـكِ بِـالـزَهـراءَ مُـشـتـاقاً

وَالأُفقُ طَلقٌ وَمَرأى الأَرضِ قَد راقا

وَلِـلـنَـسـيمِ اِعــتِــلالٌ فـــي أَصـائِـلِـهِ

كَــأَنَّــهُ رَقَّ لــــي فَــاعـتَـلَّ إِشــفـاقـا

إلى أن يقول :

وَالـرَوضُ عَـن مـائِهِ الفِضِيِّ مُبتَسِمٌ

كَــمـا شَـقَـقتَ عَــنِ الـلَـبّاتِ أَطـواقـا

يَـــومٌ كَــأَيّـامِ لَـــذّاتٍ لَـنـا انـصَـرَمَت

بِـتـنا لَـهـا حـيـنَ نــامَ الـدَهـرُ سُـرّاقا

ومن أشعار ابن زيدون أيضاً الرائعة :

خَـلـيـلَـيَّ لا فِــطــرٌ يَــسُـرُّ وَلا أَضــحـى

فَما حالُ مَن أَمسى مَشوقاً كَما أَضحى

لَـئِـن شـاقَـني شَــرقُ الـعُقابِ فَـلَم أَزَل

أَخُـصُّ بِـمَمحوضِ الهَوى ذَلِكَ السَفحا

وَمــا اِنـفَكَّ جـوفِيُّ الـرُصافَةِ مُـشعِري

دَواعِــيَ ذِكـرى تُـعقِبُ الأَسَـفَ الـبَرحا

وبمضي في قصيدته إلى أن يقول :

وَيَــهـتـاجُ قَــصــرُ الـفـارِسِـيِّ صَـبـابَـةً

لِـقَـلـبِيَ لاتَــألـو زِنـــادَ الأَســـى قَــدحـا

وَلَــيـسَ ذَمـيـماً عَـهـدُ مَـجـلِسِ نـاصِـحٍ

فَـأَقـبَلَ فــي فَــرطِ الـوَلـوعِ بِــهِ نُـصحا

كَــأَنِّـيَ لَــم أَشـهَـد لَــدى عَـيـنِ شَـهـدَةٍ

نِــــزالَ عِــتــابٍ كـــانَ آخِـــرُهُ الـفَـتـحا

ثم ينعطف بالقول قائلا : وَقــائِـعُ جـانـيـها الـتَـجَنّي فَــإِن مَـشـى

سَـفـيـرُ خُــضـوعٍ بَـيـنَـنا أَكَّــدَ الـصُـلحا

وَأَيّــــامُ وَصــــلٍ بِـالـعَـقـيقِ اِقـتَـضَـيـتُهُ

فَـــإِلّا يَــكُـن مـيـعـادُهُ الـعـيدَ فَـالـفِصحا

شــعره:

يعتبر ابن زيدون أعظم شعراء الأندلس شأناً وجاها وأجلهم مقاماً، وقد قال الشعر في أغراض كثيرة متعددة كالغزل والمدح والرثاء والاستعطاف ووصف الطبيعة والهجاء ، وقد كان في مدحه لحكام الأندلس يركز على معاني كل من الشجاعة والقوة، وكان يضع نفسه في مصاف ممدوحيه وهيئتهم على طريقة المتنبي، لما كان يمتاز به من عزة النفس والسؤدد ورفعة الشأن.

وكذلك الأمر نراه في قصائد الاستعطاف التي كتبها أثناء بؤسه وسجنه أو فراره من قرطبة،وكما نرى فقد كانت تعبر عن نفس أبية وقوية، لم تستطع القيود والسجون والتشرد قيد انملة أن تهزم كبرياءها، أو تلين قناتها أو أن تضعفها ، أو أن تذل صاحبها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى