** أضواء على قـَدْرِ الرسـول صلى الله عليه وسـلم**

** أضواء على قـَدْرِ الرسـول صلى الله عليه وسـلم**

( في القـرآن الكـريم )

* · مقدمـة :

معنى كلمة قَـدْر: يقال قَـدَرَ الشئ يَـقْدُرُهُ أي حَـذَرَهُ واختبره ليعرف قـدْره ،

وكلمة ” القَـدْر” التي في هذا البحث المختصر نـقصد بها :المكانة أو المنزلة أو المَـقَام ،

فإنسـان ذو قـدْر عـظيم أي إنسـأن له مكانة عظيمة أوشـأن رفـيع أومـقام محمود

أودرجات عُـظمى من الشرف والحب والتقدير .

ونحن في حديثنا الدّارج نقول مثلا : أنت لك عندي قـدْر كبير، فالمعنى واضح لا يحتاج

تفسـير ، أي أنت لك عندي منزلة كبيرة .

وفي القرآن الكريم ، قال الحق سبحانه وتعالى: ” إنّا أَنزَلْـنَاهُ في لَيْلَةِ القَـدْرِ” أي ليلة ذات

قـدْرعـظيم وشـرف كبير عـند الله …..

وقال تعالى : ” وما قَـدَرُوا اللهَ حَـقَّ قَـدْرِهِ ” أي أن الكفار لم يعرفوا الله حَـقّ معرفته

ولم يعظّموه حـق تعـظيمه فلم يوحـدوه ولم يوقّروه ولم يُقدسـوه ، فلم يعلموا قـدْره

وصفات جلاله وصفات كماله سبحانه وتعالى .

والآن تعالوا لنـتذكر بعض الآيات البينات من كتاب ربنا الكريم والتي تبـين قَـدْر رسـولنا

الحـبيب محمد صلى الله عليه وسلم ومقامه المحمود عـند ربّ العالمين .

* أخي في الله : إنّ قََـدْرَ رسـول الله صلى الله عليه وسـلم عند الله لعـظيمٌ عـظيمٌ ،

فهـو خيرُ خلق الله أجمـعين وهو خاتم الأنبياء والمرسـلين فلا نبيّ بعده ولارسـول بعـده لذلك أرسـله الله للناس جميعاً من يوم بعثـته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ،

قال تعالى: ( وَمَا أَرْسَـلْناكَ إلا كَاْفَة للنَّاسِ بَشِـيراً ونَذًيراً وًلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَيعلمونَ…سـبأ28)

وقال سبحانه وتعالى : (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّيِ رَسُـولُ الّلهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعَاً الَّذِيِ لَهُ مُلكُ السَّـمَوَاتِ

وَالأَرضِ، لاَ إِلَهَ إِلا هُـوَ يُحْـيِ وَيُمِيتُ ، فَـآمِنُـوُا بِالّلهِ وَرُسُـوُلِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الّذِيِ يُـؤْمِنُ

بِاللهِ وكَلِمَاتِـهِ وَاتَّـبِعُـوُهً لَعَلَّـكُمْ تَهْـتَدُونَ . ( 128 الأعراف) .

* وإنها لحكمة بالغة أن أراد الله أن يكون خاتم أنبيائه ورسله محمد صلى الله عليه وسلم أُمْياً لايعلم القراءة ولا الكتابة، لكن الله علمه القـرآن وعـلومه وبيانه وثبّت فؤاده وجعله لاينسى أبداً مايُتلى عليه من آيات ربّه ، فكان جبريل عليه السلام يتـنزل بالوحي على النبي صلى الله عـليه وسـلم فَيُـقْرِئه ما أمر به الله من التـنزيل الحكيم فيحفظـه النبي تمام الحـفظ لا ينـسىَ حرفاً واحـداً ، قال تعالى: ( سَنُقرِِئُكَ فَلا تَنْسَىَ إِلا مَا شَـاءَ اللهُ إنَّهُ يَعْـلَمُ الجَهْرَ ومَا يَخْفَىَ..الأعلى 7)

* ويقول ربنا سبحانه وتعالى: ( واتّـقُوُا الّلهَ ويُعَلِّمُكَمَ اللهُ، واللهُ بكلِ شَئٍ عَـليمٌ.. البقرة282)

فإذا كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم هـو أتْـقى عباد الله إذاً فهـو أعْلـمُ خـلق الله….

(وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَـلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَـضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَـظِيمًا) (النساء 113 ) فكان بأمر الله هوأُسـتاذ الإنسانية الذي علّـم الناس الدين الحـق والـقرآن الكريم والنوروالحكمة والأخلاق العـظيمة فـزكّاهم وأخرجهم من الظلمات إلى النور بإذن ربِـهم ،

قال تعالى: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُـولاً مِّنكُمْ يَـتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِـنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَـابَ وَالْحِكـْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُـونُواْ تَعْلَـمُونَ . البقرة آية151)”

وقال جلّ شـأنه : هـوالذي بَعَـثَ فِي الأُمُّيـينَ رَسُـولاً مِنْـهُمْ يتلـُوُا عَلَيْـهِمْ ءَايَاتِـه وَيُزَكِّيـهِمْ وَيعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإن كَانُواْ مِن قَبْلُ لََـفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ.” الجمعة آية2)

* والله سبحانه وتعالى لم يرسـل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم للإنـس فحسب بل أرسله

للجن كذلك ليخرجهم من الضلال إلى الرشـد ومن الخزي والعـذاب إلى رحمة الله ورضوانه..

(قـُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّـهُ اسْـتَمَعَ نَـفَرٌ مِنَ الْجِـنِّ فَـقَالُوَا إِنَّا سَـمِعْناَ قُـرْءانـاً عَجَـبَاً (1)

يَـهْدِي إلَى الرُّشْـدِ فَـآمَنَّاَ بـِهِ وَلَن نُـشْرِكَ بِرَبِّـنَاَ أَحـَدَاً (2)….الجن.)

ولـقد كانت الجـنّ تـقعد مـقاعد من السـماء لتتسـمع إلى الملأ الأعلى فلما بُـعِثَ النّـبي

منعهم الله من ذلك إكراماً لرسـوله صلى الله عليه وسـلم ، فمن أراد من الجـن أن يستمع إلي المللأ الأعلى يرسـل الله عليه شـهاباً يرصـده ويحرقه ، قال تعالى :

( وَأَنَّـا لَمَسْـنَا السَّـماءَ فَـوَجَدْنَاَهَا مُلِـئَتْ حَرَسَاً شَـدِيداً وَشُـهُبَاً (8) وَأَنَّـا كُنّـا نَـقْعـُد

مِنْهَاَ مَـقَاعِدَ للسَـمْعِ فَمَـن يـَسْتَمِعِ الآنَ يَجِـدْ لَـهُ شِـهَابَاً رَصـداً (9) الجن….

* ومن رفعة قـدر نبيـنا العظيم محمد صلى الله عليه وسلم أنه رحمة للعالمين، فلـقد شـاء

الله الرحمن الرحيم أن يرحم الخلائق رحمـة واسـعة فأرسـل خـاتم الأنبـياء والمرسلين بدين الحق ليخرجهم من الظلمات إلى النور وليعـبدوا الله بما شـرع وبما أنزل على رسـوله ، وبما جعل في هـذا الدين الحق من قـبول التوبة وغـفران الذنوب ودخـول الجنة للطائعين وعـدم التعذيب في الدنـيا بالاسـتئصال للعصاة ، كما كان في الأمم السـابقة ،

وبذلك جـاء سـيدنا محمد صلى الله عليه وسـلم رحمـة عامة شـاملة لكل العالمـين :

بِـسْم الله الرحمَنِ الرحِيم : ( وَمَا أَرْسَـلنَاكَ إلاّ رَحْمَـةً لِلْـعَالَمِينِ.. ) الأنبياء آية 107

* ومن رفعة شـأنه صلى الله عليه وسلم أن ربّه قال له: (واصبِرْ لحُكْمِ ربّكَ فإ نّكَ بأَعُيُـنِنا..) (الطور48) فـشَرح الله له صدرهُ وآواهُ وهَـداهُ وأغـناهُ وأقـناه وحفـظه من كل سـوء وجعله على خلقٍ عظـيم لا يصل إلى مرتبته أحـد من العالمين فـقال له في سـورة “ن” :

( وإنّـكَ لَعلىَ خُـلقٍ عَظِـيمٍ ) .

* وقال المفسـرون في قـول الله تعالى : ألم نـشرح لك صدرك…أي ألمْ نوسـع لك صدرك بما أودعـنا فيه من الإيـمان والحكمة والهدى والمعرفة والفضائل والـعلوم ، كما أوسـعنا لك صدرك وجعلنا فيه نوراً وسكينة وصبراً لتيـسيرما يلقى إليك من الوحيٍ.. ( إنَّا سَـنُلْقِي عَـلَيْكَ قَـوْلاً ثَـقِيلا ً”5″ إِنَّ نَاشِـئَةَ اللـيلِ هِيَ أَشَـدُّ وَطْـئَاً وأَقْـوَمُ قِـيلاً ” 6 ” المزمل ).

* وقال الملك الحـق : ” وَالضُّحَى 1 وَاللَّيْلِ إِذَا سَـجَى 2 مَا وَدَّعَـكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى 3 وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى 4 وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى 5

في هذه الآيات البيـنات أقسم الله بالضحى وبالليل وهما آيتان عظيمتان من آيات الله المُشَاهَدة ،

أقسم تعالى أنه لم يُودّع نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ولم يتركه ولم يُبـغضه مـنذ أن اختاره وأحبه ، ولم يقل له الله أنا ما ودعتك أو مثل ذلك ـ ولله المثل الأعلى ـ وإنما قال جلّ جلاله :

” ما وَدَّعَـكَ رَبُّكَ وما قَلَىَ “، أي أنا ربُك الذي أ ُربيك وأصنعك على عيني وأتولى كل أمرك فلا

تحزن بقـول الكـفار: إنّ ربّ محمد قـد ودّعـه وقلاه . وأما قـول الحق سبحانه وتعالى :

” وَلَسَـوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَترْضَىَ “أي أن الله سوف يعطيك من خيريّ الدنيا والآخـرة وكل ما فيه رضاء لك من نصر وفتـوح وتمكين لدين الله بدعوتك وجهادك ، ومن تكثير لأتباعك وتـفضيل لأمتك ومن شـفاعتك لهم يوم القيامة…. كذلك ولسـوف يعـطيك ربّك من الفضائل والخيرات مالا نعلم…فترضى يا حبـيب الله ياذا القـدر العـظيم .

* ومن فضائل الله على رسـوله صلى الله عليه وسـلم أن الله قـد آتـاه الحكمة والبلاغة فـلم

ينـطق إلاحـقّاً وصدقاً، ولم يـقل إلا حكمةً وعـدلاً، فلا أحـد أبلغ منه منطقاً، ولا أحد أفصح منه لسـاناً ، فنبيٌ عـظيمٌ..على خُـلقٍ عـظيمٍ…أدّبه ربُّه فأحسـن تأديبه وآتاه مجامع الكَـلِم،

هل ترى في حـديثه إلا الحكمة كل الحكمة ، وهل ترى في لسـانه إلا الفصاحة كل الفصاحة ، وهل ترى في منطقه إلا البلاغة كل البلاغة ، قال تعالى :

( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى 1 مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى 2 وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى 3 إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى 4 عَلَّمَهُ شَـدِيدُ الْقُوَى 5 ) ( سـورة النجم).

* ومن المعلوم أن القـرآن الكريم هـوالمعجزة الكبرى لسيـدنا محمد صلى الله عليه وسـلم التي أعجز الله بها الإنس والجن (وَلَقَـدْ آتَيْنَاكَ سَـبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُـرْآنَ الْعَظِيمَ…الحجر87 )

وقال تعالى: ( قُلْ لئنِ اجتمعـتِ الإِنـسُ والجِـنُ عَلَى أَن يِأْتُـواْ بِمِـثْلِ هَـذَا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ

بِمِثْلِهِ ولَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَـهِيراًٍ…الإسراء 88) ، كذلك فإن من كبرى معجزاته صلى الله عليه وسلم أنّـه أُمّيّ لم يـقرأ كتابـاً ولم يتعلم على يـد مُعلم ومع ذلك فـتح الله له أبواب العلم وعلمه مالم يكن يعلم من سـائر العلوم وتعلمها الناس منه فكانوا بها أئمة العلماء وقادة المفكرين في علوم الدنيا والدين، فأعظم بها أُمّية تضاءل عندها علم العلماء في كل العصور،( وَلَوْلاَ فَـضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا. النساء 113

* وبرحمةٍ من الله تعالى جعل نبيه محمداً صلّىَ الله عليه وسلم ليّنَ الجانب، سهل الطباع ، رحيم القلب، متواضعاً رءوفاً، ودوداً عـطوفاً، يعـفو عن صحابته ويستـغفر لهم الله ويشـاورهم في الأمر، فالتـفّوا حوْله وأحـبوه وأطاعـوه واتّـبعوا النورالذي أُنزل معه ،” فَبِمَا رَحْـمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِـنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَـظًّا غَلِيـظَ الْقَلْبِ لاَنـفَضُّواْ مِنْ حَـوْلِكَ فَاعْـفُ عَنْهُمْ وَاسْتـَغْفِرْ لَهُمْ وَشَـاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَـزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ 159آل عمران “.

* بل وكان الحبيب المصطفى يَعُزّ عليه مشـقة المسلمين وعنـتهم وكان حريصاً على كل ما يهم المسلمين ويصلحهم ولذا أفاض الله عليه صفـتين عـظيمتين من نورأسـمائه الحسنى جـلّ شـأنه ، ألا وهما الرأفة والرحمة..قال ربُّ العزة:” لَـقَدْ جَـاءَكُمْ رَسُـولٌ مِنْ أَنـفُسِكُم عَـزِيزٌ عَـلَيْهِ مَا عَنِـتُّمْ حَرِيصٌ عَـلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رءوفٌ رَحِـيمٌ 128، فَإِن تَوَلَّوْاْ فَـقُلْ حَسْـبيَ اللهُ لاَإِلَهَ إِلاهُـوَعَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُـوَرَبُّ الْعَرْشِ اْلْعَظِـيمِ ” 129 (التوبة )

= 4 =

* ومن عظيم قـدره ورفعة شـأنه صلى الله عليه وسـلم أَن اقـترنت طاعته بطاعـة ربِّ

العالمين في آياتٍ كـثيرةٍ من القـرآن الكريم من مـثل قول الحق تبارك وتعالىَ :

( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُـولَ فـَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَـفِيظًا ) (النساء..80) وقوله تعالىَ: (فَاتَّقُّوا اللهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللهَ وَرسُولَهُ إن كُنتُم مُؤْمِنِينَ) الأنفال..(1)

وقوله تعالىَ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ….النور 30) وقول تعالىَ : ( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخـشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ..النور52)

* ومن قـدْره العظيم صلى الله عليه وسلم أنّ الله رََفعَ له ذكره في الأولين وفي الآخـرين وفي الملأ الأعلىَ إلى يوم الديـن ، قال الملك الحق : (ورفـعْنا لكَ ذكَـرك)… أي في الـقرآن وفي التوراة والإنجـيل ونوْهـنا باسمك وجعلناه مذكوراً على لسان كل مسلم وجعلناه مقروناً باسـمنا في القـرآن وفي الشهادة وفي الآذان والإقامـة والتشـهد والخطبة والصلاة وغير ذلك…،

* وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِيِنَ ءَامَـنُوا لاَ تَرْفَعُوَا أََصْوَاتَكُمْ فَـْوقَ صَوْتِ النَِّبيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ

بِالْقَوْلِ كَـجَهْرِ بَعْـضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْـبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنـتُمْ لاَ تَـشْعُرُونَ. )..(الحجرات آية 2)

في هـذه الآية الكريمة يبين الله لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم كيف يوقـروه ويتأدبوا معه

عندما ينادونه أو يتحدثون معه ، فهو وإن كان بشـراً مثلهم إلا أن قـدره عظيم ومقامه محمود عند رب العالمين فيجب ألا يرفعـوا أصواتهم عن صوته ولا يجهروا له بالقول بل يكون حديثهم له قريبا من الهمـس حتى لاتبطل أعمالهم ويضيع ثوابها ،

ثم بين لهم الحق سبحانه وتعالى أن الذين يخفضون أصواتهم توقيراً وحباً لرسـول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين أخلص الله قلوبهم للتـقوى فلهم المغـفرة والأجـرالعظيم ،

( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُـولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْـرٌ عَظِيمٌ .)

* ومن الدرجات العظمى ورفعة المقام لسـيدنا محمد صلى الله عليه وسـلم أن الله سبحانه وتعالى أسـرى به من المسجد الحـرام إلى المسجد الأقصى ليريه من آياته الكبرى حيث صلى بالأنبياء إماماً ، ثم عُرِجَ به في السـموات السبع حتى وصل إلى سـدرة المنتهىَ ، عندها جـنة المأْوىَ فرأىَ جبريل عليـه السلام على صورته الملائكية وهو في هذا المـقام العلوي القـدسي، ولم يَـر جبريل أحد من الأنبياء على صورته التي خُلـِقَ عليها إلاّ سـيدنا محمد صلى الله عليه وسـلم فـخر مغشـياً عليه فتـمثل له جبريل في صورة آدمية وضـمه إلى نفسـه حتى أفـاق وسكن روعه ، ثم أوحى إليه ربُّـه ما أوحىَ ، ماذا أوحى إليه ؟ لا أحد يعلم إلا محمد صلى الله عليه وسلم، بسم الله الرحمن الرحيم” إنْ هُـوَ إلاّ وحْىٌ يوحىَ ،عَلّمَهُ شَـديدُ القـُوَىَ، ذُو مِرّةٍ فاسْتَوىَ، وهوبالأُفـِقِ الأَعْلىَ ، ثُمّ دَنَا فتَدَلّىَ ، فكان قابَ قََوْسـين أو أَدْنى فأوحىَ إلى عَـبدِهِ ما أََوْحىَ..(النجم )

* ولقد كان رسـول الله صلى الله عليه وسـلم والمسلمون معه يتجهون في صلاتهم إلى

المسجد الأقصى ، وظلّو كذلك لمدة سـتة عشرأو سـبعة عشر شـهراً ، وكان ذلك اختباراً للمسلمين (“وَمَا جَعَلْنَا القِـبْْلَةَ التي كُنتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَـعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُـوُلَ مِمْن يَنقَلِبُ عَلَى عَـقِبَيْهِ )..البقرة 143، وكان النبى يحب أن تكـون قبلة المسلمين هى البـيت الحرام فاستجاب الله دعـاء حبـيبه ورسـوله محمد وأمره أن يتحولوا إلى قـبلتهم الأولى” البـيت الحرام” القبـلة التي يحبها ويرضاها رسـول الله صلى الله عليه وسلم،” قَـدْ نَرَىَ تَقَلُّبَ وَجْـهِكِ فِي السَّـمَاءِ، فَلَنُوَلِّيَنـَّكَ قِبـْلَةً تَرْضَاهَا، فَـوَلِّ وَجْـهَكَ شَـطْرَ المَسْجِدِالحَرَامِ ، وَحَيْثُ مَا كُنـتُمْ فَـوَلُّوُا وُجُوهَكُمْ شَـطْرَهُ .”…(البقرة 144.).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى