لا تسوية إلا إذا ارتفع البشير إلى مستوى رجل دولة! .. بقلم: عثمان محمد حسن

السودان اليوم

هل ينقذ المجتمع الدولي الاقتصاد السوداني من الإنهيار و يمنع، بالتالي، إنهيار الدولة السودانية؟

قال أحد السفراء الأوروبيين بالخرطوم أنهم لن يتركوا الاقتصاد السوداني ينهار و لو أدى الأمر إلى ضخ الأموال إلى السودان مباشرة!

في يقيني أن أي مال يضخه الأوروبيون، مباشرة، سوف يتم توجيهه، مباشرة، إلى (بالوعة) المؤتمر الوطني النَهِمة.. و تستمر أزمات السودان حتى ينهار البلد تحت أكوام الفساد المتواتر..

فنظرة متنفذي النظام السوداني للحقوق لا تختلف عن نظرة طفل يتشبث بكل لُعْبَة تطالها يده مصرا على ملكيته لها..

Mine is mine, and yours is mine!

و هي نفس النظرة التي تجلت في تمرير قانون الانتخابات للتمهيد لترشيح البشير لانتخابات عام ٢٠٢٠ لتمكينه من رئاسة لا يستحقها، وفق الدستور المؤقت للعام ٢٠٠٥..

و حسب صحيفة (باج نيوز) الإلكترونية بتاريخ ٢٤/١١/٢٠١٨, فهناك مشروع تعديلات دستورية جديدة سوف يودع أمام البرلمان يوم الأثنين المقبل, عطفا على إجازة قانون الانتخابات المجاز قبل ثلاثة أيام…و قد نضجت مؤامرة تمريره على نار هادئة..

و ماتت مخرجات حوار قاعة الصداقة.. و تلاشى أمل المتحاورين في إحداث تغيير يحد من تسلط حزب المؤتمر الوطني على مفاصل الدولة السودانية.. و سوف يكون حال أي متحاور جديد مع النظام نفس حال من سبقوه..

و ثمة تحركات مشبوهة للمجتمع الدولي في كل الإتجاهات لرأب الصدع السياسي بين المعارضة و الحكومة.. و تم تجنيد بعض المؤسسات و الشخصيات الإقليمية للقيام بذلك..

و في مواصلة لمشواره على خط ( خارطة الطريق)، القديمة المجددة، تباحث الوسيط الأفريقي ثابو أمبيكي مع الرئيس سلفاكير حول توحيد فصيلي الحركة الشعبية شمال..

و جاء في الأنباء أن القياديين الدارفوريين جبريل إبراهيم و أركو مني مناوي وافقا على مقترحات إفريقية لاستئناف المفاوضات مع النظام الأسبوع المقبل..

و تتحدث وسائل الإعلام عن عودة الإمام الصادق المهدي إلى الوطن في ١٩/١٢/ ٢٠١٨، و يصادف ذلك اليوم ذكرى إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان عام ١٩٥٥..

إن صفاء نية المعارضة السودانية في الحصول على تسوية ترضي الجميع لن يقابله صفاء نية مماثل من قبل النظام الحاكم كما تؤكد الإتفاقات المبرمة مع النظام في السابق.. فهو نظام أدمن الإصرار على خرق المواثيق دون أن يطرف له جفن!

و حول إصرار النظام على التعنت و التصلب، قال جبريل إبراهيم،رئيس حركة العدل والمساواة، في لقاء له مع قناة البي بي سي: إن محاكمة البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية سوف تكون أرحم من محاكمته أمام محكمة الثورة السودانية القادمة.. و لما سألته مقدمة البرنامج عن كيف يطالب بالحوار المتكافئ مع البشير و يتوعده في نفس الوقت.. فكان جوابه أن المحاكمة أمام محكمة الثورة لن تتم إذا قبل البشير بتسوية الأزمات السياسية بالتفاوض المتكافئ..

في يقيني أن التسوية السياسية المأمولة، و بالصورة المطلوبة، غير متاحة إطلاقا.. لأن مفاجآت المؤتمر الوطني لن تقف عند تمرير مشروع قانون الانتخابات و ما سوف يتبعه من تعديلات في الدستور، بل سوف تتعدى المفاجآت كل ذلك إلى محاولات مستميتة لتقزيم تطلعات أحزاب المعارضة التي تأتي للجلوس معه لتسوية تقي البلاد شر الإنهيار الحتمي!

و سوف يكون قانون الانتخابات الجديد و الإسراع بوضع مشروع تعديلات دستورية جديدة امام البرلمان، بغرض ترشيح البشير، عقبة كأداء في طريق أي إتفاق سلس..

و لن تغيب هذه العوائق عن مدارك المعارضة، إذا كانت جادة في الوصول إلى سلام دائم في السودان عبر تفاوض متكافئ مع نظام أدمن خرق الاتفاقيات المبرمة بينه و بين خصومه..

قد ينجح المجتمع الدولي في الدفع بأحزاب المعارضة و الحركات المسلحة إلى التسوية مع النظام الحاكم؟ لكنه لن ينجح في الحصول على تسوية كاملة بين الفرقاء، خاصة مع وجود أحزاب معارضة و حركات مسلحة تطالب بإسقاط النظام و ترفض حتى الجلوس مع البشير، بينما البشير يتصرف كطفل يتشبث بكل ما تطاله يده!

نعم، لا تسوية دون أن يرتفع البشير إلى مستوى رجل دولة!

osmanabuasad@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى