سيفٌ طريحُ

سيفٌ طريحُ ..شاحبُ اللمعانِ ..منْكسرُ الصليل
ومُطهّمٌ ذبُلتْ على شدْقيّه رائحة الصهيل
وقصيدة مطعونةٌ..
بقيت علىالرمضاء؛ ينزفُ جراحَتها العويل
والفارس العبسى مغلولُ الملامح
فى انهيار المستحيل
وأنا هنا أتوجّسُ التاريخ
وهو مفخخ الأحداث بالزيف الدخيل
يتمرّدُ الدمُ العربُى فىّ
وتصرخ البيداء غاضبة وينتفض النخيل
فليسقط التاريخ ..تسقط كلُ أقلام الرواة
ولتسقط الكلمات..
حين تلوكها بالزيف ألسنةُ الحياة
واضيعةَ العظماء فى قلم المؤرخ
حينما الأقلام تصبح بعض ألعاب الحواة
********
أأبا الفوارس ..من صميمِ الوهمِ جئتُك
حاملاً مجدَ البداوةِ والمضاربِ والقفار
متأبطاً أسطورتين
رضعتُ منهما زهوى
وعادةَ أمتى فى الانتصار
فكفرت بالراوي إذِ اختتمَ الرواية
بانكسارك ..يا عدو الانكسار
أبا الفوارس دع جناح الوهم يكبر
دعه يأخذنى وراء النور ..إن الليل أرحم بالجريحِ من النهار
دعنى دعنى أُكابرُ بالخيال
فما تبّقى من حقيقتىَ القديمةِ
غير ثورة شهريار
سأَتِيه فى قصص الاوائل
أربط الاولى وأخوتها بخيط من دمي
حتى أصوغ بها شعار
وأروح أغرق فيه..محفوفاً بسرب مواجدى
متغلغلاً فى الحالة النوراء
تكنسنى بوهج صبابتى حتى يشفّ بى الستار
من ذروة الأشواق فى جنبيّ
ينطلق اخضرار الوجد
فى سفر سماوى الى أوج اليقين..
وينتهى فى مقلتىّ الاخضرار
لم يبق لى غير التصوّف
يجهض الصلصال من رغباتى الحبلى
ويطلقنى مع الغاز-فى بستان حيرتها-هزار
سأطير أبعد من حدود مشيئتى
فى عمق دالية تحرر درّة الأرواح من سجن المحار
تعبت بحمل الصحو أجفانى
تطلّ متى تطلّ على مصائر قد أضر بها بالجمام
فلا تحنّ الى مغار
أأبا الفوارس..لم يعد خيل المقادير العريقة فى
دمائى..
لم تعد تشقى بمربطها وترتجل التمرد والنفار
فالموريات الحلم
قدحاً فى جلاميد الخرافة
بات يطفئها الغبار
********
أأبا الفوراس..من أقاصى البيد جئتك
حاملا من نبتها العربى
ما سحقته أقدام الرياح
ونحن منذ النبضة الاولى جراح فى جراح
أنا أنت ..أنت أنا ..
وندخل ساحة الجدل العقيم
ونحن لم نبرح يمثّلنا ضميرُ الغائبِ المجهول
فى جمل الكرامات الفصاح
وطن بأكمله
يمثله ضمير الغائب المجهول
فى جمل الكرامات الفصاح
وطن بأكلمه يمثله ضمير الغائب المجهول فى جمل الكرامات الفصاح
ما زلت توّلد كلّ يوم
نبضة منذرة للرقّ
تدخل عالم الالآم من ثقب بجدران النواح
مازلت تصرخ فى قماط الأسر موشوماً بنيران العبوديات
فى كتفيك ..فى الصمصام ..فى الأحلام حتّى
والصبابة والطماح
مازلت تكبر فى مراعى القهر
تحلم حين تحلم
بالقطيع يظلّ فى مرآى عصاك
وبالخيام تظل ترتع فى حماك
وبالحبيبة تُشْعل البيداء أغنية على شفتي هواك ..
وماتزال تنّقبُ الصحراء عن شّيمٍ
تحرّر من هوان اللون جوهرك العزيز المستباح
عبثاً تحاول إذ تحاول ناحتاً من منجم الصحراء إعصاراً
لتكنس هامة الأسياد من زهو النّطاح
هم فرّطوا فى الشمس
إذ بخلوا عليك بومضة منها ..
وشدّوا الأفق بالأقواس خشية أن تطير بلا جناح
هم مشّطوا حتّى دماءكَ
يبحثون عن فتيلِ الوجدِ .. عن قيثارة الإيمانِ عن نبع التمرّد والجماح..
وسيتْعبون ..
فهذه الأسرار أوّل ماتسلّحت الدماء به
وآخر ما تبّقى من سلاح
********
وتطّل أنت من الهضاب المشرفات على هزيمتهم ..
تحاول أن تكرّ فيعثر الإقدام
فى إحساس روحك بالكساح
حتّى إذا اندلقت على خَجَلٍ من الأفواه: ..
“كرّ وأنت حرّ”
مثلما تندلق بأرحام الخنا؛ نُطفُ السفاح
رويّت صدر الحلم من مهج العدوّ
وعدت أكبر فى حسامك ..فى كلامك ..فى غرامك ..فى الكفاح
أسفى عليك فلم تعد الا إلى القدر القديم ..
تحرّر الأغنام من سأم المراح
ما زلت يا ابن زبيبة ما زلت
نادل هذه الحانات فى سلم القبيلة ..
كلّما غلّت روؤس القوم كنت لها السراح
ما زلت فى قفص اتهامك..
ثورة تستنفر العبدان ..
تُنبئُهم بأن تصيبهم فى الأفق
أبعد من حدود العين شاخصةً
وأن الشعر أكبر من معانى البوح
إن الشعر يبرأ فى حقيقته من الشعر المباح
مازلت كلب الحىّ
لكن لم تعد تفتضّ صمتَ الليل فى وجه الضيافة بالنباح
(خمسون عاماً) تائه فى زحمة الألقاب
تشتبك الهموم على فؤادك ؛ والمطامح والرماح
وتهرّول الغارات من كفيّك ..من شدقيّك ..من عينيّك
أحصنة ..قصائد ..أنجماً ..أودعتّهم أمناً عند الصباح
لكن إلى أين انتهيت
وأنت تجترح النضال ليملك الأنسان جيده خمسون عاماً والصهيل يمور فى وهج الصليل
فترتوى بهما القصيدة
وتروح تعزفها بسيفك
غضبةً ملء الفيافى
تنفث الرحق الوقيده
كنت الصبابه فى بنى عبس
ليالى أدمنوا السلوان ..
كنت المجد لو عرفوا طريق المجد فى إيمانك العربي ..
كنت الصوت ..
لكن صادرتك الريح من أفق الإذاعة والجريدة
ووراء وجهك ألف خيط من ضمائرهم يُحَاك
مكيدة تتلو مكيدة
طعنوك بالبوح الصفيق
فغاص رمح الغدر فيك
إلى أن اخترق القصيدة
يا من وهبت الحرف نبضك ..إنهم قطعوا وريده
يا من وهبت السيف بأسك
إنهم خانوا حديده
خانوك.. خانوا آخر الشرفات
في آفاق ذاكرة الفداء
ولواؤك انتهكوه ..
مصبوغاً بألف شهية سوداء
تُحسِن كيف تنتهك اللواء
واستأصلوا من ذكرياتك
كلّ خاطرة تحاول أن تشّق لها فضاء
والآن تم المشهدُ الصوفىّ
وانسدلت بوحدتهم الستار ..
فيا حلاج حان وقت الكشف
إن العشق قد بلغ الفناء
وتجلّت الغيابات يا أهل الطريق
فلم يعد للّغزِ ذوق بعدما انكشف الغطاء
أأبا الفوارس ..هذه ذبيان مما تيّمت عبسا
توحدّت الدماء مع الدماء
أما عبيلة ..آه من تلك العبيّله
لم تزَلْ فى سْبيِها الأزلى
يصهرها عذاب البعد فى لهب الحنين الى الجلاء
وخباؤها ..نار الكليم
هناك آنسها الذين استلهموا منك الإباء
شقوا اليها عتمة الوادى
فنودوا من أقاصى النار فى ذاك الخباء:
يا سالكون توغلوا فى الوجد أعمق
تجتلوا المحبوب..
إن العمق أرفع قمّة للاجتلاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى