زيدان.. (ديمومة) النجومية!.. بقلم احمد دندش

السودان اليوم:

هزَّتني صورته وهو يخضع لتلقِّي العلاج قبيل وفاته بأيام.. كانت نظراته تتجول في فراغات تلك الغرفة التي يتمدَّد فيها جسده النحيل.. قبل أن تنساب دمعة من عينيه وتسقط على جلبابه الأنيق.. فتتمدد على ثنايا خيوطه وترسم لوحة تضج بالألم.. يحاول برفق أن يداري تلك الدموع ويرسم ابتسامة حزينة على شفتيه؛ فالرجل طوال حياته لم ينكسر لأي شخص.. ولم تعرف دموعه الانكسار كذلك، إلا عند فقده لوالدته التي جمعته بها علاقة صداقة قبل أن تكون علاقة ابن بأمه.. تعلو الغرفة أصوات طرقات خفيفة.. قبل أن يدلف إليها بعض أصدقائه ومعارفه.. يسأله أحدهم بلهفة: (أها.. الليلة كيف.؟).. فيبتسم رغم آلامه ويجيبه بثبات الجبال: (تمام الحمد لله).. رغم أنه لم يكن كذلك.
وأنا إذ أتحدث عن شخصية مثل تلك.. فبكل تأكيد أعنى بها (زيدان إبراهيم).. ذلك الفنان الذي شغل الناس.. وضمد مشاعر العشاق.. وألهم ألسنة المحبين فصارت تردد أغنيات الحب والطمأنينة والسلام.. ذلك الفنان الحقيقي الذي رحل بهدوء.. بعد صبر جميل على ابتلاءات المرض وعلى آلام الجسد.. رحل (زيدان) وعلى شفتيه ابتسامة قلَّ أن ترتسم في ظروف مثل تلك.. رحل (فراش القاش).. وتيتمت من بعده أزهار الإبداع.. اقتطع زيدان تذكرة الرحيل على متن قطار الفجيعة.. ولوح بمنديل الوداع لأحبته.. الذين بكوه بدموع من دم.. وودعوه بمناحات الفقد والجلل والأحزان.
وتمر الأعوام على الرحيل المرير، وحتى اليوم لازالت تعاود صور وذكريات زيدان إبراهيم وتغزو الصحف من جديد وهي تقف في محطة الذكرى لرحيل ذلك الأسمر النحيل صاحب الصوت الاستثنائي والبصمة الفنية التي لن تتكرر، و(ثبات) نجومية زيدان -في حياته وحتى بعد مماته- هو درس مجاني يجب أن يستفيد منه كل الفنانين، خصوصاً أولئك الذين لن يفتقدهم الجمهور حتى وإن سافروا للخليج، ناهيك من الرحيل الأبدي.
قبيل الختام:
لعل آخر ما تبقى من رائحة زيدان إبراهيم لدينا هي تلك الأغنيات التي تركها لنا.. والتي يجب أن نحافظ عليها بعيداً عن متناول بعض (صبية الغناء)، والذين لا قبل لهم بأدائها.. ومسؤولية هذا الأمر ينبغي أن تتولاها الجهات الثقافية والإبداعية في هذه البلاد.. واتحاد المهن الموسيقية على وجه الخصوص.. فنحن يمكن أن نصبر على قضاء الله برحيل زيدان.. ولكننا لن نصبر على من يشوهون أغنياته ولن نرحمهم على الإطلاق.
شربكة أخيرة:
إنت مابرضك حبيبنا.. والحنان الفي قلوبنا.. أصلو نابع من عيونك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى