رجوع الأموات بعد الممات … لمعاقبة من محض الظلم محضاً في الحياة

كتبت هذا التحليل في البحث البسيط عن الرجعة بمناسبة المولد الأغر لأمامنا المنتظر الحجة بن الحسن صلواة الله وسلامه عليهم ومنقذ البشرية من الهلاك إلى الأمان ، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد إن مليئت ظلماً وجوراً ونسألكم الدعاء ، وأن يجمعنا المولى القدير تحت لوائه والأستشهاد بين يديه
وأفاق تجلت لمعهودٍ ، تحيا به القلوب ، وترتغف منه العقول درراً ، وترسمه اللمى شموخاً وزهواً ببهاء أطلالته الرشيدة والعاقبة للمتقين

بسم الله الرحمن الرحيم

وَأَشْرَقَتِ الأرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيء بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ

الأهداء

إلى من أرتقاه الصدق من سنن الأولين وأرساه في فيحاء الذات وسقاه النبل والأخلاص ليحيا في قلوب المتقين

إلى من نظر إلى أحقية الورى في منزلة الولاية فعتصر قلبه كمداً للآل وأشرئبت أوداج المنى ليوم آت ومحال لقوم لايستبصرون

إلى من نبذ التشفي في أجحاف حق الغير وسار على أواصر المودة في القربى أمتثالأً لأوامر مولاه وموالاة لمحبيه

إلى من تمحص الأشياء قبل الولوج في محاكاة الأنام والأنقياد خلف قرائن الترهات ومهالك النزوات

المقدمة

إن كل مؤمن يتسم بصفات التقوى ومناهل النبل وفيوضات الورع التي تستوجب عليه قوة الأيمان ورصانة البنيان من خلال التمسك بأصول الدين وعقيدة الوجود لواجد الوجود من العدم أيس الأيسات ، ولايستقيم ذلك الوجود إلا به

فيستوجب عليه التأني في سرد الحقائق التي أقتبسها من القرآن الكريم والسنة النبوية ومراعاة مناهجة المختلفة في التفسير والخوض في تبني المسار الصحيح للعبادة من خلال منحى مفهوم التنزيل والتأويل ولحاظ الحقب التي أندرست فيها هذة النصوص ومن قام بالتنزيل ومن وكل بعدئذ بالتأويل وهل تعتبر معرفتها أصولها وفروعها واجب تعبدي

ولونبعث عن مفهوم الرجعة أنها بعث موقوت في الدنيا ومحدود كمّاً وكيفاً ، ويحدث قبل يوم القيامة التي تندرج ضمن فروع الدين لدى الأثنى عشر نجدها من الأعتقادات الأساسية المتفرعة عند الأمامية ولها أرتباط مباشر بالأمامة وفي أصول الدين كالنبوة والميعاد وقال بعض العلماء لها علاقة بالتوحيد وتعتبر من العلل في أثبات علة العلل ، وسبب أرتباطها ببعض أصول الدين كالميعاد والنبوة لأنها أمر خارق ولايدركة العقل وهي من معجزات الرسول صل الله عليه وآله ومن الفروع المناط معرفتها في ظهور المهدي عجل الله فرجه الشريف

وجهات الشبهة والأختلاف بين الميعاد والرجعة

وبلحاظ إن الميعاد نوع من رجوع الموتى من قبورهم بعد الموت للحشر ونسميها بيوم القيامة أما في عالم الدنيا نطلق عليها الرجعة ، وإن المفهومين الميعاد والرجعة هنا رجوع الروح إلى نشأة جسدية ، ولكن يوجد أختلاف بينهما

أولاً : إن الميعاد يوم القيامة وإن الرجعة بعالم الدنيا هذا من ناحية

ثانياً : ويعتبر في الميعاد جملة وتفصيلا رجوع جميع الأنام يوم القيامة للحساب ، أما في موضوع الرجعة رجوع جملة من الناس إلى الدنيا

ثالثاً : يعتبر الميعاد من أصول الدين أما الرجعة من الأعتقادات المتفرعة عند الأمامية

رابعاً : أن منكر الميعاد كافراً عند المسلمين ، أما الرجعة تعتبر من ضروريات المذهب عند الأثنى عشر كالأمامة والعدل والرجعة

خامساً : أئتلاف الزمان والمكان في حيز يوم القيامة بالنسبة للمعاد وأختلاف التزامن في الرجعية بيد إن الرجعة زمانها يسبق الميعاد

بمشيئة الله سبحانه وتعالى

المبحث الأول

ماهو المقصود بالرجعة

الرجعة لغةً : هي العودة
الرجعة أصطلاحاً : هي عودة جماعة من الأموات بصفات معينة من عالم البرزخ إلى عالم الدنيا عند ظهور الموعود الأمام الحجة عجل الله فرجه الشريف بمعني رجوع الحجج الالهية و رجوع الائمة الطاهرين و رجوع ثلة من المؤمنين و غيرهم الى الدنيا بعد قيام دولة المهدي عجل الله فرجه الشريف

المقصود بالرجعة على سبيل الأطلاق اللفظي أوالأستغراق الزماني للحدث الموعود منه تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم والرجعة عودة جماعة من الناس قد وصفهم الله بالأيمان والتقوى وآخيرين نقيض ذلك تماماً كما صرحت به الروايات ويتم الرجوع لهولاء الأنام الجسد مقترن بالروح لأمر آلهي قد أستوجب الأنتظار له والتأمل بماهية حدوثه مستقبلا بأرادته وتقدره

المبحث الثاني

من هم الذين يرجعون

قول الصادق عليه السلام 🙁 ليس أحد من المؤمنين قتل إلا ويرجع حتى يموت ولا يرجع إلا من محض الأيمان محضاً ومحض الكفر محضاً )
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد) سورة الأسراء آية ٥

و روى الطبرسي في (مجمع البيان) عن الباقر عليه السلام قال : ( كل قرية أهلكها الله بعذاب فأنهم لا يرجعون ) إلا إذا كان لهم قصاص كما لو قتلوا ظلما و لم يكونوا ما حضين للإيمان أو الكفر فأنهم يرجعون مع قاتليهم فيقتلوا قاتليهم و يعيشون بعد إن يقتصوا منهم .. ثلاثين .. ثم يموتون في ليلة واحدة . و هو الحشر الأول الذي أشار إليه سبحانه بقوله : ( ويوم نحشر من كل امة فوجاً ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون ) سورة النمل آية ٨٣
و هو قول الصادق : عليه السلام و الدليل على إن هذا في الرجعة قوله تعالى ( و يوم نحشر من كل امة من كل امة فوجاً ممن يكذب بآياتنا) قال: ( الآيات أمير المؤمنين و الأئمة عليه وعليهم السلام )

المبحث الثالث

لماذا يرجع

الهدف الأول : من الرجوع

قد يسأل البعض الذين يستبصرون لماذا الرجعة من الواضح إن الله لايحيف حق عبد من عباده وإن الله يريد أن يذيق العذاب في الدنيا للذين محضوا الكفر محضاً قبل العذاب الأخروي على يد الورى في الدولة الأسلامية الكبرى والتي تسمى دولة الأمام المنتظر صلوات الله وسلامه عليه لكي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مليئت ظلماً وجوراً كما قال سبحانه وتعالى ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر والمعنى المقصود به في العذاب الأدنى أي عذاب الدنيا عند الرجعة

الهدف الثاني : من الرجوع

من الذين سوف يرجعون الذين محضوا الأيمان محضاً فالمراد من رجوعهم إلى الدنيا على أنهم ذاقوا الظلم على مستوى الجزع والكمد من الذين محضوا الكفر محضاً والله يريد أن يكافئهم على أيمانهم وتقواهم وجهادهم ومالحقوه من الأذى في سبيل الله ومشيئة الله أقتضت أن يريهم عدله في الدنيا لكي تقر عيونهم وتفرح قلوبهم في دولة أسلامية كبرى يحكمها الأمام المهدي عند ظهوره عجل الله فرجه الشريف
وهذا الأمر من أمل الأنبياء وطموح الأوصياء والأولياء ولايتحقق هذا الأمل إلافي خاتمة عالم الدنيا وهذا من مستلزمات عاقبة المتقين والأصفياء الأبرار وبوجود دولة المرجوة لصاحب الأمر عجل الله فرجه الشريف

الهدف الثالث : من الرجعة

من البديهي إن الله ذكر في كتابه العزيز أظهار آية من آياته للطرفين للمؤمنين وإن وعد الله حقا ، وإلى المارقين الذين محضوا الكفر لكي يؤمنوا بأن هذا أظهار آية من آيات الله العظمى وتكريماً لهم وجزاء لهم لما عملوه في دار الدنيا من الجهاد والأيمان المحض في أرضاء الله سبحانه وتعالى

الهدف الرابع : من الرجعة

لدينا كثير من الامور فى عالم التكوين والتشريع. لم يتضح لنا الغرض والهدف منها وهذا ليس معناه انه لم يكن فيه غرض فليكن هذا منه

الهدف الخامس : من الرجعة

ترغيب و تشجيع للسير نحو الكمال والالتزام بتعاليم الدين الحنيف، كى يوفق بلقاء المعصوم في الدنيا .كما انه تحذير للمنافقين والظالمين ليرتدعوا عن غيِّهم وضلالهم قبل أن يبتلوا بعذاب الدنيا قبل الآخرة و هناك نقاط وجهات أخرى تركناها رعاية للاختصار.

المبحث الرابع

ماهي الأدلة على الرجعة

من الأدلة الواردة عن مفهوم الحيقيقي للرجعة كثيرة ولكن هنا نستطرق الأدلة التالية

الأدلة العقلية من الممكنات الوجودية في حيز الوجود الفاني

الأدلة القرآنية على مصطلحين التنزيل بالنص والتأويل بالتفسير
الأدلة النقلية بلحاظ السنة النبوية الشريفة بجميع أنواعها

أولاَ : الأدلة العقلية

لوتفحصنا جميع الممكنات من حيث أحتمال الوقوع بدون تعارض من العقل البشري والمستحيلات التي لايحتمل وقوعها مطلقاً ولو علي سبيل المثال ، لوجدنا إن موضوع الرجعة من الممكنات المستفيضة المعنى في حصول الدلالة الأدراكبة لها وهي من أمارات الأعجاز القرآني ولأختبار الأيمان وهي حقيقة واضحة للمخبتين ونستعرض هنا المستحيلات وهي أربعة ويستحيل وقوعها ولوأحتمالاَ لكي نبينها ونعرف هل إن الرجعة تندرج تحت هذه المسميات أوأنها مفردة من هذه المفردات التي يستحيل وقوعها أم لا إنها من المرجحات الوقوع في دار الدنيا وهي

أجتماع النقيضين

من المعقول إن النقيضان لايجتمعان ولايرتفعان وهذا مسلم لجميع العقلاء بدون أي أعتراض مثال ذلك كوجود زيد وعدم وجوده في آنٍ واحد أي وجوده وعدمه في نفس الزمان والمكان ، وكذلك لايرتفعان حيث أنك عندما تقول لاسلب ولاأيجاب

التسلسل

أما بالنسبة للتسلسل لاتستطيع أن تبرهن وتقول تستمر حلقة العلل والمعلولات إلى مالانهاية وهذا ليس من الممكنات لأن كل تعليل له علة أما تكون وجودها مادي وتعتبره من المحسوسات المادية ، أو وجودها معنوي لاتدركه العيون بالأبصار ولكن تراه القلوب بحقائق الأيمان ومخلوقاته برهان على واجد الوجود ، وإن السلسلة وقفت عند الخالق جل وعلا وتسمى علة العلل الحقيقة المطلقة وعندما تسأل لماذا لايقال أستناد المحتاج إلى الأيجاد إلى محتاج مثله إذا أستمر إلى مالانهاية فهنا تدرك إن علة العلل قائمة بذاتها ودليله موجوداته التي لها العمق الزماني في وجودها المادي ، وإن أستمرار هذه السلسلة بلحاظ المعنى تعني عدم الوجود البته ولأن الله مابعده علة ولوكان له علة لكان الوجود وعدمه شئ واحد أي وجد الوجود من الصدفة وهذا ضرب من المحال

الدور

وهنا نحن نسرد بعض الأمثلة عن الدور نقول مثلاً أ من ب وكذلك ب من أ وهذا لاتتوفر فيه مقومات الأمكان كالنشأة والتكوين ومن اللازم أن تكون العلة لشئ غير معلول لذلك الشئ لأن الواجد يسبق العدم أي العلة تسبق المعلول فمن الناحية الأدراكية لملكة العقل نستدل على إن الرجعة ليست من المستحيلات ووارد حدوثها في أي زمان ، كما حدثت في الأمم السابقة الجسم البشري بعد تفسخه يعود إلى عالم الدنيا ، وهذا لاتدركه كل الالباب وخلاف العادة وليس خلاف العقل ومن الممكن حدوثها عند ظهور الحجة عجل الله فرجه الشريف
ونستدل بذلك فليس من العادة أن يحلق الأنسان إلى السماء الدنيا في زمن لاتتوفر مقومات الطيران كالتكنلوجية المعروفة ، كما حدث للنبي محمد صل الله عليه وآله عندما عرج إلى السموات السبعة ومن أيات الله العظمى إنشق القمر للرسول صل الله عليه وآله هذا ماحدث في عصر الأسلام
ولكن أيضاً وقعت في عهود ماقبل الأسلام ، فليس من العادة أنشقاق اليم لموسى عليه السلام ونجاه الله من فرعون ومواليه ، وكذلك ليس من العادة إن تكون عصا موسى ثعباناً ولكنها صارت حية تسعى وهناك كثير من المعجزت خرقت العادة وهي تسديدا للرسول وكرامة لأوليائه

أجتماع المثلين

بيد إن المثلان لايجتمعان مطلقاً وهنالك أمثلة على ذلك منها أنت موجود في هذا المكان المعين وموجود في بيتك تزامناً في الزمان والمكان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى