أضحكهما كما أبكيتهما
[b]عن عبد الله أبن عمرو رضي الله عنه قال :
جاء رجل الي رسول الله صلي الله عليه وسلم
فقال : جئت أبايعك علي الهجره وتركت أبوي يبكيان
فقال صلي الله عليه وسلم : (أرجع اليهم فأضحكهما كما أبكيتهما ).
من روائع هذا الدين تمجيده للبر حتي صار يعرف به ، فحقا أن الأسلام دين البر الذي
بلغ من شغفه به أن هون كل صعب علي أبنائه في سبيل أرتقاء قمته العالية
فصارت في رحابة أجسادهم كأنهم في علو من الأرض وقلوبهم معلقة بالسماء
وأعظم البر (بر الوالدين) الذي لو أستغرق المؤمن العمر كله في تحصيله لكان أفضل من الجهاد
الأمر الذي احرج أدعياء القيم والأخلاق في دول الغرب فجعلوا له يوم واحد في العام
يردون فيه بعض الجميل للأبوة المهملة بعدما أعياهم أن يكون من الفرض منهم
بمنزلة الدم والنخاع كما عند المسلم الصادق قال تعالي :
( وقضي ربك ألا تعبدوا الا اياه وبالوالدين أحسانا أما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما
فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهم قولا كريما وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة
وقل ربي أرحمهما كما ربياني صغيرا )
بهذه العبارات الندية والصور الموحية يستجيش القرأن الكريم وجدان البر والرحمة
في قلوب الأبناء ، ذلك أن الحياة وهي مندفعة في طريقها بالآحياء توجه أهتمامها القوي
الي الأمام الي الذرية الي الناشئة الجديده الي الجيل المقبل وقلما توجه اهتمامها
الي الوراء الي الأبوة الي الحياة المولية الي الجيل الذاهب ! ومن ثم تحتاج البنوة الي استجاشت وجدانها بقوة لتنعطف الي الخلف وتتلفت الي الأباء والأمهات
أن الوالدين يندفعان بالفطرة الي رعاية الأولاد الي التضحية بكل شئ حتي الذات
وكما تمتص النابته الخضراء كل غذا في الحبه فا اذ هي فتات ، ويمتص الفرخ كل غذاء في البيضه فأذا هي قشر ، كذلك يمتص الأولاد كل رحيق وكل عافية وكل جهد وكل أهتمام
من الوالدين فأذا هما شيخوخة فانية – أن أمهلهما الأجل – وهما مع ذلك سعيدان !
فأما الأولاد فسرعان ما ينسون هذا كله ويندفعون بدورهم الي الأمام الي الزوجات
والذرية وهكذا تندفع الحياة ومن ثم لا يحتاج الأباء الي التوصية بالأبناء أنما يحتاج هؤلاء الي استجاشة وجدانهم بقوة ليذكروا واجب الجيل الذي أنفق رحيقه كله حتي أدركه الجفاف !
وهنا يجئ الأمر بالأحسان الي الوالدين بصورة قضاء من الله يحمل معني الأمر المؤكد
بعد الأمر المؤكد بعبادة الله ثم يأخذ السياق في تظليل الجو كله بأرق الظلال وفي أستجاشة الوجدان بذكريات الطفولة ومشاعر الحب والعطف والحنان ( أما يبلغن عندك الكبر أحداهما او كلاهما ) والكبر له جلاله وضعف الكبر له أيحائه وكلمة (عندك ) تصور معني الألتجاء والأحتماء في حالة الكبر والضعف (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ) وهي أول مرتبة من مراتب الرعاية والأدب
ألا يند من الوالد مايدل علي الضجر والضيق وما يشي بالأهانة وسوء الأدب
(وقل لهما قولا كريما ) وهي مرتبة أعلي أيجابية أن يكون كلامه لهما يشي بالأكرام
والأحترام ( وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة ) وهنا يشف التعبير ويلطف ويبلغ شغاف القلب
وحنايا الوجدان فهي الرحمة ترق وتلطف حتي لكأنها الذل الذي لا يرفع عينا ولا يرفض أمر
وكأنما للذل جناح يخفضه أيذانا بالسلام والأستسلام ( وقل ربي أرحمهما كما ربياني صغيرا )
فهي الذكري الحانية ذكري الطفولة الضعيفه يرعاها الوالدان وهما اليوم في مثلها من
الضعف والحاجه الي الرعاية والحنان وهو التوجه الي الله أن يرحمهما فرحمة الله أوسع
ورعاية الله أشمل وجناب الله أرحب وهو أقدر علي جزائهما بما بذلا من دمهما وقلبهما
مما لايقدر علي جزائه الأبناء
الويل كل الويل لعاق والديه والخزي كل الخزي لمن ماتا غضابا عليه أف لك هل جذاء المحسن الا
الأحسان اليه أتبع الأن تقصيرك في حقهما أنينا وزفيرا ( وقل ربي أرحمهما كما ربياني صغيرا )
كم أثراك بلشهوات علي النفس ولو غبت ساعه صارا في حبس حياتهما عندك بقايا شمس ،
لقد رعياك طويلا فأرعاهما قصيرا (وقل ربي أرحمهما كما ربياني صغيرا ) كم ليلة سهرا
معك الي الفجر يدار ينك مداراة العاشق في الهجر فأن مرضت أجريا دمعا لم يجرا ، والله لم يرضيا
لتربيتك غير الحجر سريرا والكف وسادة يعالجان أنجاسك ويحبان بقاءك ولو لقيت منهما أذي
شكوت شقائك ، وما تشتاق لهما أذا غابا ويشتاقان لقاءك كم جرعاك حلوو وووووووو
وجرعتهما مريررررررررره
[/b]تحب أولادك طبعا فأحب والديك شرعا وتذكر أصلا أنبت لك فرعا ،
وتذكر طيب المرعي أولا وأخيرا (وقل ربي أرحمهما كما ربياني صغيرا )