من سوق أم دفسو إلى مول عفراء، باللفة! .. بقلم: عثمان محمد حسن

السودان اليوم

* مسميات سوق أم دفسو تختلف باختلاف موقع السوق فى بقاع السودان المهمشة الطاردة للسكان إلى أطراف المدن الكبيرة بحثا عن حياة أفضل..

* هناك وزراء و برلمانيون و متنفذون دخلوا الوزارة و البرلمان و احتلوا أرفع المناصب (باللفة..) و كان بينهم و بين سوق أم دفسو علاقة حميمة.. (و لما نالوا مرماهم) انقلبوا على سوق أم دفسو و على مرتادي السوق و ارتبطوا بعلاقة وثقى بالتبضع في مول عفراء و المولات المترفة الأخرى.. و أسواق الخليج!

* لصوص ( الانقاذ) يسرقون و ينهبون في وضح النهار.. و الكل يراهم.. و البذخ شعارهم!

* أما تراهم ينافسون بعضهم في المسكن و المأكل و المشرب و الزيجات مثنى وثلاث و رباع و اكتناز الدولار و الريال و اليورو..؟ أما تراهم يقيمون احتفالاتهم ببذخ من يتحدى الفقر.. و يلزمون أنفسهم بما لا يلزم من الصرف و اللعب في دوريات القطط السمان و التماسيح العشارية في ميادين نهب أموال البلد؟

* يستحيل فطام من دخلت عليه النعمة فجأة.. و احتضنها لدرجة إدمان التبضع في أرقى المحال التجارية و الاستمتاع بالحياة في الغرف المكندشة و ركوب الفارهات و العلاج في الخارج عند الإحساس بأخف وعكة في البدن..

* إعترض النائب حسن صباحي عضو البرلمان على قرار الحكومة تقليص عدد المحليات.. فأعلن صراحة: “نحن ضقنا الحكم لو قلعتوهو مننا بنبكي و بكانا شين”!!

* ذاك تهديد واضح للحكومة كي تتراجع عن قرارها الخاص بتقليص المحليات، و إلا فسوف يتمرد كل من لحق به الضرر.. و سوف يحاربها جميع المتضررين المتمردين بلا هوادة حتى ترضخ و ترسم معهم خارطة طريق تعيدهم إلى الحكم الذي تذوقوا حلاوته، و ضمهم إلى حكومة ( نفاق) وطني جديد و گأن حربا لم تقع و كأن وقودها لم يكن عدد من الشهداء و كثير من الفطائس.. و الله أعلم بالشهداء و بالفطائس بين الذين قضوا!

* مساكين هم مرتادو أسواق أم دفسو.. فمن على ظهورهم يتسرب أمثال النائب صباحي إلى المناصب الرفيعة ( باللفة) و ينتقلون إلى التبضع في مول عفراء دون أن يمكثوا في المنطقة الوسطى بين السوقين إلا قليلاً.. و يرتمون بكلياتهم في المولات و الأطعمة التي تنفخ الأوداج و الكروش و تلمع الوجوه بلا دهان.. و على ذلك يفارقون أهليهم (فراق الطريفي لي جملو!)

* و كلما ازداد عدد الأثرياء الجدد عبر سرقة أموال البلد، كلما تنامى عدد الفقراء الجدد في المدينة.. و زحفت أسواق أم دفسو من الأطراف المهمشة إلى عمق أعماق المدينة و الناس نيام.. و تتسع دائرة المهمشين و الناس نيام.. و تنتشر ظاهرة (قدر ظروفك) في كل مكان و الناس نيام..

* الفقراء الجدد ينسون كرامتهم.. و الأثرياء الجدد ينسون فقرهم بعد أن اكتسبوا حاسة النظر الدائم إلى الأعلى.. و اكتسبوا مناعة ابعدتهم عن الإحساس بأوجاع الواقفين على صفوف الخبز و الباحثين عن كيس دقيق في أسواق أم دفسو..

* و تمر الأيام و الأثرياء يأكلون.. و الفقراء يتضورون جوعا.. و الفقراء صامتون و كأنهم مخدرون.. يتنازلون ويتنازلون..و يعرقون و يعطون الأثرياء من عرقهم، يعطون بلا حدود للعطاء..

* تلك إرادة الأقوياء يملونها على الفقراء الذين أدمنوا الذل و المهانة و هم يغنون أن: ” نحن ما بنقدر نجابه المستحيل!”

* لكن هل ما يحدث في السودان الآن ” ما بنقدر نجيب ليهو بديل؟!”

* نقدر و نقدر ثم نقدر ان نأتي بالبديل، إذا عرفنا حجم المأساة و تأثيرها على الأجيال القادمة.. و إذا داوينا ما بأنفسنا من شقوق و صدوع.. و حركنا ما بدواخلنا من براكين نائمة.. و أعلنا رفضنا لوصاية اللصوص علينا و على أقدارنا..!

osmanabuasad@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى