د.قطبي المهدي:المشكلة الاقتصادية هي مشكلة ادارية من الدرجة الأولى

السودان اليوم:

قطبي المهدي، واحد من أشهر الإسلاميين الذين برزوا في بواكير الإنقاذ وحتى منتصفها، غير أنه مؤخرا غاب عن المشهد السياسي وفضل الابتعاد، فالرجل يعد من القيادات البارزة التي تستطيع أن تجد عندها تحليلات ضافية فيما يخص قضايا الساحة السياسية، (الإنتباهة) طافت معه حول عدد من القضايا والملفات، فكانت إفاداته ساخنة عبر فيها الرجل عن آراء قوية تتعلق بجملة من المسائل السياسية والاقتصادية، أبرزها قضايا السلام والوفاق السياسي عبر مشروع الحوار الوطني، كما تطرق الحوار مع دكتور قطبي إلى أسباب تواجد رئيس الحزب الاتحادي الأصل محمد عثمان الميرغني، ورئيس حزب الأمة بالخارج، هذا إلى جانب قضايا أخرى مما تشكل هماً عاماً، فإلى مضابط الحوار:
> كيف يقرأ د.قطبي المشهد السياسي الحالي في ظل المتغيرات التي طرأت علي المعادلة السياسية في كثير من المحاور؟
< ليس هنالك تغيير واضح في المشهد السياسي، ولكن الشخص يحتاج الى قراءة احتمالات المستقبل القريب، وكما تعلم منبر الدوحة فتح مرة اخرى بجهود من الوساطة القطرية والحركات المسلحة التي كانت ممتنعة في السابق عن الحوار ووافقت ان تستنأف تفاوضها مع الحكومة والذي يأتي في ظروف متغيرة ، وأما الوضع في دارفور هادئ والرئيس في زيارته الأخيرة مر على أماكن عديدة في دارفور في وقت بدأت التنمية والخدمات منتشرة بشكل واضح وعودة النازحين الى مناطقهم الى جانب ذلك بدأت المفاوضات مع الحركة الشعبية قطاع الشمال وحتى المنشقين، وكذلك الذين فقدوا مواقعهم بالحركة أصبحوا على قناعة بجدوى العمل السياسي واتجهوا الى المعارضة السلمية، وهنا أقصد مجموعة عرمان وعقار واعتقد أن رجوع الصادق الآن وهو رئيس قوى نداء السودان له ظلال أكثر من عودته السابقة خاصة في لندن أعلن انه سيأتي وبعدها سيذهب ليقيم في لندن ان صح هذا الخبر، وانه وصل الى قناعات نهائية بمستقبله السياسي وعلاقته مع النظام والمعارضة.
> إقامة المهدي في لندن كما ذكر في رأيك هل هو بمثابة اعتزال للعمل السياسي؟
< هو صرح أكثر من مرة بأنه سوف يسلم رئاسة حزبه لغيره ولا يعني إقامته في لندن انتهاء اهتمامه بالسياسة، ولكن ربما يكون ذلك تأكيدا لتصريحاته السابقة بان يسلم رئاسة الحزب لجيل جديد ويبتعد بدوره كمفكر سياسي أكثر من ناشط سياسي.
> كيف تقيم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني حتى الآن؟
< أعتقد ان كل هذه التطورات نتجت بإسهام كبير من الحوار الوطني، واعتقد انه بما يحدث الآن الحوار قدم فائدة للمشهد السياسي جزء من القوى السياسية انخرطت في الحوار بل ذهبت الى أكثر من ذلك وجزء في المعارضة بات في إطار النشاط المعارض السلمي وجزء آخر في الحركات المسلحة قبلت ان تتفاوض مع الحكومة من أجل وضع السلاح والانخراط في العمل السياسي وكله بتأثير من الأجواء التصالحية التي انبثقت من سياسة الحوار.
> ما تعليقك على أداء رئيس الوزراء معتز موسى؟
< جيد جداً, صحيح أننا لا نستطيع ان نقول إنه أحدث تغييرا جذريا ولكن الانطباع الذي أعطاه للرأي العام بانه شخص جاد جدا ومستعد لاتخاذ القرارات الصعبة وحريص على إحداث التغيير والوصول الى جذور المشكلة.
> الأوضاع الاقتصادية الحالية في حاجة ماسة لإرادة سياسية، هل تتفق ووجهة النظر هذه؟
< أعتقد أن هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن ان يحدث تغييرا في الأوضاع الاقتصادية، والمشكلة ليست في السياسات والبلاد مليئة بالعقول التي تضع سياسات لمخاطبة الأزمات الموجودة، ولكن المشكلة في الادارة التي تعاني من أمراض كثيرة لا يمكن ان يتغير إلا بمواجهة حاسمة جدا وكل السياسات مهما بلغت من الصحة لن تنتهي الى شيء ما دام الجهاز التنفيذي يعاني هو نفسه من تسيب وفشل. وهذه الأشياء التي تحبط أية سياسة مهما كانت جيدة وهذه هي أس المشكلة، وهي تحتاج الى إرادة سياسية قوية وجراحات مؤلمة وهذا ما ننتظره.
> في نظرك إلى ماذا يحتاج رئيس الوزراء ليعبر بالبلاد من الأزمات الاقتصادية؟
< المشكلة الاقتصادية هي مشكلة ادارية من الدرجة الأولى، والموارد من أجل تنميتها وتضع سياسة جيدة لاستثمارها تحتاج الى ادارة جيدة .
> المعارضة اليسارية لم تعد ذات تأثير يذكر، إلى ماذا تعزو تراجعها؟
< المعارضة اليسارية في الماضي كانت تبشر بشعارات معينة الاشتراكية والتأميم والاتحاد السوفيتي والمنظومة الشيوعية ستقف معنا ضد أمريكا وهذا لم يعد موجودا لم تعد الاشتراكية كما كانت شيئاً جاذباً للجماهير، ولم يعد للاتحاد السوفيتي ولا المعسكر الشيوعي وجود ولم تعد روسيا معسكرا مختلفا عن الغرب الاستعماري، وبالتالي هم فقدوا كل هذه الوعود وأصبحوا في ذاكرة الشعب يمثلون أبشع تجربة عشناها في اوائل السبعينات والعالم العربي كله، ولذلك ليس هنالك تعاطف مع شعارات اليسار وانتظار لوعوده القديمة.
> إلى اي مدى يمكن أن نشهد تغيرات على مستوى التفاوض فيما يتعلق بالمنطقتين خلال الفترة المقبلة؟
< الحركة الشعبية بالمنطقتين موقفها ضعيف وليست هي وحدها بالمنطقتين التي تمثل تطلعات اهل المنطقة والذين طالبوا وما زالوا يطالبون بالخدمات والتنمية والتمثيل السياسي من غير الحركة الشعبية أصبحوا في موقف أقوى لانهم لم يسهموا في دمار المنطقتين وتعطيل التنمية، وهم أكثر مصداقية ولم يمثلوا مصالح اية جهة أجنبية . وثانيا ماذا تريد الحركة الشعبية ان تقول في تفاوضها مع الحكومة، هل تتحدث عن تنمية المنطقتين أم الخدمات ام تمثيل ابناء المنطقتين بالحكومة والأجهزة التشريعية وهذا موجود ولا تزال الحكومة تعمل في هذا الاتجاه، كما ثبت في منطقتي دارفور وشرق السودان والرأي العام بالمنطقتين الآن يعلم ان الطريق الى التنمية والخدمات هو الاستقرار السياسي وليس الحرب، والطريق الى التمثيل السياسي هو الاستعداد لـقيادة المنطقة في اتجاه العمل السياسي وليس الحرب، وبالتالي الحركة الشعبية بانتهاجها لأسلوب الحرب والتخريب والإرهاب ليست مؤهلة لقيادة المنطقتين.
> ما رأيك في الجدل الواسع الذي صاحب قانون الانتخابات الذي أجيز خلال الفترة الماضية؟
< الذي ظهر أن هناك اتفاقا تاما حول القانون بكل مواده عدا مادة واحدة تتعلق بفترة الاقتراع هل تكون 3 أيام ام يومين وهذه أخذت حظها من الحوار، وكما تعلم تأجل البت فيها اكثر من يوم بالمجلس الوطني أملا في الوصول الى توافق حولها وبعد ان وصل الناس الى طريق مسدود على هذه النقطة بالذات، كان لابد من إجازة القانون لان المسألة مرتبطة بتواريخ وآجال.
> بعض التيارات السياسية اعترضت على إجازة القانون ومنهم مبارك الفاضل المهدي؟
< التوافق 100% على كل شيء في القانون مستحيل، واذا كان الناس اتفقوا على كل المواد عدا مادة واحدة فهذا شيء جيد جداً.
> ما تعليقك على غياب رئيس الحزب الاتحادي الأصل مولانا محمد عثمان الميرغني عن البلاد لمدة قاربت الـ 5 سنوات؟
< أعتقد ان هذا حال الأحزاب القديمة التي لم يعد لديها قضية، وبالتالي لا استغرب وجود الميرغني في الخارج ولا وجود المهدي كذلك خارج البلاد هم الآن لديهم مشغوليات وأولويات اخرى تأتي في مقدمة اهتماماتهم، ولو كانت أحزابهم لها قضايا ومعارك حقيقية لكانوا موجودين داخل البلاد ولكن هم لا يشعرون بذلك.
> من البديل الأمثل لقيادة حزب الأمة القومي خلفاً للمهدي؟
< البدائل فرضت نفسها كما ترى الحزب انقسم الى 6 أحزاب وكل يريد اختيار البديل الذي يراه مناسباً للتيار الذي يقوده ..
> هل بالإمكان أن نشهد سياسة التوريث بحزبي الاتحادي والأمة القومي؟
< هذا الآن موجود والحزبان لأنهما يقومان على طوائف محددة، وطبيعة الطائفة ان الشيخ يورث لابنه وأزمة الأمة ان وريث الصادق الآن هو ابنته مريم وهذه اشكالية لأن زعامة الحزب تقوم بالامة على الإمامة وبالتالي الوريث الطبيعي كان عبد الرحمن وهو مؤهل جدا سياسيا، ولكن سياسيا أصبح في معسكر غير معسكر المعارضة الذي يقوده الصادق، وأصبح المجال متروكاً لامرأة.
> ولكن هل بالإمكان أن نشهد حزباً طائفياً تقوده امرأة؟
< لا اعتقد أن الصادق يرى ذلك وهو لو كان حراً ومعاصراً في تفكيره يستطيع أن يبرر لذلك.

حوار: محمد جمال قندول

الانتباهة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى