الحكومة والمعارضة…. تسوية سياسية قادمة…..

السودان اليوم:

مياه كثيرة جرت تحت الجسر، بين الحكومة والحركات المسلحة، جولات تفاوضية بين الخرطوم – أديس أبابا – برلين، دائماً ما تخرج منها الأطراف جميعها خاوية الوفاض، ولكنها أفضت هذه المرة إلى توقيع اتفاق مبدئي يسير بالأمور إلى الدخول في عملية حوار جادة وواسعة، ربما تنتهي ناحية الوصول إلى تسوية سياسية شاملة تنهي عقوداً من الأزمة في البلاد.
اتفاق مبدئي:
قال رئيس وفد الحكومة للمفاوضات “أمين حسن عمر” في بيان صحفي عقب مراسم التوقيع التي استضافتها وزارة الخارجية الألمانية، إن الاتفاق الموقع مع حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان – “مناوي”، نصت على استئناف مفاوضات الدوحة بين الحكومة السودانية والحركتين، على أن تكون اتفاقية الدوحة لسلام دارفور هي الأساس للمفاوضات مع الالتزام بمناقشة كل الموضوعات التي ترى الحركتان ثمة حاجة لبحثها لتحقيق السلام الشامل والمستدام بدارفور، بالإضافة للالتزام بتشكيل الآليات المناسبة لتنفيذ مخرجات المفاوضات بين الحركتين وحكومة السودان، معلنا عن (اتفاق الحكومة والوسطاء والحركات المسلحة على عقد جولة مفاوضات في يناير المقبل بالدوحة)، وأفاد بأن الأطراف عقدت جلسة أخرى للتشاور بعد التوقيع، واتفقوا على عقد المفاوضات في يناير المقبل، وأضاف أن الأطراف أشارت في ذات الاجتماع الذي أعقب التوقيع؛ إلى أن يسعى الوسطاء خلال الفترة التي تسبق الجلوس على الطاولة للتواصل مع الأطراف والشركاء للتشاور تمهيداً للمفاوضات، وقال: (كان هناك حديث لاستكمال التفاوض السابق الذي جرى في أديس أبابا حول وقف العدائيات، حين كان هناك قضايا لم تحل ويراد لها أن تستكمل الآن، ويجري توقيع وقف العدائيات بين الأطراف عندما تنعقد المفاوضات في الدوحة)، وأوضح أمين في بيانه أن التوقيع جاء تتويجاً لعدة جولات من المفاوضات والمشاورات غير الرسمية التي جرت في برلين، بوساطة مشتركة بين المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وممثلي الحكومة الألمانية، ومتابعة ومعاونة المبعوثين الدوليين للسلام في السودان، ووقع عن الحكومة السودانية “محمد مختار” وعن العدل والمساواة كبير مفاوضيها “أحمد تقد” وعن حركة تحرير السودان “علي ترايو” كبير مفاوضيها، وشهد مراسم التوقيع كل من المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي “جيرمايا مامابولو” والمبعوث القطري الخاص د. “مطلق القحطاني” بجانب جميع المبعوثين الدوليين من الحكومات الأميركية، البريطانية، الفرنسية والنرويجية، بالإضافة لمؤسسة (باركوف الألمانية)، وجدد أمين التأكيد على استعداد الحكومة التام لاستئناف مفاوضات الدوحة بذات الروح الإيجابية والبناءة من أجل استكمال السلام النهائي والمستدام في دارفور، أثنى “عمر” على الحكومة الألمانية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ولدولة قطر وجميع الشركاء الدوليين الذين قال إنهم ساهموا وشاركوا وسهلوا التوصل لهذا الاتفاق، استكمالا لجهود إحلال السلام والاستقرار في السودان والإقليم”، وقال “نور الدائم طه” أمين الإعلام بحركة / جيش تحرير السودان في تصريح لـ”سودان تربيون” إن التوقيع على الاتفاق قبل التفاوضي “يشكل خطوة مهمة لضبط عملية التفاوض ودور الوسطاء”، وأشار إلى أن الاتفاق حدد دور وثيقة الدوحة للسلام في أي عملية مستقبلية وأنها ستكون أساساً للتفاوض بشرطين أولهما أن تطرح الحركات ما تراه مناسباً لعملية السلام في السودان بما فيها مراجعة قضايا السلام التي وردت في وثيقة الدوحة، والثاني إنشاء آليات جديدة ومستقلة لتنفيذ ما اتفق عليه الجانبان، وشدد “نور الدائم” على أن الحركات لن تكون جزءا في أي سلام لا تخاطب قضايا البلاد، خاصة وأن السودان لم يعد يحتمل إلا سلاما شاملا يخاطب قضايا البلاد، وتابع “نرفض أي محاولة لتجزئة الحلول لأنها تقود لإعادة إنتاج أزمات أخرى في البلاد، وعليه نجدد أن موقفنا الثابت المطالب بالسلام الشامل وحقيقي يعالج كل قضايا البلاد ويعيد النازحين إلى ديارهم”.
التسوية تقترب:
وقال رئيس حركة «العدل والمساواة» د. “جبريل إبراهيم”، في مؤتمر صحافي بباريس نقلته وكالات الأنباء: إن وفداً من الحكومة السودانية وقع اتفاقا مع الحركات المسلحة في السادس من الشهر الجاري في برلين على قضايا مرحلة «ما قبل التفاوض». وكشف عن اجتماع بين قوى تحالف «نداء السودان» والآلية رفيعة المستوى التي تتوسط بين الفرقاء، سيتم في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لبحث رؤيتها المتعلقة بالمشاركة في كتابة الدستور والانتخابات المزمعة باعتبارها وسيلة للتغيير، معلناً عن توافق حركتي «العدل والمساواة» و«تحرير السودان» بقيادة “مني أركو مناوي”، على «وثيقة الدوحة» للسلام في دارفور استجابةً لإصرار الطرف الحكومي، وذلك لفتح الطريق إلى قضايا الحل الشامل، وقال: «هناك إصرار شديد من الطرف الحكومي عليها، وهناك أشياء تجب معالجتها قبل بدء أي مفاوضات، منها وثيقة الدوحة، على الرغم من أنها غير ملزِمة لنا قانونياً، وأن موادها بليت بفعل التقادم، وتطبيقها لم يحقق أي شيء، لكنهم مصرّون عليها.
اعتبر المحلل السياسي والباحث الأكاديمي “النور آدم” في حديثه لـ(المجهر السياسي)، أن ما حدث في برلين يعتبر خطوة كبيرة ومهمة في اتجاه التسوية السياسية بالبلاد، موضحاً بأن الحركات المسلحة باتت تعلم أن الظروف الدولية والإقليمية قد تغيرت بفعل التغييرات السياسية في المنطقة، إضافة إلى تغيير طال أيضا شكل التحالفات الدولية، وبالتالي خشيت من خروجها عن دائرة الفعل السياسي بمرور الزمن، ففضلت الجلوس على طاولة الحوار واللحاق بركب العمل السياسي القادم (2020)، مردفا: (في تقديري أن الاتفاق المبدئي الذي تم توقيعه في برلين، سيقود الجميع إلى بر أمان سياسي كبير تحتفي به البلاد، ويساهم في إنهاء أكبر صراع شهدته أفريقيا خلال العقدين الماضيين).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى