الشائعات..”ركلات طائشة ” في مرمى “المجتمع”…

السودان اليوم:

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والفضاءات المفتوحة، أصبحت تطفح على السطح رائحة الأخبار المكذوبة أو ما يسمى اصطلاحاً “الشائعات”، ولعل من خطورة الأفق المفتوح أن هذه الشائعات الكاذبة يجري تداولها ونسخها قبل أن يجف مداد حبر كاتبها لتصل الإشاعات في لحظات إلى أرقام فلكية.

ولم تسلم “دنيا السياسة ” في السودان من هذه الشائعات، فأحياناً تظهر على الوسائط الاجتماعية وخصوصاً تطبيق “فيسبوك ” و”واتساب” أخبار كاذبة عن موت سياسيين، وأحياناً يتم تناول إشاعات التعيين والإعفاء للسياسيين، وأحياناً يتم تشكيل “لستة” بقائمة سياسيين قبل إعلان أي تشكيل حكومي جديد، كما يتم تداول أخبار سياسية كاذبة وسرعان ما يتم التخلي عن مداولتها فور نفي الخبر من الجهة المختصة.

1

قوش.. استقالة “نجرة فطيرة”

ولعل آخر ما تناولته الأسافير من شائعات، خبر استقالة مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول صلاح قوش، والذي طفح إلى السطح منذ الأمس ونفته الجهات المختصة ووصفته بـ”النجرة الفطيرة”، وعلق عليه مدير الإعلام بجهاز الأمن على الحدث عبر صفحته بالفيسبوك بأن الخبر غير صحيح وبأنه “نجرة فطيرة ” وتوهمات ينسجها البعض، مؤكداً أن قوش يباشر مهامه ويدير ملفاته بهمة عالية.

2

نتنياهو.. زيارة سرت بها الوسائط

قبل يومين تناقلت الوسائط الإسفيرية نقلاً عن وسائل إعلام إسرائيلية خبراً مفاده بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عازم على زيارة الخرطوم وتطبيع علاقاته معها بعد انتهاء الزيارة التي سجلها الرئيس التشادي إدريس ديبي إلى (تل أبيب)ـ الأمر الذي نفته الجهات الرسمية ورفضته تماماً، واصفة الخبر بأنه محاولة لجس نبض الشارع السوداني، مشيرة إلى أن قطيعة الخرطوم مع إسرائيل مصيرية.

3

مسؤولو الحكومة… تعيينات وإعفاءات بأمر الـ(واتس)

كثيرة هي إشاعات تعيينات مسؤولين وإعفاء بعضهم في معترك الساحة السياسية السودانية، وأبرز التعيينات التي ظهرت في الوسائط الاجتماعية كانت قبيل إعلان أي حكومة، إذ ترشح في السطح قوائم تضج بأسماء المسؤولين والوزارات التي سيتقلدونها وبالمقابل أسماء المسؤولين الذين سيتم إعفاؤهم، ولعل أبرز التعيينات التي ظهرت لمنصب رئيس القضاء بعد فراغ مقعده، كانت أخباراً بشأن تعيين القاضية سنية الرشيد لملء المنصب، أما أبرز الإشاعات التي نشرت بشأن الإعفاءات كانت بإعفاء محافظ بنك السودان السابق المرحوم حازم عبد القادر، كما ظهرت في ذات الفترة إشاعة إعفاء وزير المالية السابق، قبيل أن يتم إعفاؤه رسمياً من منصبه.

4

سابقة اجتماعية.. شائعة تقود مطلقها إلى السجن

كثيراً ما ترد الإشاعات التي تصب في بحيرة الشأن السياسي السوداني، ويتم تداولها في الأسافير دون أن يمس مطلقها أي عقاب.

شائعة وحيدة فقط هي التي أعلنت لها عقوبة كلفت مطلقها الخمسيني عقوبة السجن لمدة شهرين ومصادرة هاتفه الجوال وتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه، وكان مطلق الإشاعة قد اقترف جرماً شنيعاً عند حدوث جريمة مقتل المواطنة (أ .ف) والتي كان يتابع قضيتها الرأي العام باعتبار أن الرأي العام كان يعتقد بأن القتيلة اختطفت بواسطة عصابات ثم تم بيع أعضائها، وإذا بمطلق الإشاعة يتهم مجموعة بعينها تنتمي إلى إحدى الولايات الملتهبة ويتهمها بقتل القتيلة بعد أن سجل مقطعاً صوتيا حصد أكثر من 66 ألف متابعة في الفيسبوك، كما تم تداول ذات المقطع على تطبيق “الواتساب”، وقد طالب فيه ناشر المقطع الصوتي بالثأر لقتلة أديبة من الجناة في الإقليم المعني مما دفع السلطات الشرطية إلى متابعة المقطع حتى الوصول لصاحبه وطبقت عليه العقوبة الوارد ذكرها.

5

شائعات الموت.. الترابي يموت قبل موته !!

هناك كثير من الساسة الذين “ماتوا بالحياة” بعد أن أطلقت الأسافير أنباء نعيهم وترحمت عليهم الجموع ولعل بعضهم اتجه سريعاً لمنزل “الحي الميت ” ليكفكف دموعه هناك، ولعل من أبرز شائعات الموت، تلك التي أطلقت على الراحل د. حسن عبد الله الترابي في خواتيم العام 2011 عندما كان المؤتمر الشعبي – المعارض حينها – يعقد مؤتمراً عاماً بولاية الخرطوم، وكان الترابي هو المتحدث الرئيس في المؤتمر الذي حشدت له الآلاف من عضوية حزب الرجل، وإذا بالشائعة تتداول عبر الأسافير حتى تصل للرجل في مقعده أمام المنصة، فإذا به يعلق عليها ساخراً بمقولة إنه حي يرزق وأن من مات هو السودان، ثم تابع حديثه بذات روح السخرية وهو يقول: من قبل أطلقوا ذات الإشاعات التي تدعي مرضي وإصابتي وعجزي.

6

نظرة إعلامية… ممارسة للنيل من الخصم

أكد الخبير الإعلامي والأكاديمي د. عبد اللطيف البوني أن الشائعات أضحت وسيلة من وسائل العمل السياسي التي يعمل بها الأفراد من السياسيين والأحزاب، مضيفاً بأن الشائعة يمكن أن تمارس للنيل من الخصم كما تمارس للدفاع عن الذات، وأضاف البوني في حديثه لـ”الصيحة” أمس، أن الشائعة ليست حصراً على جهة دون الأخرى، فيمكن أن تطلق الشائعة الحكومة كما يمكن أن تطلقها الأحزاب المعارضة، كما يمكن أن يطلق السياسيون الشائعات بأنفسهم، وأشار البوني بأن الإطلاق يكون من أجل خدمة أهداف بعينها، مؤكداً أنه مهما كانت الغاية من إطلاق الشائعة فيبقى الكذب أمراً سيئاً وسلوكاً غير حميد، ويجب مكافحة الإشاعات بنشر الأخبار الصحيحة الصادقة، وأن يجد المتلقي الحقيقة كما هي ويتم العمل على نشر الحقائق فوراً.

7

تشخيص الحالة… أبعاد نفسية واجتماعية

وذكر د. حسين عبد الرحمن سليمان، أستاذ علم الاجتماع بالجامعات السودانية، أن الشائعات لها بعد اجتماعي ونفسي وتتشكل دائمًا مع وجود خبر أو موضوع قابل للتصديق، وقال في حديثه لـ”الصيحة “أمس إن الشائعات كثيراً ما ترتبط بالأحداث الآنية، وقد ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي في سرعة انتشارها، مضيفاً أن الإشاعة لها آثارها السالبة على المجتمع، كما أن لها أهدافاً يراد تحقيقها، وأضاف سليمان أن الشائعات تحتاج للتعامل السريع من الجهات ذات الاختصاص لتوضيح المعلومات، مؤكدًا أن من يطلقون الشائعات يعانون من الفراغ ويريدون من نشر الشائعات إحداث البلبلة في المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى