الثقة اولاً

بقلم : محمد عتيق

عندما نتحدث عن ضرورة وحدة قوي المعارضة ‏السياسية فإننا لا نعني أن تجلس أحزاب الكتلتين (نداء السودان وقوي الإجماع) ومعهم تنظيمات المجتمع المدني ويقرروا في جلسة واحدة (بين ليلة وضحاها) أنهم ‏توحدوا ، ندرك تماماً ‏أن ذلك غير ممكن ، بل وغير مهم ، ولكن يمكن للامر أن يأخذ صيغاً مختلفة ، وفي كل الأحوال يكون بالتدرج .. أولي واهم خطي ذلك ‏التدرج هو الثقة ؛ الثقة المتبادلة بين كل الأطراف أنهم جميعا وطنيون ومعارضون للمهزلة المنعقدة في بلادنا منذ ثلاثين عاماً ، معارضون للدمار والنهب والاستبداد ‏القائم في وطننا على يد الحركة (الإسلامية) الكاذبة الحديث ، الفاجرة الخصومة ، الديكتاتورية المنهج ، والإقصائية الوسيلة .. الثقة التي توحد كل الأسلحة – أسلحة كل الأطراف – وتصويبها نحو هدفهم اجمعين : واقع ومستقبل وطننا وشعبنا وأجياله القادمة المتمثل ابتداءً في إسقاط نظام التدمير والتجويع والنهب ، نظام الموتمر الوطني ..

أكثرنا ، وأكثر اخرون في الحديث عن هذا الأمر ، ولن نمل الحديث عنه ، ولكن للأسف ، الأسف الذي يدمي القلب ولكنه لا يقودنا الي اليأس بالضرورة ، ان البعض (وخاصةً من احزاب وقيادات من قوي الاجماع) لا زالت اسلحته مصوبةً نحو (زملائهم) في نداء السودان داخل غلاف ما أسموه (الهبوط الناعم) بمعني ان نداء السودان – وبدفع من المجتمع الدولي – يعمل علي محاورة النظام لإجراء تعديلات شكلية عليه تمهيداً للالتحاق به !! أيعقل ذلك ؟ هل يمكن ان يكون امر نداء السودان هكذا وبهذه البساطة والسطحية وضعف الوازع الوطني ؟؟ ..

اتفقتم جميعاً علي العمل علي استنهاض الحركة الجماهيرية في اتجاه الانتفاضة الشعبية وإسقاط النظام ، نداء السودان يري ، فوق ذلك ، ان التفاوض السلمي بالشروط التي حددها والتي تؤدي الي تفكيك دولة الحزب اللعين والتحول الديمقراطي الكامل لمصلحة كل الشعب والوطن ، ان ذلك وسيلة زهيدة التكلفة في الأرواح والممتلكات والجسد العام للوطن والمواطنين ، وعلي ذلك ادخل تعديلاته علي خطة الاتحاد الأفريقي وقبل التفاوض علي اساسها مع النظام ؛ هل في ذلك عيب او ما يخدش وطنية أعضائه ومؤيديه ؟؟ لا نداء السودان ولا رئيسه السيد الصادق المهدي قالوا شيئاً غير ذلك حتي الآن ، ولأن غالبية اسهم التناوش والنقد أصبحت في الآونة الأخيرة موجهة لشخص السيد الصادق ، اتساءل هل في احاديثه ما يشير الي انه يضمر العكس ، اي انه ينتوي إصلاحاً شكلياً في النظام ليلتحق به هو او حزبه او كتلة نداء السودان ؟؟ لماذا لا نتعامل مع الرجل في حدود الذي يقوله علناً بدلاً عن الولوج الي ضميره واستنباط نواياه ؟؟

الموقف الوطني الصائب في اعتقادي ان ننظر لهذه الوسيلة (وسيلة الحل السلمي في تفكيك النظام واحداث التحول الديمقراطي الكامل) ، ان ننظر اليها علي الأقل دون ريبة وان نطالب تلك القوي (نداء السودان ورئيسه) التمسك بما هو معلن من شروط التفاوض واهدافه ، وفقط عند الانحراف عنها يكون النقد والاعتراض ورفض ذلك الانحراف تماماً …

من الجانب الآخر ، بعض أطراف الخندق الآخر ورموزه ، ومن الوطنيين الديمقراطيين يثيرون الشكوك حول بعض القيادات من احزاب قوي الاجماع الوطني بان لها ارتباطات مشبوهة باجهزة النظام الأمنية ، وفيهم من يشكك في الاجتماع الذي تم بين الحزب الشيوعي وجهاز امن النظام من حيث كيفيته ، حقيقته واهدافه ونتائجه .. أيضاً لا نتفق مع مثل هذه الشكوك والاتهامات الغليظة ..

مثل هذا الوضع ؛ وضع تصويب قوي المعارضة لأسلحتها في وجه بعضهم البعض هو أكبر خدمة نقدمها للنظام واجهزته من حيث لا نحتسب ، وكأني بالقوم يخفون ابتسامات (الشماتة) بايديهم ، مشيحين بوجوههم في غرف النادي الكاثوليكي ، ولا اعتقد ان أهل المعارضة في مختلف كتلهم يسعدون بذلك .. اعرف اخوة وزملاء اعزاء في كتلتي المعارضة ممن امضوا سنوات طويلة وهامة من أعمارهم ، وعاصرتهم ، في سجون الدكتاتوريات المختلفة ( السرية والعلنية) وواجهوا أمواجاً عاتيةً من العذاب المعنوي والبدني والمادي ، لا أقبل ان يتهمهم احد في وطنيتهم كما لا أقبل ان يتهمني في ذلك (الا بجرم جلي مشهود) ..
قليل من الجدية والتدقيق في المواقف .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى