لماذا ينام الخفاش بالمقلوب

الخُفّاش

ينتمي الخُفّاش إلى طائفة الثّدييات، ورتبة مجنحّات الأيدي (بالإنجليزيّة: Chiroptera)، وتُعدّ الخفافيش الثّدييات الوحيدة القادرة على الطّيران الحقيقيّ. يغطّي جسم الخُفّاش فراء ناعم، ويكون جسمه شبيهاً نوعاً ما بجسم الفأر. تنتشر الخفافيش في جميع أرجاء العالم خاصّةََ في المناطق الاستوائيّة؛ بعضها تعيش منفردة في تجاويف الأشجار، والكهوف، والشّقوق، و يعيش بعضها الآخر ضمن جماعات كبيرة قد تصل إلى ملايين الخفافيش التي تستقرّ في الكهوف، أو على أغصان الأشجار في الغابات.[١]

يوجد ما يقارب ألف نوع من الخفافيش، تُصنَّف إلى مجموعتين رئيستين: الخفافيش الكبيرة (بالإنجليزيّة: Mega Bats)؛ وهي خفافيش متوسطة إلى كبيرة الحجم، وتتغذّى على الرّحيق، وحبوب اللّقاح، والفاكهة، وبعضها يتغذّى على الأسماك، وبعض الحيوانات صغيرة الحجم، أمّا الخفافيش الصّغيرة (بالإنجليزيّة: Micro Bats) فتُشتهَر بأنّها تستخدم السّونار الحيويّ لتحديد اتجاهها، والعثور على الحشرات التي تُشكّل الغذاء الرّئيسيّ لها، وهي تضم العديد من أنواع الخفافيش الصّغيرة، أصغرها على الإطلاق هو الخُفّاش الطّنان (بالإنجليزيّة: Kitti’s Hog-nosed Bat).[١][٢]

نوم الخُفّاش بالمقلوب

ينام الخُفّاش أثناء النّهار وهو مُتعلّق بسقف كهف أو شجرة من قدمَيه؛ أي رأساً على عقب، وقد يظن البعض أنّ هذه الوضعية مزعجة للخفاش، ولكنّ الحقيقة أنّ وضعية التّعلق بالمقلوب توفّر للخفاش الاسترخاء التّام. ترتبط الأقدام الخلفيّة للخفاش بأوتار عالية التّخصص وغير مرتبطة بالعضلات، وعندما يرغب الخُفّاش بالتعلق بغصن شجرة أو ما شابه فإنّه يحتاج فقط لبذل القليل من الطّاقة عند انقباض عضلاته لفتح مخالبه، وعندما يغلق قبضته على الغصن يكون في وضع استرخاء تامّ ولا يحتاج لبذل المزيد من الطّاقة، ومن الجدير بالذّكر أنّ أوتار مخالب الخُفّاش شديدة الفعاليّة لدرجة أنّ الخُفّاش سيبقى معلّقاََ حتى لو مات أثناء تعلّقه.[٣]

سبب نوم الخُفّاش بالمقلوب

تختلف الخفافيش عن الطّيور بأنّ أجنحتها لا توفّر لها قوّة الدّفع اللازمة للتحليق والطّيران من الأرض، كما أنّ أرجلها الخلفيّة صغيرة وغير متطوّرة بالدرجة الكافية لتُمكِّنها من الركض للحصول على سرعة الإقلاع اللّازمة، لذلك فهي تنام، أو تسترخي مُتعلّقةََ بقدميها في موقع مرتفع؛ لأنّ ذلك يوفّر لها وضعاََ مثالياََ للتحليق بسهولة عندما تشعر بالخطر، كما أنّ هذه الطّريقة في النّوم توفّر للخفاش موقعاََ مرتفعاََ يجعله بعيد المنال بالنسبة إلى الحيواناتوالطّيور المفترسة، كما يقلّل من المنافسة على المأوى، فلا يوجد الكثير من الحيوانات التي تتمكّن من التّعلق من أرجلها مثله.[٣]

طُرق الحركة والانتقال

يُمكن للخفاش الانتقال من مكان إلى آخر بعدّة طُرُق، مثل: المشي، والزّحف، والقفز، وحتى السّباحة إذا اضطُرّ لذلك، إلا أنّه يعتمد بشكلٍ أساسيّ على الطّيران للانتقال من مكان إلى آخر، وقد تحورّ طرفاه الأماميّان إلى جناحين؛ يتكوّن كلّ جناح من سُلاميات الأصابع الأربعة التي تلي الإبهام، وغشاء جلديّ مرِن يمتدّ بينها، أمّا الإبهام المؤلّف من سُلاَمَى واحدة فيكون حراً لا يربطه غشاء مع باقي الجناح، ويُستخدَم هذا الإبهام للتعلّق بالأغصان أو في سقوف الكهوف.[٤][٥]

مقالات ذات صلة

تختلف أجنحة الخفافيش من نوع لآخر؛ فبعض الأجنحة، مثل أجنحة الخفافيش حُرّة الذيل تكون طويلة ونحيلة؛ لتُمكّن الخُفّاش من الطّيران بخفة ورشاقة على ارتفاعات عالية في الأماكن المفتوحة، وبعض الخفافيش مثل الخفاش ذي الوجه المشقوق، والخفاش مصاص الدّماء الكاذب، وغيرها، تمتلك أجنحة قصيرة وعريضة؛ لتُمكّن الخُفّاش من التقاط فريسته، والوصول إلى الأزهار أثناء الطّيران، وعلى الرّغم من صعوبة قياس سرعة طيران الخفافيش في البريّة، فقد تمّ رصد سرعة أربعة أنواع منها، ووُجِد أنّ سرعتها تتراوح بين 11.7- 20.8 ميلاََ في السّاعة.[٤]

بعض الخفافيش تتحرّك أثناء تعلّقها بسقف الكهف عن طريق تحريك قدم واحدة كلّ مرّة، وبعضها يُمكنها الزّحف على الأغصان وأجنحتها مُتدلّية للأسفل كما يفعل الدّب الكسلان باستخدام مخالب الإبهام والأقدام، وبعض الخفافيش تتعلّق بالأسطح العموديّة باستخدام مخالبها الخلفيّة، بحيث يكون الإبهام والمعصم مسنودَين على السّطح، وبذلك تتمكن من الحركة للأمام والخلف، والجانبين صعوداََ وهبوطاََ، ممّا يُمكنّها من الدّخول والخروج من الشّقوق بسهولة، والكثير من الخفافيش يمكنها الزّحف أو المشي على الأسطح الأفقيّة والعموديّة باستخدام الإبهام والمعصم والأقدام الخلفيّة، وبعض أنواع الخفافيش لديها معاصم مُتخصّصة، وأقدام مزوّدة بسنادات تثبيت تُمكنّها من الحركة على الأسطح الملساء لأوراق نبات الخيزران وأغصانه، كما يُمكن للخُفّاش مصاص الدّماء القفز من مجثم إلى آخر.[٤]

تحديد المواقع بالصّدى

تتمكّن معظم أنواع الخفافيش الصّغيرة من استخدام السّونار الحيويّ أو الصّدى لتحديد المواقع؛ وذلك بإصدار أصوات عالية النّبرة والاستماع إلى ارتدادها أو انعكاسها لتحديد مواقع الأشياء والفرائس القريبة منها، في حين تستخدم بعض أنواع الخفافيش الكبيرة هذه الظاهرة لتجد طريقها في الأماكن المظلمة وليس للعثور على الطّعام. تُصدر الخفافيش الصّغيرة أمواجاََ صوتيّة لها ذبذبات تصل إلى 200 ذبذبة في الثّانية الواحدة، وتصل شدّتها إلى 110 ديسيبل، وعندما تصطدم الأمواج الصّوتيّة بحاجز أو فريسة ترتدّ إلى أذن الخُفّاش، وتتميّز أُذُنا الخُفّاش بحجمهما الكبير مقارنةََ بحجم الخُفّاش، ووجود مستقبلات خاصة لاستقبال الصّدى، وبعض الخفافيش تمتلك تركيباً خاصاً على الأنف (بالإنجليزيّة: Noseleaf) يُساهم أيضاً في تحديد الموقع بالصّدى. بعض أنواع العثّ يمكنها تضليل الخُفّاش، فهي تمتلك عضو سمع يستقبل الأصوات التي يُصدرها الخُفّاش، فتبدأ عضلات الأجنحة بالارتعاش غير المنتظم، فتتحرك العثة بطريقة مراوغة وعشوائيّة فلا يتمكن الخُفّاش من تحديد موقعها.[٥][٦]

التّكاثُر

تتكاثر الخفافيش مثل باقي الثّدييات بالولادة، وتضع الأمّ غالباََ صغيراََ واحداََ كلّ عام؛ حيث تنتقل أنثى الخُفّاش عندما يقترب موعد ولادتها إلى مستعمرة خاصّة بإناث الخفافيش الحوامل، والتي قد تكون كهفاََ، أو تجويفاََ في شجرة، أو في مبنى، وهناك تلد صغيرها. يرضع الخُفّاش الوليد من أمّه أو من أيٍّ من الإناث الأخرى، ولا يشارك الأب في رعاية الصّغير، وعندما تخرج الأم من المستعمرة يمكنها أن تأخذ وليدها معها مُعلَّقاََ في فرائها، كما يمكن أن تتركه في المستعمرة، وعندما تعود يمكنها التعرّف على صغيرها من بين ملايين الخفافيش الأخرى. يتمكّن صغير الخُفّاش من الطّيران بالفطرة عندما تصبح أجنحته قويّةً، وتبدأ صغار الخفافيش الصغيرة بالاعتماد على نفسها ما بين الأسبوعَين السّادس والثّامن من العمر، بينما تحتاج صغار الخفافيش الكبيرة إلى أربعة شهور لتبدأ بالاعتماد على نفسها، ويصبح الخُفّاش ناضجاََ جنسيّاََ عندما يُتِمّ عامه الثّاني، ويُمكنه أن يعيش أكثر من عشرين عاماََ.[٦]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى