يا من تهتك اعراض الناس لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا 2019

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ان المتأمل والمتفكر في خلق الانسان ومن اي شيءٍ خُلق ” من نطفة خلقه فقدره ” .. والمعتبر والعاقل الذي يعلم انه ليس سوى ” تراب ” ومرجعه الى ” تراب” .. والناظر لحاله ولما هو عليه من ” عيوب ” تحيط به ..

لادرك انه ناقص، وان عليه ان يشتغل بنفسه لا بالاخرين، وان يستر نفسه ولا يتعرض لعيوب وخطايا الناس، فإن هم أخطائوا فلابد ان تخطئ انت كذلك .. وانّ جردتهم من لباس الستر الذي سترهم الله به .. لن ينظر الناس اليك الا بمثل ما نظرت اليهم .. كما ابتلي غيرك ربما يبتليك الله في نفسك وربما في اهلك .. سبحانه مقلب ومصرّف الامور من حال الى حال ..

يقول الامام الشافعي :

إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى .. ودينك موفور وعِرْضُكَ صَيِنّ

لســــــــانك لا تذكر به عورة امرئ .. فكلك عــورات وللناس ألسن

وعينــــــــاك إن أبدت إليك معايباً .. فدعها وقل يا عين للناس أعين

وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى .. ودافع ولكن بالتي هي أحسن

ويقول الامام مالك :

لا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب ..
وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد ..
فإنما الناس مبتلى ومعافى ..
فارحموا أهل البلاء .. واحمدوا الله على العافية.
واياك ان تقول :
هذا من اهل النار .. وهذا من اهل الجنة ..
ولا تتكبر على اهل المعصية ..
بل ادع لهم بالهداية والرشاد ..

حق على الانسان ان يشتغل في نفسه ويصلح من حالها، لا ان يشتغل في تتبع عيبو خطايا الاخرين، لانه إذا اشتغل الإنسان بخطايا وبعيوب الناس لا شك أن هذا سيشغله عن إصلاح نفسه، وبالتالي تكثر خطاياه، ولا يتوب منها، ولا يعاتب نفسه؛ لأنه غير متفرغ لإصلاح نفسه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(ييُبْصِرُأَحَدُكُمُ الْقَذَى فِي عَيْنِ أَخِيهِ وَيَنْسَى الْجِذْعَ أَوْ قَالَ : الْجِذْلَ فِي عَيْنِهِ )

ومعنى ذلك الحديث :
القذى: هو ما يقع في العين أو في الماء والشراب من نحو تراب
ووسخ أيَّ قاذورات أو أذى أو تراب يقع، سواء في العين أو في الماء
أو في الشراب، فيطلق عليه القذى.

إذاً المقصود به الأشياء الهينة الصغيرة التي تكاد لا تدرك،
يبصرها الإنسان ويفتح عينيه لها ما دامت في عين أخيه
وفي نفس الوقت ينسى الجذع في عينه
والجذع هو واحد جذوع النخل وكأن جذع شجرة موجود في عينه من العيوب
ثم هو يتجاهله ولا يشتغل بإصلاحه
في حين أنه يدقق ويتحرى مع الآخرين بحيث يدرك عيوبهم مع خفائها.

فيؤخذ من هذا الحديث أن الإنسان لنقصه ولحب نفسه يدقق النظر في عيب أخيه
فيدرك عيب أخيه مع خفائه

ولوأنه اشتغل بعيب نفسه عن التفرغ لعيوب الناس وتتبعها لكف عن أعراض الناس،
ولسد باب آفات اللسان وأعظمها الغيبة

::

من المؤسف حقاً ان ينتشر بيننا تتبع عيوب الناس وخطاياهم، ويتم فضحهم بغرض التشهير والتحقير والتهجم والقذف فيه والاستهزاء بشتى انواع الاساليب، بدلاً من النصح والارشاد، فشتان بين الاثنان ..

الاول : [ فضحهم بغرض التشهير والتحقير.. الخ ]

لا يولّد في نفس المخطئ او صاحب العيب سوى العناد والاصرار، فقد تم فضحه لا نصحه، ويغلقون في وجهه ابواب الرجوع والتوبة والعدول عمّا كان فيه..

ويتحملون اوزار هم في غنى عنها، وينسون انهم قد وقعوا في كثير من الخطايا وسترهم الله، ولولا فضلٌ من الله ورحمة منه لتم فضحهم وكشف خبايهم ..

الثاني : [ النصح والارشاد ]

النصيحة الطيبة معبر لقلوب الاخرين، ربما يقع في نفس المخطئ او صاحب العيب ما كان يخفى عليه، وبدوره الذي يؤدي عن العدول عمّا كان فيه ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى