هل تفرقين بين الصديقة و الرفيقة ؟ 2019

لو أحصيت كم عدد الأصدقاء المسجلين في صفحتك على أحد المواقع الإجتماعية، ربّما تجدين أنّه فاق المئة صديق وصديقة، لكن هل هؤلاء كلّهم أصدقاء؟ هل كلّهم يحبونك وتحبينهم وتفشون الأسرار لبعضكم بعضاً باطمئنان، ويساعدونك عند الحاجة؟ بالتأكيد لا، فكيف تميِّزين بين مَن هي صديقة حقيقية ومَن هي مجرد رفيقة لا أكثر؟
لابدّ أن رصيدك من الأصدقاء في موقع الـ”فيس بوك” مثلاً هو 103 أو 251 أو 317 صديقة وصديقاً، لكن هل كلّهم أصدقاء حقيقيون لك؟ كلا بالتأكيد. فمنهم مَن هي مجرد قريبة من العائلة، ومنهم مَن هي جارة فقط، ومنهم مَن هي زميلة قديمة في المدرسة الثانوية، أو صديقة تعرفت إليها أثناء العطلة الصيفية، أو أستاذتك في الموسيقى أو غير ذلك. فلا يُعقل أن يكون كل هؤلاء أصدقاء حميمين لك، لهذا يتعيَّن عليك أن تقومي بعملية فرز وتعرفي مَن منهنّ صديقاتك بالفعل ومَن منهنّ مجرد رفيقات أو معارف؟
لطالما كانت اللغة العربية بحراً عميقاً مليئاً بالدرر، فهي لغة دقيقة تفصل في كل شيء، وتوجد لكل شيء اسماً خاصاً به. إذ قال علماء العربية قديماً إنّه لا توجد كلمتان في العربية مترادفتين تماماً، فدائماً هناك فرق ولو بسيط جدّاً بين معنى كل من الكلمتين المترادفتين ظاهرياً. وفي شأن الصداقة، أوجد العرب كلمات كثيرة لتسمية الصديق ورتبوها حسب درجات الصداقة نفسها، فهناك الصديق والصاحب والخل والعضد، وهناك النديم والرفيق، ثمّ هناك القَرين والترب وغيرها. وإذا راجعت لائحة من تعتبرينهنّ صديقات، فستجدين أن من بينهنّ من يمكن أن تصفيها بأنّها رفيقة أو أنيسة فقط، حيث تترافقان للتسوق أو في المدرسة أو في العمل، وهؤلاء كثيرات، لكن بالتأكيد، فإن أقل فئة من بينهنّ هي مَن يمكنك أن تقولي عنها صديقة. الصديقات الحقيقيات لهنّ صفات تميزهنّ عن غيرهنّ وتعرفينهنّ بها، ومن هذه الصفات:
– المؤرخة: هي صديقة عاشت معك لحظات تاريخية في حياتك ونقاط تحول حقيقية في طفولتك أو في مراهقتك. ربّما عاشت معك حزنك على وفاة كلبك المفضل، أو طلاق الوالدين أو عايشت أوّل حب في حياتك، وأزماتك العاطفية كلها أيام مراهقتك. ربّما اليوم أصبحت هي تعيش في مدينة أخرى أو بلد آخر، وربّما تزوجتما وفرقت السبل بينكما، لكن هي صديقة قريبة دائماً من قلبك، على الرغم من بعد المسافات بينكما. لكن، مهما تفرقت السبل بكما، فإنك تعرفين أنكّ مجرد أن تحملي السماعة وتتصلي بها فإنك ستجدينها معك وإلى جانبك تفهمك وتضحكك وتبكي معك، وكأنكما لم تفترقا كل هذه السنوات وتلك المسافات، إن علاقتك بها أقوى من البعد الجغرافي أو الزمني.
– الوفية: هي صديقة لا تخفين عنها شيئاً ولا هي تخفي عنك أي شيء، تَبُوحان لبعضكما بعضاً حتى بأكثر أسراركما إحراجاً، فهي تفهمك دائماً ولا تطلق عليك الأحكام المطلقة وهي مستعدة دائماً للتستر على حماقاتك. غير أن وفاءها لك لا يمنعها من أن تهزك بعنف وتصرخ في وجهك أن رأتك تسيرين في الطريق الخطأ، قد تغضبين من تدخلاتها في حياتك، لكنك تعرفين أنها تريد مصلحتك دائماً، حيث ينطبق عليها القول “صديقك مَن يُبكيك ويَبكي معك وليس مَن يُضحكك ويَضحك عليك”.
– الخفية: تعلمين أنك أنتِ وهذه الصديقة لا تتقابلان كثيراً ولا تجلسان كل أسبوع للثرثرة، ولا تمضيان ساعات على الهاتف في تبادل الأخبار. ومع ذلك، فهي إنسانة تفهم من نظرة عينيك ما تشعرين به من دون أن تتكلّمي، فهي مثل طوق نجاة يمكنك أن تخرجيه عند الحاجة وتجديه دائماً جاهزاً لإنقاذك. هي صديقة لا تعرف كل ماضيك ولا تعرف سوابقك ولا إنجازاتك. لهذا، فإن رأيها فيك محايد ومتجرد من العاطفة، وبالتالي من المفيد جدّاً أن تستمعي إليها.
– المرشدة: هي كذلك لأنها أوسع خبرة منك وأكبر تجربة، وهي أيضاً أكثر جرأة وثقة، هي صديقة ترشدك دائماً وتوجهك وتشجعك على التقدم إلى الأمام، فهي القدوة بالنسبة إليك، وهي مَن يُساعدك دائماً لتكوني شخصاً أفضل. هذه الصديقة هي دائماً لتكوني شخصاً أفضل. هذه الصديقة هي دائماً حاضرة معك، في لحظات الكآبة والحزن لكي تساندك، وفي لحظات الفرح كي تبارك لك وتفرح معك. هي منارتك وأنتِ أيضاً تحاولين أن تكوني كذلك بالنسبة إليها.
– المحاورة: تتميّز هذه الصديقة بأنّها صديقة متحدثة من طراز عال، تستمتعين بالجدال معها ومناقشتها حول أمور كثيرة، منها الجادة ومنها التافهة. تفكران مع بعضكما بصوت عال، وتقارنان أفكاركما وتغني كل منكما الأخرى بأفكار جديدة ومختلفة. يمر الوقت سريعاً عندما تكونان مع بعضكما، وما إن تنتهيا من الحديث حتى تشعرا برغبة في بداية حديث آخر.
قد يحدث أن تجدي كل هذه الصديقات مجسدات في إنسانة واحدة، حينها لا تترددي في أن تصفيها بأنّها صديقتك الحميمة.
– مجرد رفيقات:
– الأنيقة: هي فتاة تحبين أن ترافقك إلى المحلات، من أجل التسوق والإطِّلاع على آخر خطوط الموضة، وربّما أيضاً تتبادلين معها الإكسسوارات، وتنتظرين أن تريها لكي تسأليها عن آخر موضة في الملابس والأحذية والماكياج وحتى في كريمات التجميل. أنت وهي تتقاسمان فعلاً هذا النوع من الإهتمامات، لكن إذا بحثت عن الشيء الآخر الذي يمكن أن يجمعكما، عدا الموضة وصيحاتها، فإنّك لا تجدين شيئاً حقاً، فإذا ما انتهيتما من مناقشة أخبار الموضة، فإنكما لا تجدان شيئاً آخر مشتركاً تتحدثان فيه.
– النجمة: إنّها أشبه بقنبلة موقوتة، فهي مليئة بالحيوية، وهي نجمة لأنّها فعلاً مميزة بجمالها وخفة ظلها وشخصيتها وإهتمامها بأناقتها. تحبين مرافقتها والخروج بصحبتها، فمعها تشعرين بأنّك تنتمين إلى ناد من الأشخاص المتميِّزين. لكن الغريب أنك تتجنبين أن تعرّفيها إلى خطيبك أو زوجك، فأنتِ تخافين منها، هل هي غيرة؟ كلا، بل هو عدم ثقة بها، وهذا ما لا يجعلها صديقة حقيقية بالنسبة إليك، فالصديقة الحقيقية لا يمكن أبداً أن تخافي على زوجك منها.
– الزميلة: هي فتاة تستمتعين برفقتها في المكتب، فهي خفيفة الظل، لا تجدين مانعاً في أن تقفي دقائق عديدة تتجاذبين معها أطراف الحديث، أثناء إستراحة شرب القهوة في الصباح، وتمتعك بحديثها ونكاتها الطريفة دائماً، لكن الغريب أنك لا تفكرين أبداً في توجيه الدعوة إليها، عندما تدعين صديقاتك إلى الخروج أو إلى العشاء في بيتك. والسبب ربّما، أنك تخجلين من أن تعرّفي صديقاتك إليها، فهي وإن كانت لطيفة إلا أنها ليست من مستوى الصديقات اللاتي تبحثين عنهنّ.
– التوأم: إنها إمرأة تتشاركين معها في الكثير من الأشياء، فأنتما تحبان المسلسل نفسه وتعشقان المطربين أنفسهم وتذهبان معاً إلى نادي الرياضة، وقد تساعدان بعضكما في بعض المهام. ومع ذلك، عندما تتحدّثين عنها لا تقولين إنّها صديقتك، فهناك شيء ما ينقص هذه العلاقة، إنّه الإنسجام الحقيقي.
– زوجة فلان: إنّها إمّا صديقة صديق خطيبك أو زوجة صديق زوجك، بمعنى أن علاقتك بها قائمة على علاقة زوجك بزوجها. هي إمرأة لطيفة وإجتماعية وأنتِ تقضين وقتاً طيِّباً في وجودها، عندما يدعوانكما إلى الغداء أو تدعوانهما إلى العشاء في مكان ما، أو عندما تخرجون معاً للنزهة في النهاية الأسبوع، لكن علاقتك بها تنتهي بمجرد مغادرتكما المكان أنتِ وزوجكِ أو خطيبكِ. فعلى الرغم من لطفها، إلا أنك لا تشعرين أبداً برغبة في أن تحملي سماعة الهاتف وتقومي بدعوتها إلى الخروج في عدم وجود زوجك وزوجها. فأنت وهي لا تفتحان أبداً موضوعات خاصة، ولا تدخلينها “كواليس” حياتك ولا هي تفعل ذلك معك، وتشعرين بأن هناك حدوداً خفيّة تفصل عالمك عن عالمها، فلا شيء آخر مشتركاً بينكما سوى الصداقة أو الزمالة التي تجمع زوجها بزوجك.
– انتبهي:
عليك أن تنتبهي إلى أنّ الوقت لا دخل له في الصداقة. فهناك أشخاص تعرفينهم منذ سنوات وتقضين معهم أوقاتاً كثيرة، لكنهم ليسوا بالضرورة أصدقاء. فقد تكتشفين في لحظة ما، أنك تصاحبينهم من باب التعود فقط، وليس من باب الحب أو الإنسجام أو المشاركة.
أيضاً، هناك مثل يقول: “الصديق وقت الضيق”. هذا القول صحيح لكن فيه مبالغة، لأننا قد نمر بمواقف ضيق ومصاعب، ونجد أن شخصاً غريباً عنّا ساندنا فيها أكثر من شخص مُقرَّب منّا، كما أنّ الصديق الحقيقي لا يظهر في الضيق فقط، بل تعرفينه أيضاً عندما تجدينه يفرح لفرحك كما يحزن لحزنك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى