موقع آثار تدمر

مدينة تدمُر (بالإنجليزية: Palmyra) هي مدينة أثريّة تقع في سوريا، وتُعدّ اليوم إحدى أهمّ المدن الأثريّة والتاريخية في العالم؛ فلها شُهرةٌ ومكانةٌ حضاريّة وتاريخيّة مرموقة. ارتبطت المدينة باسم الملكة زنوبيا التي كانت تحكُمها، وازدهرت ازدهاراً كبيراً في عهدها. كانت المدينة محطّ القوافل التجاريّة بين بلاد الشام وبلاد الرافدين،[١] حيثُ كانت تقع على طريق الحرير التجاريّ، وكانت المدينة تُسمّى بأثينا الجديدة،[٢] كما سُميّت المدينة بعروس الصحراء،[١] وواحة النّخيل، وهو معنى اسم Palmyra الذي أطلقهُ الرومان على المدينة. أمّا اسم تدمُر فهو الاسم الذي أطلقتهُ شعوب ما قبل الساميّة على الموقع، وما زال يُستَخدَم حتى اليوم.[٣]

موقع آثار تدمر

تقع آثار مدينة تدمُر القديمة في الصّحراء السوريّة، وهي ما يُطلَق عليها اليوم مُحافظة حمص السوريّة. يقع الموقع شمال شرق العاصمة السوريّة دمشق،[٤] حيثُ تبعُد الآثار عن العاصمة السوريّة بمسافة 235كم.[٥] وهي واحة تقع وسط الصّحراء، وتتميّز بكثرة النّخيل فيها.[٤] تاريخياً، وقعت مدينة تدمُر بين حضارتين قامتا قديماً، وهما الإمبراطوريّة الرومانيّة التي قامت في بلاد الشّام إلى الغرب، والإمبراطوريّة البارثيّة التي قامت في بلاد الرافدينإلى الشّرق.[٦] تمتدّ إحداثيّات المدينة بين ″5 ′33 °34 شمالاً، و ″5 ′16°38 شرقاً.[٧]

تاريخ مدينة تدمر

يعود تاريخ المدينة إلى عصر النبي سُليمان، حيثُ تمّ ذكرها في كتاب الإنجيل، وذَكِرَ وصفها أنّها الصّحراء التي قام سُليمان بتحصينها. وتم ذكرها مع النبي يوسف باسمها (تدمُر)، وهي المدينة التي بناها يوسف.[٨] في القرن الأول الميلادي وقعت مدينة تدمُر تحت حُكم الرّومان، وحَكَمها الإمبراطور تيبيريوس. في عام 129 ميلادي قام الإمبراطور هادريان بزيارة المدينة وأعلنها مدينةً مُستقِّلةً، وأُطلِق عليها لقب كولونيا، وتمّ إعفاؤها من الضّرائب. ازدهرت المدينة في القرنَي الثّاني والثّالث الميلادي، وأصبحت مركزاً تجاريّاً هامّاً، وبعد سقوط الدولة الباراثيّة واجهت المدينة بعض الصّعوبات في طرق التّجارة. قام الرومان بتعيين سبتيموس أذينة كملك على تدمُر، وتمّ تسميتُه بحاكم الشّرق.[٣]

بعد تعيينه كحاكم للمدينة، تمّ اغتيال الإمبراطور سبتيموس أذينة وابنه، واستلمت حُكمَ المدينة زوجته الملكة زنّوبيا. ازدهرت المدينة في عهدها بشكل كبير جداً، واشتهرت بكونها مركزاً رئيسيّاً للتّجارة في ذلك الوقت، تحت حُكمها أعلنت المدينة استقلالها الكامل عن الدولة الرومانيّة، كما قامت بالسّيطرة على أرجاء واسعة من مدينة الأناضول في عام 270 ميلاديّ، لكن سُرعان ما قام الإمبراطور أوريليان باستعادة الأناضول عام 272 ميلادي، وقام بهدم مدينة تدمُر في العام الذي يليه.[٣]

بالرّغم من تعرُّضها لأحداث مُدمّرة، إلا أنّ المدينة استمرّت في كونها مركزاً رئيسيّاً على طريق ديوكلتيانوس، وهو الممرّ الذي كان يربط مدينة دمشق بنهر الفرات في العراق. وفي عام 634 ميلادي قام الخليفة أبو بكر بإرسال الفتوحات الإسلاميّة إلى المدينة بقيادة الصحابيّ خالد بن الوليد، وقام المُسلمون بفتحها. تدريجيّاً، فقدت تدمُر مَكانتها كمركز تجاريّ، وتراجع دورها كحلقة وصل بين الحضارات القديمة.[٣] في عام 1785 ميلادي قامت عدّة بعثات أوروبيّة بزيارة المدينة لاستكشافها وتوثيق الحضارة التي قامت فيها.[٩]

أهم الآثار القديمة في تدمر

تضُمّ مدينة تدمُر مواقع أثريّة وآثاراً قديمةً تعود إلى الحضارات التي قامت على أرضها. آثار تدمُر تُعَدّ من أجمل المباني العُمرانيّة في الشرق، وتعتمد المدينة حاليّاً على السّياحة بشكل أساسيّ، ولأهمّيتها التاريخيّة والحضاريّة؛ تم إدراج مدينة تدمُر على لائحة اليونيسكو للتّراث العالمي عام 1980 ميلادي.[٤] من أبرز المعالم الأثريّة التي توجد في مدينة تدمُر ما يأتي:

  • معبد بل‎‎: هو أهمّ مبنى دينيّ في القرن الأول الميلادي فيمنطقة الشرق الأوسط. (بل) هو إله ساميّ من أصل أكاديّ، وهو إله الآلهة، وبُنِيَ هذا المعبد تكريساً لعبادته.[١٠]
  • قوس النصر: وهو أشهر مَعلم في مدينة تدمُر، يُعتبر من أشهر المباني المعماريّة الجذّابة في العالم، يضم المنصب ثلاثة أقواس، وهي الطّريق الذي يصل إلى معبد بل. تم بناء القوس في عهد الإمبراطور الرومانيّ سيبتموس سيفيروس الذي حكم المدينة بين عاميّ 193-211 ميلادي.[١١]
  • معبد نابو: نابو هو إله لحضارة ما بين النّهرين، ويُعّد رمز الحكمة والنبوءة. يضُمّ المعبد مذبحاً، وسلّةً، ومدخله ذو أعمدة من البروبيلين. يبلُغ طول المعبد 20 متراً، وارتفاعه 3 أمتار.[١٢]
  • الأغورا: وهي ساحة مُستطيلة الشّكل، يبلُغ طولها 71 متراً، وعرضها 48 متراً، وتم بناؤها في القرن الثاني الميلادي. يُحيط السّاحة عدد من الأروقة المُعمَّدة، وتحتوي أسوارها على نوافذ مُستطيلة الشّكل ومليئة بالزّخارف الجميلة.[١٢]
  • معبد بعل شمين: هو معبد قديم لإله الكنعانيّين بعل شمين، يعود المعبد إلى القرن الأول الميلادي، وتمّ ترميم المعبد عدّة مرّات.[١٢]
  • مَتحف الفلكلور: يحتوي المَتحف على مجموعة كبيرة من الآثار والفنون التي وُجدت في مدينة تدمُر، كما يحتوي على الكثير من التّماثيل؛ إذ كانت العائلات الغنيّة تُكِّرم موتاها من خلال التّماثيل المنحوتة.[١٢]
  • وادي القبور: يحتوي الوادي على مجموعة كبيرة من المقابر الملكيّة، من أبرزها قبر لامليكو.[١٢]
  • شارع الأعمدة: يبلُغ طول هذا الشارع 1.2 كلم، ويحتوي على قوس النّصر، وفي آخره يوجد معبد نابو.[١٢]
  • المسرح: يعود المسرح إلى القرن الثاني الميلادي، ويوجد فيه مرافق لاستقبال الجماهير وغرف للمُمثّلين.[١٢]

تدمير آثار تدمُر

في شهر مايو من عام 2015 قام تنظيم داعش بالسّيطرة علىمدينة تدمُر، وأصبحت المدينة وآثارها تحت تهديد تدميرها. في شهر أغسطس من نفس العام أطلق التّنظيم صوراً تُظهر تدمير وتفجير العديد من المعالم الأثريّة الشّهيرة في المدينة، منها معبد بعل شمين، ومعبد بل،[٣] كما تم تدمير العديد من المقابر التي كانت تقع في وادي القبور في المنطقة.[١٣][١٤]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى