موضوع تعبير عن وصف الطبيعة في فصل الخريف

وصف الطبيعة في فصل الخريف

لكل فصلٍ من فصول العام جمالٌ يُميزه عن غيره ويجعل القلوب تتعلق به، ولفصل الخريف جمالٌ متفرّد متميزٌ، لا يُشبهه أي جمال ولا يُوازيه في الروعة أي فصل، ففيه  تُلملم الطبيعة آخر ما تبقى من ثمار الصيف وسهراته الطويلة وأغنياته الصاخبة، وتنحسر شمسه لتعود خجولةً مرةً أخرى وتُطلّ من بين الغيوم على استحياءٍ، بعد أن كانت شمساً متمردةً تلسع بحرارتها، فشمس الخريف شمسٌ دافئة حنونة لا تُزعج غيرها ولا تتمرد على الطبيعة، كما أن نسمات هوائه ممزوجةٌ برائحة الصيف والشتاء معاً، فهو فصلٌ يجمع بين حرارة الصيف ولسعة برد الشتاء، وهذا ما يُعطيه نكهته الخاصة.

في الخريف تنزع الطبيعة والأشجار عنها ثوبها البالي الذي ملّته العيون وأصبح قديماً جداً، وتتحول من الخضرة إلى اللون الأصفر الذي يبث في النفس مشاعر مختلطة ومختلفة، لكنها جميلة بكل تفاصيلها، فاللون الأصفر الذي يُغطي السهول ويُجرّد الأشجار من أوراقها فتُصبح أغصانها جرداء عارية، يُعطي للنفس دروساً وحكماً كثيرة، أولها أن لكل بداية نهاية ولكل بداية تغيير وتجدد لا بُدّ من المرور بالخريف ليكون نقطة الانطلاق.

في فصل الخريف يسود السكون في جميع أرجاء الطبيعة، فالحيوانات تتهيأ لسباتها الذي تنعزل فيه عن الحياة لتشحن طاقتها من جديد وتعود مرة أخرى، والطيور تبدأ بالهجرة الطويلة لتُسافر إلى أماكن أخرى، والنباتات تدخل في موسم الراحة الذي يُهيئها للبدء من جديد في المواسم القادمة، فهو فصلٌ لراحة الكثير من الكائنات لتجدد طاقتها التي استهلكت.

على الرغم من أن الكثيرين يعتبرون الخريف فصل الملل والهدوء، إلا أنه في الحقيقة فصل الاستمتاع في الطبيعة، فاعتدال طقسه يُتيح فرصةً ذهبيةً للناس كي يتأملوا جمال الطبيعة، كما أن نهاره يميل إلى أن يُصبح قصيراً، وهذا يُعطي للناس فرصة أن يسهروا أكثر، لأن ليله جميلٌ ومعتدل وطويل، وتبدأ قطرات الندى بالعودة فيه من جديد لتستقر على أغصان الأشجار، وعلى الرغم من أن أكثر الشعراء تغزلوا بخضرة الربيع وزهوره وبثلوج الشتاء وروعة أمطاره وبسهرات الصيف الجميلة، إلا أن للخريف أيضاً حصةُ كبيرةٌ في قصائد الشعراء والأدباء، وفيه ولدت أعظم القصائد وقيلت في وصف طبيعته أجمل الأبيات، وفي هذا يقول الكاتب: “يا أيِّها المولود بين الماء والنارِ احتجاجاً، نصفُ قلبكَ ملجأ، والنصفُ شبّاك الأميرةِ، هل آنَ أنْ تأوي إلى صوتي لنوقدَ غصّةً بعد الخريف بغيمتينِ ونبكي ما شئنا، ونفرح بالبكاءْ، مَنْ يمرُّ إليكَ منْ مدن البنفسجِ أيُّها المسكون بالأمطارِ يوماً”.

الخريف موتث وميلاد، لكنه أقرب للميلاد أكثر، فالصفرة التي تعتلي طبيعته ما هي إلا ميلادٌ لخضرةٍ جديدة، فالمجد كل المجد لشمسه وصفرة أوراقه وجمال لياليه والأحلام التي تتكدس على عتباته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى