موبيلك جزء من شخصيتك 2019

لجوال جهاز فرض نفسه على الدنيا بأسرها، لما له من براعة في التواصل مع الغير في أي مكان وزمان، مما يوفر الوقت والجهد..
ورغم أنه وسيلة عصرية إلا أنه لا يخرج استعماله عن منظومة الآداب الإسلامية التي تتسم بها شخصية المسلم،
بل لا نبالغ إذا قلنا أن حُسن استخدام هذا الجهاز من حُسن سمت المسلم، لما فيه من الآداب الكثيرة التي هي مكون قيمي من مكونات الشخصية الإسلامية وآدابها.

* اتصالك بشخص على الجوال لا يقتضي بلزوم رده عليك، فقد يكون المستقبل قد ضبط جهازه على وضع صامت، أو ربما في مكان به ضوضاء شديدة قد لا تمكنه من سماع رنات هاتفه، أو في حالة نفسية أو انشغالية يصعب معها الحديث مع أحد.. أو غيرها من الأعذار التي ينبغي أن نتلمسها للناس، وفي الحكمة: «التمس لأخيك مائة عذر».

* الانفراد بالحديث مع شخص بالجوال معناه أنك قد اقتنصت جزءًا من وقته، وأقحمت نفسك في دائرة أحداثه، واستحوذت على فكره، ولكن أيضا لا ترين حاله بالعين المجردة، فربما يكون في اجتماع مهم، أو أمام آلة دوارة، أو في حالة نفسية سيئة لا تسمح بالحديث.. ولذلك ينبغي الاختصار قدر الإمكان، والتعبير عن المقصود بأوجز الكلمات، خاصة وأن الثرثرة معيبة في حق الفضلاء، فإن كان الموضوع الذي تتحدثين فيه يحتاج إلى إطالة فينبغي أن تستعلمي أولا من محدثك، هل هو في وقت يسمح له بالشرح والإسهاب؛ لأن الاسترسال في الكلام مع وجود ما ينغص لدى المستمع يشتت فكره ويفوت المقصود من الحديث معه.

* تجنبي الاتصال في الأوقات التي لها خصوصية، كأوقات الصلاة، وغالبا ما تستمر من الآذان وحتى نصف ساعة بعده سواء كان الإتصال بامرأة أو رجل (من المحارم طبعا ), فكثيرا ما تُسمع الألحان ومختلف الرنات في المساجد، وهذه ظاهرة لا تليق بحرمة المساجد، وكل هذا بسبب اتصال الذين لا يراعون حرمة الوقت والمكان.

* من الأوقات الحرجة -أيضا- فترات النوم التي غالبا ما يعتاد الناس الراحة فيها، كجوف الليل ووقت القيلولة، وهذا ما أشارت إليه الآية -ولو من بعيد-:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
[النور:58].

* الجوال من أيسر الوسائل العصرية لتدعيم تواصلك بالآخرين، فمجرد الاتصال على قريبة أو زميلة أو جارة أو قريب من المحارم

أو صديقة مسافرة لتطمئني على سلامة وصولها إلى مقصدها إنما هو تعبير عن وضعك الآخرين في بؤرة اهتمامك، الأمر الذي يزيد من محبتك لديهم. وغيرها الكثير من المكالمات في مواقف متعددة تسعد من حولنا، وتدعم تواصلنا معهم.
وقال – صلى الله عليه وسلم-: «ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق»
[صحيح الجامع:5721].

* لا ننسى أبدا فتوى كثير من العلماء المعتبرين بأن الاتصال بذوي القربى للاطمئنان على أحوالهم يعد من صلة الأرحام التي أوصانا الله بها، وما أجملها من فتوى تتماشى مع روح العصر والتيسير الذي أمرنا الله تعالى به، خاصة بعدما تعقدت الأحوال، وزادت الانشغالات، وبعدت الديار،
وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «ليس شيء أطيع الله تعالى فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم، وليس شيء أعجل عقابا من البغي وقطيعة الرحم»
[صحيح الجامع:5391].

* من أجمل السلوكيات الدعوية المنتشرة الحرص على الإيقاظ لصلاة الفجر برنات الجوال، وما أجملها من سنة، وما أحلاه من تعاون على الخير، اقتداء بكلام الحبيب -صلى الله عليه وسلم-:
«كل معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله»
[صحيح الجامع:4556]،

وقوله – صلى الله عليه وسلم-:
«من سن سنة حسنة، عُمل بها بعده، كان له أجره، ومثل أجورهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيء»
[صحيح الجامع:6306].

* تعرّفي على جوالك وعلى إمكاناته والخدمات العديدة التي قد تنتفعين بها من خلاله، فلا تحصري استعماله فقط للاتصال واستقبال المكالمات والدردشة فقراءة القرآن من القرآن من الجوال يغني عن حمل المصحف، وتسجيل الأدعية والأذكار والتذكير بها وسماع الدروس والخطب لا ينبغي أن نغفل عنه وننساه, كما البرامج التثقيفية والتعليمية يجدر بنا أن نستغل أوقات الفراغ والإنتظار للإستفادة من كنوزها. وغيرها من الأفكار والخدمات التي وفرتها التقنية الحديثة، وحان دورنا أن نستفيد منها غاية الاستفادة لتوفير الوقت والجهد.

* مضار الجوال أشهر من أن تذكر ومعصية الله عز وجل قد تكون بالجوارح وقد تكون بآلة مساعدة،
فقبيح بالمرء -مثلا- أن يسجل مكالمة للمتحدث معه وهو لا يعلم، فقد ينبسط المرء في الكلام ثقة بالمستمع،
وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما المجالس بالأمانة» [صحيح الجامع:2330]
يعني أن المجالس الحسنة إنما هي المصحوبة بالأمانة، أي كتمان ما يقع فيها من التفاوض في الأسرار، فلا يحلّ لأحد من أهل المجلس أن يفشي على صاحبه ما يكره إفشاؤه. وهذا يشمل أيضا التصوير.

* أعيذك بالله أن يكون جوالك سبيلا إلى دخول النار، حين تستعمليه في إرسال مالا يحل النظر إليه من صور أو أفلام أو مقاطع، أو ما يحرم الاستماع له من أغنيات أو موسيقى أو غيرها، أو حتى ما تحرم قراءته من كلمات أو موضوعات أو نكات أو غيبة أو نميمة، فتكوني أنت أول من أرسلها وينشرها الآخرون من بعدك، فتتضاعف سيئاتك، وتبوئي أنت بإثمها،
فقد جاء في الحديث: “ومن دعا إلى ضلالةٍ، كان عليه من الإثمِ مثلُ آثامِ من تبِعه، لا يُنقِصُ ذلك من آثامِهم شيئا”
(رواه مسلم).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى