مهرجانات في زمن الصفوف !!

تهدج صوت إمام مسجد “ود أرو” في قلب أم درمان القديمة على منبر (الجمعة) ظهر أمس ، وهو يعبر بصدق ظاهر عن حسرة شعبنا وهو يكابد الأزمات ، أزمة بعد أخرى ، ويقول إن المواطن صار يستهلك معظم ساعات اليوم في الوقوف بمحطات الوقود وأمام المخابز طلباً للخبز ، فأين الحكومة ؟

سؤال خطيب (الجمعة) وجيه ومنطقي وصادق ، فمنطلقاته غير سياسية ، ولا علاقة لها بانتماءات لحكومة أو معارضة ، والرجل في قوله وتساؤله يمثلنا ، ولا يمثل الحزب الشيوعي السوداني ، أو الجبهة الثورية ، أو قوى نداء السودان .

وما دامت البلاد تعاني من صعوبات مستمرة متعلقة بشح في النقد الأجنبي لتوفير الجازولين ، ومشكلة إدارية مرتبطة بالنقل والتوزيع على المحطات في الخرطوم ، مضافاً إلى أزمة (خبز) سببها وجود نوعين وسعرين للدقيق من المطاحن ، واحد تجاري، وآخر مدعوم يتسرب للسوق السوداء للاستفادة من الفارق بين (600) جنيه و(1200) جنيه للتجاري ، فقد كان واجب الدولة أن تحاول تمثُل مظاهر الزهد والتقشف لترسل رسائل ضرورية على بريد المواطن ، مفادها أننا معكم .. نشعر بما تشعرون .. ونعاني ما تعانون .

فليس معقولاً ولا مناسباً أن تواصل الدولة برامجها الاحتفالية كما وضعت قبل شهور ، وكأن شيئاً لم يكن ، دورة مدرسية تكلف مليارات الجنيهات في “نيالا” ، ومهرجانات سياحة وتسوق في “مدني” وغيرها ، ورحلات خارجية غير منقطعة على كافة مستويات الدولة ومجلس الوزراء وحكومات الولايات ، سفراً في كل الاتجاهات .. شرقاً وغرباً .. شمالاً وجنوباً !!

إن إحساس المواطن بانقطاع حكامه عنه وعن واقعه الرديء ، يجلب اللعنة والسخط والغضب ، وعندما يتملك المواطن هذا الشعور ، فإن الحاكم يفقد أهم ما يستند عليه من دعم ، وهو دعم القاعدة الشعبية .
لكل وضع تدابيره ، ولكل مرحلة إجراءاتها ومظاهرها ورجالها ، فهل تبلغ رسالتنا قيادتنا ؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى