مفاتيحك لقلب زوجك 2019

أختي المسلمة: إن الكلام عن الحقوق الزوجية بين الزوجين لا يعني أداءها كما تؤدى الديون والمستحقات لأصحابها، وإنما هي مرتكزات أساسية للعشرة بالمعروف، تؤدى في جو ساكن يفعل في الحياة الزوجية كل مفردات الأخلاق الحميدة والمودة والمعروف.
فهي كالأكلة الشهية حينما تقدم بالأسلوب الحسن.. في طبق مقبول! لذا فإن مفردات العشرة الزوجية الناجحة أوسع وأرحب من مجرد أداء حقوق واجبة!!

فكيف تمتلكين مفاتيح العشرة الزوجية، وكيف تكتسبين مهارات امتلاك الزوج نفسه!

– الحب الصادق: يتفاءل الإنسان -أي إنسان- في حياته.. حينما يدرك أن لديه من يحبه! وهذا التفاؤل هو نبضة دفاقة تبعث الأمل في الحياة!
وحينما يشعر الزوج بحب زوجته له.. يشعر بالتفاؤل.. ويأمل في الحياة في أكنافها!
وإذا كان الإحسان إلى الناس مفتاحًا يستعبد قلوبهم!؛ فإن أعظم إحسان تقوم به الزوجة تجاه زوجها لتستعبد قلبه هو أن تحبه الحب الصادق!

والأصل في النكاح هو تحصيل المودة والسكينة كما قال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189].
وكما قال -صلى الله عليه وسلم-: «لم ير للمتحابين مثل النكاح» [صححه الألباني]، فالمودة هي جوهر الحياة الزوجية ومفتاح كل زوجة لقلب زوجها.. ولذا فإن امتلاك الزوجة لهذا المفتاح يؤهلها لأن تحظى مكانة رفيعة عند زوجها.

ولا ينبغي للأخت المسلمة أن تزهد في تفعيل هذا الخلق الجميل في حياتها الزوجية.. بل من لوازم الحب الصادق والمودة أن تبدي أحاسيسها لزوجها في كل وقت.. سواء بالكلمة الطيبة المستعذبة.. أو بالفعال.. وجميل الأحوال.. وغيرها من المفردات التي تناسب ترجمة المودة الصادقة!

– التفاعل العاطفي: فالعاطفة تشكل جوهر الإنسان.. ومنها تنفجر انفعالاته.. وتصرفاته في الحياة الأسرية.. والزوجة الحكيمة.. هي التي تتقن تغذية عواطف زوجها وأحاسيسه.. تمامًا كما تتقن تغذية جسمه بما يحتاجه من ألوان الطعام والشراب.
والعاطفة هي مساحة التعبير عن المودة الصادقة.. وهي ليست وجبة تقدم في مساحة محددة.. بل هي شعور ترسمه الزوجة في حسن استقبالها لزوجها.. وفي شكلها.. ونظرتها وتلميحها.. بل وصمتها أيضًا!
فهي سمت ساكن يلزم نعوت الزوجة في كل تصرفاتها.. ويفيض منها ليشكل عنصرا جذبا ورشاقة لعواطف الزوج كل حين وعلى كل حال!

– الاهتمام: فالزوج خارج بيته يعكس شكله وحالته النفسية مدى اهتمام أهله به داخل البيت وهذا أمر غالب! فإذا كانت أهله تهيئ له جوًا من الراحة النفسية والبدنية.. فإنه ولابد سيغادر بيته مفعمًا بالنشاط والحيوية.. وتفيض الحياة على أسارير وجهه.. وجمال بسمته.
والاهتمام بالزوج يعني الاهتمام بمظهره.. ونظافته.. وملبسه.. والزوجة في ذلك بمثابة مستشاره الخاص بزينته الخارجية.. فهي مرآته التي يظهر فيها كاملًا بعكس مرآة دولابه التي لا يظهر فيها إلا وجهه وشيء من أطرافه!
وكم هو فياض ذلك الشعور الذي يغمر الزوج وهو يقف أمام زوجته مستسلمًا لذوقها في اختيار اللباس المناسب له.. بحرص شديد.. وإصرار عنيد.. وهو يدرك أن زوجته أحرص على زينته وحسن مظهره من نفسه.. شعور يلمس ذكرياته ليولد إحساسًا يمزج بين حب الزوجة وحرارة الأمومة!
ويزداد ذلك الشعور عمقًا.. حينما يصادف إطراءً يثني على ذوقه في اللباس.. بين أصحابه.. وأحبابه.. وفي عمله..

أختي المسلمة: فشيء من هذا الاهتمام قد يفتح قلب الزوج على مصراعيه.. ويفتق منه المودة الكامنة في أعماقه.
والاهتمام بالزوج لا يقتصر على مظهره.. وإنما يتمثل في كل شيء يستحق الاهتمام، كالاهتمام بأكله نوعًا وكيفًا وزمانًا ومكانًا.. وكذلك الاهتمام بعطره وما يفضل منه.. والاهتمام بأذواقه في الأثاث وغرفة النوم.. والاهتمام بضيوفه.. وزواره.. بإكرامهم بما يرضيه ويشرف مكانته.. وتقديره.. والاهتمام بأقاربه وأرحامه وذويه.. بإكرامهم.. وتقديرهم.. والاهتمام بوقته وأشغاله.. بتذكيره بمواعيده وأوقات واجباته.. والاهتمام براحته.. وأوقات نومه.. وزياراته..

– المشاركة الوجدانية: فهي من أعظم الوسائل التي يكتسب بها الزوج، وأهم مفرداتها هي القناعة والرضا، ومشاركة الزوج أفراحه وأتراحه.
وهذا الخلق أوجب ما يكون على الزوجة إذا عصفت المحن بزوجها وتوالى عليه البلاء.. فإنه ساعتها أحوج ما يكون إلى النصير.. وأحوج ما يكون إلى من يواسيه.. وينسيه الهموم وهنا تظهر معادن النساء!

وكانت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وأرضاها قدوة ناصعة في المواساة والمشاركة في الحياة الزوجية بسرائها وضرائها مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.. فقد كانت له سندًا تخدمه بنفسها وتشاركه همومه بمالها.. ويوم أن لقيه جبريل.. فأصابه الوجل وجاءها يرتعش من هول ما رأى.. هدأت روعه.. وهي تقول: “كلا والله لن يخزيك الله أبدًا فإنك تصل الرحم وتعطي المعدوم وتعين على نوائب الحق!”، وفي ذلك عبرة لكل زوجة مؤمنة تحرص على زوجها! وذلك ليس بالقناعة والرضا بعيشه فقط بل بمواساة الزوج بالمال وما تملك! وبالوجدان والعاطفة والنصيحة والتوجيه!

وفي كلام خديجة ومواساتها للنبي -صلى الله عليه وسلم- درس لابد لكل زوجة صالحة من استخراج فوائده وإعمالها في الحياة الزوجية ألا وهي تشجيع الزوج إذا غلبه هم أو غم.. وشحن طاقة صبره.. وإشعاره بقيمة نفسه.. وسالف نجاحاته.. وأعماله الخيرة..
وفرق شاسع بين زوج ضاع ماله كله.. فوجد زوجته تواسيه.. ولا تعير اهتمامًا للخسارة.. بقدر ما يهمها عودة البهجة لزوجها.. فهي تنتقي له من عبر الحياة ما يهدئ حسه.. وتبعث فيه الأمل بحبها ودفئها وحاجتها إليه.. لا إلى ماله! وبين زوج ضاع ماله كله.. فوجد زوجته كالبركان.. فقدت صوابها من شدة الغضب.. وهي تدعو على نفسها بالويل.. وعلى بيتها بالخراب.. وعلى زوجها بصب العذاب!

يا رب شاكرة للزوج في اليسر
***-
وفي البلاء تسلي الزوج بالصبر

تبش وجنتها في كل آونة
***-
إذا رأته تنير البيت بالبشر

فزوجها ملك والشعب زوجته
***-
والبيت مملكة الأفراح والخير

– غض البصر عن الهفوات: فالأخت المسلمة تدرك أن زوجها ليس ملكًا، ولن يكون كذلك على كل حال! وهذا يستلزم منها توطين نفسها على تحمل هفواته.. وأخطائه وغض الطرف عنها! والخطأ من طبيعة البشر جميعًا.

والحكمة ليست في متابعة الزوج على أخطائه.. وإنما في أمرين:

الأول: نصحه بالحسنى إذا ظهرت منه الأخطاء واضحة في الحياة الزوجية.

الثاني: عدم معاتبته ومحاسبته إذا تكرر منه الأخطاء التي يغلب طبعه فيها.. فهذا مما لابد منه في الحياة الزوجية.

يقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله-: «وفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يفرك مؤمن مؤمنة: إن كره منها حلقًا رضي منها آخر» [رواه مسلم] فائدتان عظيمتان:

إحداهما: الإرشاد إلى معاملة الزوجة، والقريب، والصاحب، والمعامل وكل من بينك وبين علاقة واتصال، وأنه ينبغي أن توطن نفسك على أنه لابد أن يكون فيه عيب أو نقص أو أمر تكرهه، فإذا وجدت ذلك، فقارنت بين هذا وبين ما يجب عليك أو ينبغي لك من قوة الاتصال والإبقاء على المحبة، بذكر ما فيه من المحاسن والمقاصد الخاصة والعامة، وبهذا الإغضاء عن المساوئ وملاحظة المحاسن تدوم الصحبة والاتصال وتتم الراحة.

الفائدة الثانية: وهي زوال الهم والقلق، وبقاء الصفاء والمداومة على القيام بالحقوق الواجبة والمستحبة، وحصول الراحة بين الطرفين.
ومن لم يسترشد بهذا الذي ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- بل عكس القضية فلاحظ المساوئ، وعمي عن المحاسن، فلابد أن يقلق، ولابد أن يتكدر ما بينه وبين من يتصل به من المحبة، ويتقطع كثير من الحقوق التي على كل منهما”. (الوسائل المفيدة للحياة السعيدة ص22-23).
وهذا الكلام يستوي فيه الزوج والزوجة، ولذا فإنكِ -أختي المسلمة- معنية بالحديث- ومعنية بغض النظر عن هفوات زوجك.. واجتناب محاسبته على كل صغيرة مهما دقت!

إن تجد عيبًا فسد الخللا ***- فجل من لا عيب فيه وعلا

ومن المعلوم أن غض الزوجة عن أخطاء زوجها.. يوجب في قلب الزوج محبة لها واطمئنان لعشرتها.. ويجعله هو نفسه يعامل بالخلق نفسه.. ويجتنب التدقيق في محاسبتها.. وأخطائها!

إن كنت في كل الأمور معاتبًا ***- حبيبك لم تلق الذي لا تعاتبه

– التزين: ومن آكد مفاتيح قلب الزوج اعتناء الزوجة بمظهرها ومنظرها أمامه.. فزينتها وسيلة لإرضائه.. وإبهاجه وسروره.. وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك بقوله حين سئل أي النساء خير: قال: «التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره». [حسنه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح برقم: 3208]

فقوله -صلى الله عليه وسلم-: «تسره إذا نظر» فيه دليل على أن اعتناء المرأة بمظهرها وجمالها وزينتها في البيت من دواعي قبولها عند الزوج.. ومن معاير خيريتها وفضلها في العشرة الزوجية.
وليس أمر الزينة والاعتناء بها مقتصرًا على الفراش.. وإنما هو خلق ينبغي للزوجة أن تحرص عليه في بيتها في كل وقت.. وأن تكون بأنوثتها وعواطفها ومظهرها مصدر بهجة تضفي على الزوج شعورًا بالرضا والارتياح.

ومن مفردات الزينة في هذا الباب:

– أن تتزين المرأة لزوجها وفق ما يرغبه من اللباس ما دام لا يخالف الشرع.. بل يجدر بالزوجة الحكيمة مراعاة ألوانه المفضلة وعطوره ونحو ذلك.

– أن تحافظ المرأة على نظافتها في كل وقت.

– أن تجتنب وسائل الزينة المباحة التي يكرهها الزوج سواء في اللباس أو غيره.

– الحنان: هناك أعمال يسيرة في الحياة الزوجية قد توظفها المرأة بشيء من الاهتمام لتضع منها مفتاحًا تمتلك به قلب زوجها.
منها على سبيل المثال: إيقاظ الزوج من نومه.. فأسلوب الإيقاظ يؤثر كثيرًا في انطباع الزوج.. وربما استطاعت الزوجة بلمسة حانية على هذا الأسلوب.. أن تشرح صدر زوجها لاستقبال يوم متفائل زاخر بالمسرات.
فأسلوب الإيقاظ.. ونبرته.. وعبارته.. وكيفيته تؤثر أثرًا بليغًا على الزوج.. حين يستيقظ على فيض من الحنان الأسري.. وتلمس روحه في أول رجوعها.. لمسات حانية.. تشعرها بأهميتها وقيمتها..
والأمثلة في الحياة الزوجية كثيرة.. ومنها حالة مرض الزوج.. أو عجزه.. أو نحو ذلك.
فالشاهد أن الزوجة التي تود كسب زوجها.. لابد أن تمزج بين حبه واحترامه والحنان عليه.. وتقديره.. ومهابته..

– اجتناب ما يكرهه الزوج: ومن أهم ما تكتسب به الأخت المسلمة قلب زوجها أيضًا الحرص على اجتناب كل ما يكرهه من المباحات وذلك يشمل ما تمجه طباعه من العادات والألفاظ والتصرفات بل والمناظر أيضًا.
فإن حرص الزوجة على هذه الحيثية يعلي قدرها في نظر زوجها لعلمه بجهدها الدؤوب في تهيئة الجو لراحته وهنائه وراحة باله.

من كتاب (كيف تمتلكين قلب زوجكِ)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى