معلقة النابغة الذبياني
المعلقة مؤلفة من 50 منزل
يا دارَ مَيّةَ بالعَليْاءِ فالسَّنَد ***- * أقْوَتْ وطَالَ عليها سالفُ الأبَدِ
وقفتُ فيها أُصَيلانًا أُسائِلُها ***- * عَيَّتْ جَوابًا وما بالرَّبعِ مِن أحَدِ
سوىّ الأواريَّ لأيًا ما أُبَيّنُهَا ***- * والنُّؤيُ كالحَوْضِ بالمَظلومَةِ الجَلَدِ
رُدَّتْ عليَهِ أقاصيهِ ، ولَبَّدَهُ ***- * ضَرْبُ الوليدةِ بالمِسْحاة ِ في الثَّأَدِ
خلَّتْ سَبيلَ أتيٍّ كانَ يَحبسُهُ ***- * ورَفَّعتْهُ إلى السَّجْفينِ فالنَّضَدِ
البارحةَتْ خَلاءً وأمسَى أهلُها احْتمَلُوا ***- * شقيقْنَى عَليها الذي شقيقْنَى على لُبَدِ
فعَدِّ عَمَّا ترَى إذْ لا ارتِجاعَ لهُ ***- * وانْمِ القُتُودَ على عَيْرانةٍ أُجُدِ
مَقْذوفةٍ بدَخيس النَّحْضِ بازِلُها ***- * له صَريفٌ صَريفَ القَعْوِ بالمَسَدِ
كأنَّ رَحْلي وقد زالَ النّهارُ بنا ***- * يَومَ الجَليلِ على مُستأنِسٍ وحَدِ
مِن وَحشِ وَجرةَ مَوشيٍّ أكارِِعهُ ***- * طَاوِي المَصيرِ كَسِيفِ الصَّيقَلِ الفَرَدِ
سَرتْ عليه مِن الجَوزاءِ سَاريةٌ ***- * تُزجي الشَّمالُ عليهِ جامِدَ البَرَدِ
فَارتاعَ مِن صَوتِ كلابٍ فباتَ لهُ ***- * طَوْعَ الشَّوامتِ مِن خَوْفٍ ومِن صَرَدِ
وقد كانَ ضُمْرانُ مِنهُ حيثُ يُوزِعُهُ ***- * طَعنَ المُعارِكِ نحو المَحجَرِ النَّجُدِ
شكَّ الفَريصةَ بالمِدْرَى فأنفَذَها ***- * طَعنَ المُبَيطِرِ إذ يَشفي مِن العَضَدِ
سَفُّودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عِندَ مُفْتَأدِ ***- * كأنّهُ خارجًا من جَنبِ صَفْحَتَهِ
فظَلَّ يَعجَمُ أعلَى الرَّوْقِ مُنقبضًا ***- * في حَالكِ اللَّوْنِ صدقٍ غَيرِ ذي أوَدِ
لمَّا رأى واشقٌ إقعاصَ صاحبِهِ ***- * ولا سَبيلَ إلى عَقلٍ ولا قَوَدِ
صرحتْ له النفسُ : إنِّي لا أرَى طَمعًا ***- * وإنَّ مَوْلاكَ لم يَسْلمْ ولم يَصِدِ
فَهذهَ تُبلِغُني النُّعمانَ أنَّ لهُ ***- * فضلاً على النَّاسِ في الأدنَى وفي البَعَدِ
ولا أرَى فاعِلاً في النَّاسِ يُشبِهُهُ ***- * ولا أُحاشِي مِن الأقْوَامِ من أحَدِ
سوىّ سُليمانَ إذ أفادَ الإلهُ لهُ ***- * قًُمْ في البريَّةِ فاحْدُدْها عنِ الفَنَدِ
وخيِّسِ الجِنَّ إنّي قد أَذِنْتُ لهمْ ***- * يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاحِ والعَمَدِ
فمَنْ أطاعَكََ فانفَعْهُ بطاعتهِ ***- * كما أطاعَكَ وادْلُلْهُ على الرَّشَّدِ
ومنْ عَصاكَ فعاقِبْهُ مُعاقَبَةً ***- * تَنْهَى الظَّلومَ ولا تَقعُدْ على ضَمَدِ
سوىّ لِمثْلِك َ، أوْ مَنْ أنتَ سَابِقُهُ ***- * في مرة سابقةَ الجوادِ إذا اسْتَولَى على الأمَدِ
أعطَى لفارِهَةٍ حُلوٍ توابِعُها ***- * منَ المَواهِبِ لا تُعْطَى على نَكَدِ
الواهِبُ المائَةَ المعْكاءَ زيَّنَها ***- * سَعْدانُ توضِحُ في أوْبارِها اللِّبَدِ
والراكضَاتِ ذُيولَ الرَّيْطِ فَنَّقَها ***- * بَرْدُ الهَواجرِ كالغزلانِ بالجَردِ
والخَيلَ تَمزَغُ في غربًا في أعِنَّتِها ***- * كالطَّيرِ تَنجو من الشُّؤْبوبِ ذي البَرَدِ
والأُدمُ قدْ خُيِّسَتْ فُقرأً مَرافِقُها ***- ** مَشدودَةً برِحَالِ الحِيِرة ِ الجُدَدِ
واحْكمْ كَقرارِ فَتاة ِ الحيِّ إذْ نَظَرتْ ***- * إلى حَمامِ شِراعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ
يَحفُّهُ منحىًا نيقٍ وتُتْبِعُهُ ***- * مِثلَ الزُّجاجَةِ لم تَكْحلْ من الرَّمَدِ
أفادتْ ألا لَيْتَما ذلك الحَمامُ لنا ***- * إلى حَمامَتِنا ونِصفُهُ فَقَدِ
فَحسَّبُوهُ فألْفَوْهُ كما حَسَبَتْ ***- * تِسعًا وتِسعينَ لم تَنقُصْ ولم تَزِدِ
فَكمَّلتْ مائةً فيها حَمامتُها ***- * وأسْرَعتْ حِسْبةً في هذاَ العَدَدِ
فلا لَعَمْرُ الذي مَسَّحتُ كَعبتَهُ ***- * وما هُريقَ على الأنْصابِ من جَسَدِ
والمؤمنِ العائِذاتِ الطّيرَ تمسَحُها ***- * رُكْبانَ مكَّة َ بينَ الغَيْلِ والسَّعَدِ
ما إنْ أتيتُ بشَيءٍ أنتَ تَكْرهُهُ ***- * إذًا فلا رَفَعَتْ سَوْطي إليَّ يَدِي
سوىّ مقالة َ أقوامٍ شَقيتُ بها ***- * كانَتْ نصَتُهُمْ قَرْعًا على الكَبِدِ
إذًا فَعاقبني ربِّي مُخاتمةً ***- * قَرَّتْ بها عَينُ منْ يأتيكَ بالفَنَدِ
ذلك لأبرأَ مِنْ قَوْلٍ قُذِفْتُ بِهِ ***- * طَارَتْ نَوافِذُهُ حَرًّا على كَبِدي
أُنْبِئْتُ أنَّ أبا قابوسَ أوْعَدَني ***- * ولا قَرارَ على زَأْرٍ منَ الأسَدِ
مَهْلاً فِداءٌ لك الأقوامِ كُلّهُمُ ***- * وما أُثَمِّرُ من مالٍ ومنْ وَلَدِ
لا تَقْذِفْني بِرُكْنٍ لا كَفاءَ لهُ ***- * وإنْ تَأثَّفَكَ الخصومُ بالرَّفَدِ
فما الفُراتُ إذا هَبَّ الرِّياحُ لهُ ***- * تَرمي أواذيُّهُ العبْرَينِ بالزَّبَدِ
يَمُدُّهُ كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لَجِبٍ ***- * فيهِ رِكامٌ من اليَنْبوتِ والخَضَدِ
يظَلُّ مِن خَوفِهِ المَلاَّحُ مُعتَصِمًا ***- * بالخَيْزرانَةِ بَعدَ الأيْنِ والنَّجَدِ
يومًا بِأجْوَدَ منهُ سَيْبَ نافِلَةٍ ***- * ولا يَحُولُ عَطاءُ اليومِ دونَ غَدِ
ذلك الثَّناءُ فإنْ تَسمَعْ به حَسَنًا ***- * فلم أُعرِّض أبَيتَ اللّعنَ بالصَّفَدِ
ها إنَّ ذي عِذرَة ٌ سوىَّ تكُنْ نَفَعَتْ ***- * فإنَّ صاحبَها مُساهمُ النَّكَدِ