مزمل أبو القاسم: نصحناه فلم ينتصح

لا أستطيع أن أمنع نفسي من التعاطف مع الأستاذ محمد الشيخ مدني، الذي خاض أصعب تجربة إدارية في مسيرته الرياضية الممتدة أكثر من نصف قرن، بتوليه رئاسة نادي المريخ في أصعب توقيت.
شهادتي في (أبي القوانين) ليست مجروحة، لأنني أعرفه جيداً، وأعلم عنه ما لا يعلمه كثيرون.
ود الشيخ رجل خلوق، بالغ التهذيب، رقيق الحاشية، نقي الدواخل، ولو وزعت الإنسانية التي تحويها نفسه الطيبة على كل أهل السودان لكفتهم وفاضت.
محمد الشيخ مدني مهموم بتخفيف آلام الناس، ومهتم بمساعدة الرياضيين الذين جارت عليهم الحياة.
أما بره بأهله فيشهد عليه عمله في لجنة تطوير شندي، مع رفيق دربه عصام الحاج.
أما مسيرته المهنية فتشهد بأنه كان نعم المعلم المربي، وقد شهد له تلاميذه (وهم بالآلاف) بالعبقرية في تدريس مادة الرياضيات.
لم يترك ود الشيخ مهنة الأنبياء حتى عندما اختارته الحكومة وزيراً للتربية والتعليم في ولاية الخرطوم، فقدم فيها تجربة لافتة.
أما مسيرته الرياضية فتفاصيلها معلومة للرياضيين كافة.
محمد الشيخ مدني أنجح وأشهر سكرتير لاتحاد الخرطوم، وقد عمل فيه عدة دورات، في عز مجد شيخ الاتحادات، قبل انطلاق منافسة الدوري الممتاز، وفي بداياتها.
ود الشيخ من أساطين الإداريين الذين تولوا سكرتارية الاتحاد العام.
لم يمنعه انتماؤه المعلوم للمريخ من أن يحكم بالعدل والقسطاس، ويساوي بين كل الأندية في الأحكام.
وهو من الذين يجيدون التفريق بين العام والخاص.
لي معه تجارب عديدة، اختلفت فيها معه في العام، ولم يفسد اختلاف الرأي لودنا قضية.
بل إنه لجأ إلى القضاء شاكياً لي مع الزميل الأستاذ النعمان حسن، عندما انتقدناه على قبوله رئاسة لجنة الانتخابات في انتخابات الاتحاد الشهيرة في العام 2004، واتهمناه بالتأثير على النتيجة بحرمانه ممثل اتحاد الكاملين، وسماحه لعمر فرح (رحمة الله عليه) بالمشاركة في الجمعية الانتخابية بلا سند من القانون.
شكانا ود الشيخ إلى محكمة الصحافة، واستغرقت القضية أكثر من عام، كنا نلتقي خلالها في ردهات المحكمة لنتسامر ونتبادل أطراف الحديث، قبل أن نمثل أمام القاضي.
في خاتمة المطاف آلت القضية إلى تسوية حفظت المودة بيننا.
أعود إلى تجربته الإدارية الحالية في المريخ، وأقول إننا نصحناه بعدم الدخول في مجلس متنافر، لأن مصيره الفشل فلم ينتصح.
كان ود الشيخ متفائلاً أكثر من اللازم بقدرته على جمع الأشتات، وتوفير الانسجام بين مجلسين متنافرين لا يجمع بينهما أي رابط، وكنا ندري أن ذلك لن يحدث، وأن مصير التجربة سيؤول إلى فشل ذريع، لأننا نعلم حقيقة قدرات غالبية أعضاء مجلس الدمار الشامل، وندري أنه لن يقدم له سوى الفشل، وقد كان.
ها هو ود الشيخ يضطر إلى هجر المجلس بالاستقالة للمرة الثانية، بعد أن سئم من خلافاته المتنامية، وصراعاته المتتالية، وعدم تقدير مجموعة المجلس المحلول لرئيسهم الخلوق.
أقدموا على إقالة أمين المال من منصبه، وتعمدوا إذلاله بإحالته إلى التحقيق، من دون أن يكلفوا أنفسهم عناء استشارة رئيس النادي، أو حتى إخطاره بالقرار قبل أن يعلم به من قروبات الواتس.
دل فعلهم على ضعف خبرتهم وتواضع قدراتهم وسوء تدبيرهم، ودفع ود الشيخ إلى تقديم استقالته للوزير، ليترك المجلس المتنافر المتشاكس الهزيل في مهب الريح.
التجربة في مجملها مكللة بالفشل، وإن لم تخل من بعض الإشراقات.
لولا الجهد الذي بذله ود الشيخ في إقناع السلطة بدعم المريخ، وسعيه لضم مساعده أوكتاي شعبان للمجلس (الخلافي) لتم إعلان هبوط المريخ إلى الدرجة الوسيطة بسبب غرامات الفيفا.
ولما تمكن النادي من ضم حمزة داؤود وسيف تيري، ولما أفلح في سداد جزء مقدر من حقوق اللاعبين والجهاز الفني.
كل ذلك تم بجهد ود الشيخ ومجموعته.
أما مجموعة قريش فقد اقتصر دورها على تنفير ود الشيخ من المجلس، وافتعال الأزمات والصراعات،والظهور المتواتر في وسائل الإعلام، واستعداء مجتمع المريخ على المجلس، بخلاف إنجازهم الأكبر، والمتمثل في إقالة أمين المال قبل 48 ساعة من موعد أهم وأخطر مباراة للمريخ في الموسم الحالي.
يوم أمس استمعت إلى تسجيل صوتي لعضو المجلس أسد علي، وهالتني جرأته على اتهام ود الشيخ وعبد الصمد بالتعدي على أموال المريخ عندما قال (الدولارات شالوها وزاغو)!
سبحان الله، ود الشيخ الذي وفر للمريخ المليارات من الدولة، وعبد الصمد الذي دفع مليارات الجنيهات للمريخ لصان، وأسد علي الذي لم يقدم للمريخ سوى الجعجعة والفشل يقيمهما ويطعن في نزاهتمها!
يا لضيعة المريخ.
لن نقول إن ود الشيخ يستحق ما نابه، لأنه رضي بأن يعمل مع إداريين مبتدئين قذفت بهم الصدف والظروف لإدارة المريخ، من دون أن يتمتعوا بالقدرات والخبرات المطلوب توافرها في من يتولون إدارة النادي الكبير.
لا عليك أستاذي العزيز فقد اجتهدت وأصبت وأخطأت، ولم يقلل ذلك من قدرك عندنا، ولك أن تحتسب ما أصابك على أنه ضريبة العمل العام.
التحية والشكر الجزيل والمحبة كلها لود الشيخ، ونرجو له أن يبقى في مجتمع المريخ لينال ما يستحقه من تقدير واحترام لم يحصل عليه من رفاقه في مجلس التنافر والتشاكس الفاشل.

آخر الحقائق

ما سر الظهور الإعلامي المكثف للسيد أسد علي؟
خلال أربعة أيام أجريت معه أربعة حوارات تلفزيونية وصحافية.
هل قال فيها ما يفيد؟
زعم أن مجلسه المفلس وفر 41 ألف دولار من موارده في يومين ليسافر بها الفريق إلى يوغندا والجزائر.
صاحبنا لا يدري أن الدولارات المذكورة وفرها الأخ جمال الوالي عن طريق الأخ خالد شرف الدين.
إذا أراد أن يعلم حقيقتها فعليه أن يسأل عنها رئيس البعثة وود الشيخ.
أسد علي لا يدري أن شكوى المريخ لكاس قدمت بواسطة لجنة مصغرة، اختارها وترأسها رئيس النادي محمد الشيخ مدني، بدليل أنه زعم أنها قدمت بواسطة أشخاص لا علاقة لهم بالمجلس.
ولا يدري أن مجلسه متمسك بصحة شكواه ضد مريخ الفاشر بدليل أنه صعدها للوزان.
وبالطبع لا يدري شيئاً عن فحوى شكوى كاس لأنه لم يرها أصلاً وليس لديه الحد الأدنى من الاطلاع على القوانين التي تحكم اللجوء إلى كاس.
أسد علي غير متفائل بإمكانية كسب الشكوى، بل راهن على فشلها وكأن نقاطها ستحسب لمن قدموها.
واضح أنه لا يدري أن اللجوء إلى كاس مرحلة استئنافية كفلها القانون للمريخ.
وهي لا تختلف كثيراً عن الاستئناف المقدم للجنة الاستئنافات بالاتحاد العام.
أيمن عدار الذي قدم الشكوى الأصلية بوجود أسد علي في الفاشر يستحق التكريم لأنه حفظ للمريخ فرصته في اللجوء لكاس.
شكواه التي أعلن أسد مسئوليته عما صاحبها (وكأنه يقر بعدم قانونيتها) صحيحة وسليمة تماماً.
السؤال المحير : لماذا تتبارى بعض الصحف والفضائيات في استضافة إداري مسطح، ضعيف القدرات، لا يدري شيئاً عما يدور في ناديه؟
شكوى كاس قدمت عبر مجلس المريخ، وأعدتها لجنة ترأسها رئيس المريخ، وحملت توقيع رئيس المريخ، وأرسلت في ورق المريخ المروس، وحملت ختم نادي المريخ، وأرسلت عبر البريد الإلكتروني للنادي.
مع ذلك ادعى أسد علي أنها قدمت بواسطة أفراد لا علاقة لهم بالمجلس!!
في التسجيل الذي تعدى فيه على ود الشيخ وعبد الصمد واتهمها فيه بالاستيلاء على دولارات النادي قال: (الحاجة العايزها مجلس المريخ من الاتحاد بتبقى)، وزعم أن المشكلة ليست مع المريخ بل مع إعلام المريخ.
(لو العايزنها من الاتحاد بتبقى) لماذا رفض شكواكم الصحيحة في مباراة مريخ الفاشر؟
وجود أسد علي وأمثاله من أصحاب القدرات الإدارية المتواضعة في مجلس إدارة نادٍ بحجم وسمعة وعراقة ومكانة المريخ أكبر دليل على أن المريخ يعيش أسوأ أزمة إدارية في تاريخه.
لا استغرب حرصه على الظهور المتكرر في وسائل الاعلام، فهو باحث عن الشهرة في ما يبدو، بل استغرب حرص تلك الوسائل على استضافة من لا يقول شيئاً مفيداً
آخر خبر: ماذا ننتظر من إداري فاشل تهلل له أكثر صحف الهلال استخفافاً بالمريخ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى