مراهقة الفتيات التحديات والحلول 2019

ضيفتنا فى سطور :-
– الدكتورة فيروز عمر رئيس مجلس إدارة جمعية ” قلب كبير ” للارشاد النفسي و العلاقات الأسرية. ( وهذه الجمعية هي أول جمعية في الوطن العربي تقدم برنامجا كاملا للآباء و المربين للتعامل مع المراهق يسمي ” أكاديمية المراهق ”
– عضو زمالة “أشوكا” العالمية للابداع الاجتماعي ، و لقد حصلت علي هذه الزمالة تقديرا لبرنامج ” الدعم الوقائي للمراهقين” الذي يتم تطبيقه في بعض المدارس .
– خبير اجتماعي و تربوي بالقسم الاجتماعي ، و مدرب بقسم التدريب الالكتروني ـ شبكة اسلام أون لاين .
حول مرحلة المراهقة التحديات والحلول أجرى موقع لها اون لاين معها هذا الحوار:
_________________________
– ما خصائص مرحلة المراهقة ؟
كثيرون يتصورون أن كلمة “مراهقة” كلمة ( سلبية ) لدرجة أن البعض يطلق عليها :- مشكلة المراهقة !! بينما الحقيقة ليست كذلك ، فالمراهقة في علم النفس تعني :- ( الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي ) .. وهي فرصة ذهبية تأتي مرة واحدة في العمر لترتقي بالانسان من الطفولة للرشد
و بالتالي فإن المشكلات التي تحدث في فترة المراهقة ليس سببها المراهقة في حد ذاتها ولكن سببها عجز الأهل و المجتمع علي استيعاب هذه المرحلة الانتقالية ، و إصرارهم علي معاملة ابنهم : تارة علي أنه طفل ، فيتبعون نفس الأساليب التي استعملوها معه في طفولته ، و تارة أخري علي أنه راشد فيطلبون منه أن يفهم مافهمه الكبار في سنوات طويلة ، و هو في الحقيقة ليس طفلا و ليس راشدا و إنما هو في مرحلة صعود من الطفولة إلي الرشد
و أهم خصائص المراهقة كما ذكرت هي : النمو العقلي و النفسي و الجنسي و العاطفي والجسدي ..
_________________________
هناك تحديات لمرحلة المراهقة .. فما أهم التحديات فى وجهة نظرك ؟ ..
أحد علماء النفس “إريك إريكسون” ينبهنا إلي التحدي الكبير الخاص بمرحلة المراهقة ألا و هو : “الهوية” ، حيث يتساءل المراهق :- من أنا ؟ و إلي أين أذهب ؟ و هل توجد قيمة حقيقية لحياتي؟ هو يبحث عن هوية مستقلة ، لذلك فالمراهقة ثورة علي الآباء ، و علي الطفولة ،و كلما ساعدنا المراهق بالمنطق و الحب و الاقناع و الحوار علي الاجابة علي هذه الأسئلة كلما اجتاز المراهق هذه الأزمة أو التحدي و بالتالي فإنه فإنه يعبر للمرحلة التالية بسلام ليصل لتكوين الشخصية السوية .
_________________________
ما أهم المشكلات التي يمكن أن تعاني منها المراهقة ؟؟
أنا هنا دائماً أكرر أنه ليس السبب هو المراهقة في حد ذاتها و إنما عدم استيعاب الآباء و المجتمع لطبيعة المرحلة التى من أهم خصائصها :- الإضطراب في الهوية و صورة الذات .. وكذلك اضطراب العلاقة بالله .. وأيضاً الغضب و العناد و التمرد .. واضطرابات العلاقات ( مع الوالدين ـ الأقران ـ المجتمع ) .. وهناك أيضاً مشكلات دراسية تحدث .. ونرى بوضوح أزمة الاستقلال / الاعتمادية .. وبالطبع المشكلات العاطفية الواضحة للجميع .. ومشكلات الكمبيوتر و الانترنت .. والتدخين و تعاطي المخدرات
_________________________
لماذا ازدادت مشكلات المراهقة في العصر الحالي :-
فى الحقيقة هناك أسباب كثيرة ظهرت فى عصرنا الحالى ساعدت على ظهور مشكلات كبيرة وخطيرة لمرحلة المراهقة منها مثلاً :- الاستخدام السلبي لوسائل الاعلام خاصة الفضائيات و الانترنت و المحمول .. ونرى فجوة كبيرة بين الأجيال .. وزيادة الفجوة بين الأجيال .. والاغراء بالرفاهية مقابل العجز المادي و البطالة .. وسقوط الكثير من القيم و الثوابت و الرموز مع زيادة النزعة الاستهلاكية و ثقافة المتعة.. وغياب الرقابة الوالدية و غياب الحوار الأسري .. والخلافات داخل الأسرة و زيادة نسب الطلاق وأخيراً حالة الاحباط العام في المجتمع .
_________________________
وكيف يمكن أن نتغلب عليها :-
استطيع أن أقول هنا مظاهر نراها عندما تكون المراهقة فى حالة مستقرة :- فمثلاً :-
عندما تجد معني لحياتها
عندما تفهم الدين فهما صحيحا معتدلا يحترم العقل و يسمو بالأخلاق
عندما تمارس نشاطات ممتعة ..
عندما تكون لديها علاقات مشبعة و ايجابية ..
عندما يتفهم المحيطون به مواهبها و قدراتها و مصادر قوتها ، و لا يركزن علي مظاهر ضعفها ..
عندما تعيش في جو دراسي إيجابي و جو أسري إيجابي ..
عندما تمنح فرصة العودة كلما حادت عن الطريق ..
عندما تنمي قدراتها علي جميع المستويات المعرفية ـ الوجدانية ـ السلوكية ـ الأخلاقية ـ
_________________________
– ما الذي يميز الفتيات عن الشباب في هذه المرحلة :
علي المستوي الجسدي :- تبدأ الفتيات سن المراهقة مبكراً عن الذكور ( غالبا الحيض عند الفتيات في الثانية أو الثالثة عشر أما القذف المنوي عند الذكور ففي الخامسة عشر ) ، ربما قبل ذلك أو بعد ذلك بقليل ، لكن الفتيات تسبق الذكور . هذا بالاضافة للاختلافات المعروفة في النمو الجسدي و كذلك الأعضاء الجنسية في الجنسين .
علي المستوي العقلي و النفسي و الاجتماعي : الفتاة تكون أكثر حساسية لتعامل الآخرين معها ، و أكثر خجلا ، و أكثر اهتماما بمظهرها و أنوثتها ، و أكثر عاطفية و رومانسية .. أما الذكور فتكون أكثر ميلا للطبيعة العملية و الأنشطة الجسدية و الرياضية و ربما أنواع السيارات و الهواتفا المحمولة ، و أكثر اعتدادا بنضجهم و رجولتهم المتفتحة .
_________________________
بم تنصح الآباء والأمهات في تعاملهم مع المراهقات ؟ و هل هناك محاذير يجب أن نبتعد عنها في تعاملنا مع الفتاة ؟
أحب أن أشير هنا إلي نقطتين يجب أن نتوازن بينهما :- النقطة الأولي :- هي عدم التمييز بين الفتاة المراهقة و أخيها الذكر في المعاملة علي “المستوي الانساني العام” ..
و النقطة الثانية :- هي التمييز بين الذكور و الاناث في “بعض” الوظائف الأسرية علي أن يكون واضحا للطرفين أن هذا من باب “التكامل” و ليس لأن هناك طرفا أفضل من الآخر ، و أنا تحدثت عن هاتين النقطتين بالتفصيل في كتابي “رسالات في تربية البنات ” ، فأما عن النقطة الأولي و هي المساواة : فهناك “أخلاق عامة ” مشتركة بين الذكور و الاناث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .. فالخلق الذميم مُستنكر ومرفوض سواء كان من ولد أو بنت.. ولكن الأم العربية قد تقبل أن يرفع ابنها صوته عليها _ لأنه رجل_ ولا تقبل أن ترفعه ابنتها وهذا يجعل هذا الابن – عندما يكبر ويصبح زوجاً- يتصور أن من حقه أن يرفع صوته على امرأته وعليها و أن هذا من كمال الرجولة !!
إن كان رفع الصوت خُلقاً حميداً وفضيلة طيبة ورمزاً لقوة الشخصية فهو مباح للجنسين ، وإن كان عيباً مذموماً فهو مرفوض للجنسين تماماً وبنفس القدر
الأسره العربية تنزعج غاية الانزعاج إذا وقعت ابنتهم فى قصة حب ، بينما تغض الطرف عن (حمادة) حبيب قلب ماما الذى يحب بنت الجيران ثم زميلة الجامعة ثم .. ثم .. ثم .. هو ولد، ومن حقه الطبيعى أن تكون له علاقات عاطفية!!
إن كانت العلاقات بين الجنسين خارج إطار الزواج حلالاً فهى حلال للجنسين وإن كانت حراماً فهى حرام للجنسين تماماً وبنفس القدر .. الله لم يفرق بينهما فى هذه القضية لا على مستوى الوقاية، ولا على مستوى العلاج أو العقاب .. كما قال سبحانه وتعالى :- ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى ) وقال أيضاً :- وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن .. ) وحتى فى حد الفاحشة قال سبحانه وتعالى: (الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) .. أقول :- التفرقة في الأخلاق الانسانية العامة مؤذية للطرفين: تؤذي الولد لأنها تيسر عليه الوقوع في الخطأ وتمنحه الشعور بأن هذا الانحراف مباح له.. وتؤذي البنت لأنها تشعرها بالظلم وعدم المساواة
أما عن النقطة الثانية :- و هي التكامل في الأدوار :- ( و هذا نسميه التنميط الجنسي ) أي أن كل جنس له بعض الوظائف المختلفة عن الآخر ، فمن الأفضل تربوياً أن يشارك الطرفان فى الواجبات المنزلية أو يكون ذلك فى إطار تقسيم عادل للأدوار و مع مراعاة المساواه فى التقدير والثناء عندما يقوم كلٌ بدوره.
وأقصد بالتقسيم العادل للأدوار :- أن الولد له دور واضح تجاه المنزل يتطلب ساعات عمل تساوى الساعات التى تنفقها الأخت ، فهو يذهب لدفع فاتورة التليفون، ويُحضر السباك أو النجار، ويشترى المستلزمات اليومية للبيت، أما البنت فهي تساعد فى إعداد الطعام ونظافة المنزلً ..
أما المساواه فى التقدير والثناء فأوضحه فى هذا المشهد :- ( حمادة ) عندما يقوم بدور من أدواره المنزلية فإن ( أم حمادة ) تزفه بالدعوات فى ذهابه وإيابه.. فهل نجد نفس القدر من الحفاوة والتقدير عندما تقوم البنت بالأعمال المنزلية اليومية ، أم أن هذا في حقها فريضة، ولا شكر على واجب !!
لا يستهين أحدنا بتأثير هذا الشعور (بالدونية) على بناتنا، فإن هذا الشعور قد يدفعها نحو علاقات آثمة لتحصل منها علي الثناء و التقدير
_________________________
لماذا نركز دائما علي تقدير الذات لدي الفتاة ؟:
أثبتت الدراسات الأكاديمية والخبرات العلمية والواقعية أن السبب (الأول) فى معظم صور الانحراف والفشل لدي الفتاة ـ دراسى، اجتماعى ، خُلقى ، يرجع إلى الشعور بالدونية وانخفاض تقدير الفتاه لذاتها .. ولا يخدعنا صوتها العالى أو عنادها فهى فى الحقيقة مهلهلة من الداخل، لكنها تخفي هذا الضعف والتهلهل وراء قناع التمرّد !!
ولا يخدعنا أيضاَ هدوؤها واستكانتها، فهى قد تخفى ضعفها وشعورها بالدونية وراء ستار الحياء والأدب، والسبب فى الحالتين هو جرعات (السم) الذى يبثه فيها المجتمع عموماً و(الأم) خصوصاً – حيث ثبتت أن الأم العربية هى العامل الأول فى ضعف تقدير الذات لدى ابنتها .. تلك الفتاة التى تعانى من انخفاض تقديرها لذاتها تكون فى حالة ( تعطش ) شديد لمن يرد لها اعتبارها، ويمنحها الشعور بقيمتها فى الحياة ، فنجد أن مناعتها
( صفر) أمام أى ميل أو إعجاب من الجنس الآخر … من السهل جداً أن تتحول مشاعر الميل البسيط إلى حب جارف، ومن الصعب جداً السيطرة على هذه المشاعر الهائجة، فسرعان ماتتحول إلى علاقة فى وقت غير مناسب مع شخص غير مناسب
_________________________
وماذا عن التربية الجنسية للفتاة المراهقة ؟ ..
التربية الجنسية لا تبدأ من سن المراهقة و إنما تبدأ من سن الثالثة تقريبا ، حين تبدأ الأم في تعليم بنتها معني الحياء و ستر الأعضاء الخاصة و أنه لا يجب أن يلمس أحد هذه المنطقة ليس لأنها نجسة أو حقيرة و لكن لأنها محترمة و خاصة ، و أن تعلمها أن تلجأ إلي أمها إذا لمس أحدهم هذا الجزء الغالي من جسدها، و تعرفها في سن مبكرة ـ و ببساطة ـ الفرق بين الذكر و الأنثي . ثم يأتي الحديث البسيط أيضا عن العلاقة بين الجنسين بمعناها العام، ثم قبيل البلوغ تبدأ تتحدث الحيض و طبيعة البلوغ . ثم في مرحلة لاحقة يأتي الحديث عن العلاقة الجنسية بهدوء و بالاستعانة ببعض الرسوم التوضيحية . و لكن المهم أن يتم الالتزام بالضوابط التالية أثناء التربية الجنسية :-
عدم التهرب من الأسئلة مهما كانت محرجة أو مُربكة، مهما كان سن الابن/ الابنة صغيرًا
عدم تنجيس الجنس في حد ذاته أوتأثيمه
أن تكون المعلومات مناسبة لسن وحاجة الابن/ الابنة:
أن تكون المعلومات متكاملة و متوازنة ( طبية و شرعية و نفسية )
أن تكون عملية مستمرة: التربية الجنسية ليست عبارة من معلومات تُعطى مرة واحدة دفعة واحدة وينتهي الأمر ، لكن يجب إعطاء المعلومات على دفعات بأشكال متعددة في ظل مناخ حواري هادئ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى