محاولة علمية في تعريف الحب! 2019

لنحاول تعريف الحب : الحب هو احد العواطف الأساسية المهمة التي نشعر بها. الحب قادر على بناء وتقوية الانسان، اشعال الحروب والخروج من الأزمات. الحب يعمي، يحفز ويسحب. عندما نحب، أحيانا لا نستطيع اتخاذ قرارات عقلانية. من المتبع وصف الحب ك”عاطفة تسيطر على العقل”، أي أن الحب الذي نتعامل معه وكأنه احساس فقط, يسيطر على أفكارنا وعلى رغبات عقلنا. أليس كذلك؟!
في الواقع يدعي العلم، ان الحب مصدره الدماغ وانه عملية كيميائية / بيولوجية تماما، والذي يعبر عنه بالاحساس الذي نسميه “الحب”.
تعريف الحب بحسب علم النفس التطوري
علم النفس التطوري ينسب الى جميع المشاعر الانسانية تفسير تطوري. ايضا في حالة تعريف الحب، هناك منطق من وراء تكون النظام العاطفي الذي نستطيع من خلاله الشعور بالعواطف. اي ان، كل احساس الذي نشعر به تطور خلال عملية التطور لاعطاء ميزة ايجابية معينة تساعد على البقاء على قيد الحياة، وهكذا هو الحب ايضا.
على سبيل المثال، حب الوالدين للطفل يزيد من احتمال ان يواصل الاهل رعاية الذرية لاطول وقت ممكن بعد الولادة. هذه الميزة مهمة للجنس البشري لان الطفل يحتاج الى رعاية لفترة طويلة من الزمن حتى يستطع الاعتماد على نفسه. التطور انشا هذه المشاعر لمساعدة البشرية في البقاء على قيد الحياة.
الحب بين الزوجين جاء ليضمن للزوجة الدعم اللازم لتكون قادرة على تنشئة الذرية. بالاضافة الى ذلك، فان الاخلاص لشريك\ة الحياة يقلل من احتمال الاصابة بالامراض المختلفة التي تنتقل بالاتصال الجنسي والتي تضر بالام والجنين.
تعريف الحب بحسب علم الدماغ
لا يمكن تعريف الحب بدون التطرق الى الدماغ. علم الدماغ ينسب المشاعر والاحاسيس المختلفة التي نشعر بها، الى مناطق معينة من الدماغ. ايضا الحب يحدده علم الدماغ، وفقا للدراسات، في اربعة مناطق رئيسية في العقد القاعدية في الدماغ:
1. المنطقة الجوفية السقيفية VTA) Ventral Tegmental Area): هذه المنطقة هي احد المكونات الرئيسية “لنظام المكافئة” في الجسم. هذا النظام يوفر الشعور باللذة في حالات معينة التي يريد الجسم الاستمرار بها. هدفه تعزيز السلوكيات المختلفة التي يعرفها الجسم كمرغوبة. منطقة ال- VTA تنشط عند الوقوع في الحب وتفرز مادة الدوبامين، التي تسبب الشعور بالمتعة، الى مناطق مختلفة في الدماغ. ويدعي البعض ان الطريقة التي تنشط فيها الـ VTA حين الوقوع في الحب تشبه الى حد كبير الطريقة التي تنشط فيها عند تعاطي المخدرات.
2. النواة المتكئة Nucleus Accumbens: هذه المنطقة تنشط بشكل خاص لدى الاشخاص الذين تعرضوا لانفصال عاطفي حاد مؤخرا. انكسار القلب يوازي الشعور “بالهيجان” الذي يشعر به المدمن على المخدرات عند محاولة الاقلاع عنه.
3. Ventral Pallidum – Raphe Nucleus: وجد ان هذه المناطق تكون اكثر نشاطا لدى الاشخاص المحبين السعيدين على مدى سنوات عديدة. هذه المناطق تسبب الشعور بالهدوء وخفض التوتر الذي يصحبه زيادة في مستويات السيروتونين في الدماغ.
وجدت دراسات اخرى في علم الدماغ ان الكثير من المواد الكيميائية تشكل جزء من القدرة على الحب، مثل: NGF، التستوستيرون، الاستروجين، الدوبامين، النورابينبرين، السيروتونين، الاوكسيتوسين والفاسوبريسين. المواد المختلفة تختلف في وظيفتها في مراحل الحب المختلفة.
مستوى كاف من التستوستيرون ضروري لحدوث الرغبة الجنسية لدى المراة والرجل ايضا. الدوبامين، النورادرينالين والسيروتونين ضرورية للشعور بالانجذاب لدى الزوجين وتنشيطها يقلل من الشعور بالجوع والتعب. لذلك في كثير من الاحيان عند الوقوع في الحب نواجه صعوبة في النوم ونفكر كثيرا بالزوج / ة. الاوكسيتوسين والفاسوبريسين مسئولان (على التوالي) بالشعور بالارتباط (bonding).
الفيرومونات
الفرمون هو مادة كيميائية تفرز من قبل كائن حي وتسبب نشاط او رد فعل في كائن حي اخر من نفس الجنس. عدد من الدراسات العلمية التي نشرت تدعي النجاح في اثبات وجود الفيرومونات في الانسان ايضا.
على هذا الاساس يعتمد مصنعي العطور ومحفزات الشهوة المختلفة الذين يدعون بان استخدام مستحضراتهم يزيد من الانجذاب الجنسي نحو المستخدم.
ومع ذلك، هناك انتقادات كثيرة حول صحة الدراسات والكثيرين يدعون وجود اخطاء بحثية كثيرة التي تضر بمصداقيتها. في الواقع اليوم لا يوجد هناك فرمون بشري الذي ثبت بالتاكيد انه يزيد من الجاذبية الجنسية او يؤثر عليها.
في الختام، يمكن القول انه على الرغم من التقدم الكبير في مجال بحوث وتعريف الحب، فانه لا تزال الكثير من الاشياء الغير واضحة وبالتاكيد يوجد مكان للرومانسية والحميمة التي هي جزء لا يتجزا من هذا العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى