ما هي البيعة في الاسلام , شروط البيعة , انواع و مقتضيات البيعة 1435

ما هي البيعة في الاسلام , شروط البيعة , انواع و مقتضيات البيعة 1435

كيف تكون البيعة ؟ ماصيغتها ؟ أمور مهمة عن البيعة

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد,

كيف تكون البيعة ؟ ماصيغتها ؟ أمور مهمة عن البيعة

* هل يجب على كل مسلم أن يبايع شخصاً بيده كما فعل الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ؟.

الجواب:

الحمد لله

البيعة لا تكون إلا لولي أمر المسلمين . يبايعه أهل الحل والعقد ، وهم العلماء والفضلاء ووجوه الناس ، فإذا بايعوه ثبتت ولايته ، ولا يجب على عامة الناس أن يبايعوه بأنفسهم ، وإنما الواجب عليهم أن يلتزموا طاعته في غير معصية الله تعالى .

قَالَ الْمَازِرِيّ : يَكْفِي فِي بَيْعَةِ الإِمَامِ أَنْ يَقَع مِنْ أَهْل الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَلا يَجِب الاسْتِيعَاب , وَلا يَلْزَم كُلّ أَحَدٍ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَهُ وَيَضَع يَدَهُ فِي يَدِهِ , بَلْ يَكْفِي اِلْتِزَامُ طَاعَتِهِ وَالانْقِيَادُ لَهُ بِأَنْ لا يُخَالِفَهُ وَلا يَشُقَّ الْعَصَا عَلَيْهِ اهـ نقلاً من فتح الباري .

وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم :

أَمَّا الْبَيْعَة : فَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَط لِصِحَّتِهَا مُبَايَعَة كُلّ النَّاس , وَلا كُلّ أَهْل الْحَلّ وَالْعِقْد , وَإِنَّمَا يُشْتَرَط مُبَايَعَة مَنْ تَيَسَّرَ إِجْمَاعهمْ مِنْ الْعُلَمَاء وَالرُّؤَسَاء وَوُجُوه النَّاس , . . . وَلا يَجِب عَلَى كُلّ وَاحِد أَنْ يَأْتِيَ إِلَى الأَمَام فَيَضَع يَده فِي يَده وَيُبَايِعهُ , وَإِنَّمَا يَلْزَمهُ الانْقِيَادُ لَهُ , وَأَلا يُظْهِر خِلافًا , وَلا يَشُقّ الْعَصَا اهـ

وما ورد من الأحاديث في السنة فيه ذكر البيعة فالمراد بيعة الإمام ، كقوله صلى الله عليه وسلم : ” ومن مات وليس في عنقه بيعة مات مِيتة جاهلية ” رواه مسلم (1851).

وقوله صلى الله عليه وسلم : ” ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر” رواه مسلم (1844).

وقوله صلى الله عليه وسلم : ” إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما ” رواه مسلم (1853).

فهذا كله في بيعة الإمام ولا شك.

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في جواب عن بيعة الجماعات المتعددة : ( البيعة لا تكون إلا لولي أمر المسلمين ، وهذه البيعات المتعددة مبتدعة ، وهي من إفرازات الاختلاف ، والواجب على المسلمين الذين هم في بلد واحد وفي مملكة واحدة أن تكون بيعتهم واحدة لإمام واحد ، ولا يجوز المبايعات المتعددة ) المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان 1/367

وأما ما يتعلق بصفة البيعة للإمام ، فإنها تكون في حق الرجال بالقول وبالفعل الذي هو المصافحة .

وتقتصر في حق النساء على القول ، وهذا ثابت في أحاديث مبايعة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها : ” لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ، غير أنه يبايعهن بالكلام” ( رواه البخاري 5288 ومسلم 1866).

قال النووي رحمه الله في شرحه : ( فيه أن بيعة النساء بالكلام من غير أخذ كف . وفيه أن بيعة الرجال بأخذ الكف مع الكلام ) انتهى.

والله أعلم .

بعد انتقال الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى الرفيق الأعلى، تمت البيعة لخليفة المسلمين، وكانت على الكتاب والسنة، وعلى السمع والطاعة للخليفة أو أمير المؤمنين، والالتزام بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) كشريعة للجماعة يتم التصدي لمن يخرج عليها (كما في حروب الردة)،

والبيعة عقد يترتب عليه التزامات على الطرفين (أولي الأمر والرعية) بالكتاب والسنة، فيحرم نقضها – ديانة – إلا بحقها، ولها أهمية مركزية في النظام السياسي؛ لذا جاء الحديث النبوي بأنه من مات بغيرها مات ميتة “جاهلية”، ولا يجوز إعطاؤها لأكثر من واحد، وإذا نازعه فيها أحد بعد بيعته، يجب الذود عنه، وقتال المنازع كائنا من كان؛ حفاظاً على حق الأمة التي اختارته، والنظام العام. (وقد ورد في الحديث أنه إذا بويع الخليفة فاقتلوا الآخر منهما)

المصدر : موضوع التباسات البيعة بين السلطة والتنظيمات! .. سعيد حسن

البيعة اصطلاحا: هي إعطاء العهد من المبايع على السمع والطاعة للإمام في غير معصية، في المنشط والمكره والعسر واليسر وعدم منازعته الأمر وتفويض الأمور إليه، وقد قال ابن خلدون في مقدمته: “اعلم أن البيعة هي العهد على الطاعة، كأن المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمور نفسه وأمور المسلمين، لا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره، وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيدا للعهد، فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، فسمي بيعة مصدر باع، وصارت البيعة مصافحة بالأيدي، هذا مدلولها في عرف اللغة ومعهود الشرع وهو المراد في الحديث في بيعة النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة العقبة وعند الشجرة.

مستويات البيعة

تنقسم إجراءات البيعة إلى مستويين متتابعين متلازمين:

1- بيعة الانعقاد: وبموجبها ينعقد للشخص المبايع السلطان ويكون له بها الولاية الكبرى دون غيره حسما للخلاف حول من يتولى أمر المسلمين، وهذه البيعة هي التي يقوم بها أهل الحل والعقد، ودلائل هذه البيعة واضحة تماما في انعقاد البيعة للخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم أجمعين- فقد كان أهل الاختيار يقومون باختيار الإمام ثم يبايعونه بيعة انعقاد أولية.

2- البيعة العامة أو بيعة الطاعة: وهي بيعة شعبية عامة للكافة من الأمة، أي بيعة سائر المسلمين للخليفة، وهذا ما تم بالنسبة للخلفاء الراشدين جميعا، فأبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بعد أن بايعه أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة، دُعِي المسلمون للبيعة العامة في المسجد، فصعد المنبر بعد أن أخبرهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- باختيارهم له، ومبايعتهم إياه، وأمرهم بمبايعته فبايعه المسلمون، وما حدث مع أبي بكر الصديق حدث مع كل الخلفاء الراشدين، وهي البيعة التي تمت تاريخيا في عاصمة الدولة ومركز الحكم ثم كان يطلب من كل وال من ولاة الأمصار أخذها للخليفة.

صور البيعة

للمتتبع في التاريخ الإسلامي من لدن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى بداية هذا القرن الميلادي حينما ألغيت الخلافة أن يدرك أن للبيعة عدة صور منها:

1- المصافحة والكلام: وهذه هي الصورة الغالبة في المرات التي بايع فيها الناس النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن ذلك بيعة الرضوان الشهيرة، والتي قال الله تعالى فيها: “إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ”.

2- الكلام فقط: وهذه تكون عادة في مبايعة النساء، ومن به عاهة لا تمكنه من المصافحة كالمجذوم الذي قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم: “ارجع فقد بايعتك” رواه النسائي ومسلم.

3- الكتابة: وأفضل مثال على هذه المبايعة ما كتبه النجاشي إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: “بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من النجاشي، سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته من الله الذي لا إله إلا هو الذي هداني للإسلام، أما بعد: فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى”… إلى أن قال: “وقد بايعتك، وبايعت ابن عمك، وأصحابك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين”.

شروط صحة البيعة

حاول الفقهاء أن يضعوا شروطا لصحة عقد البيعة استنبطوها من الأدلة الصحيحة لديهم، وانحصر فقههم حول واقع البيعة في العصور المختلفة؛ فكانوا يقصدون بها بيعة الإمام على السمع والطاعة، وهذه الشروط هي:

1- أن تجتمع في المأخوذ له البيعة شروط الإمامة، فلا تنعقد البيعة في حالة فقد واحد منها إلا مع الشوكة والغلبة، وهنا يكون الحديث عن بيعة المتغلب.

2- أن يكون المتولي لعقد البيعة (بيعة الانعقاد) أهل الحل والعقد قبل البيعة العامة؛ فلا عبرة لبيعة العامة إن لم يبايع أهل الحل والعقد، ففي تقديرهم ضمان التوازنات والتحالفات داخل النخبة السياسية شرط لاستقرار الأمر وعدم نقض البيعة والتنازع بعد البيعة، أي تأسيس البيعة على “شرعية واضحة” كما يقولون، وإن افترض هذا الرأي للحق الوعي بضرورة تمثيل أهل الحل والعقد للعامة، أو أن مخالفة العامة لرأي أهل الحل والعقد يعني أن النخبة عليها آنذاك تغيير توجهاتها وليس المصادرة على تحولات واختيارات الشعب.

3- أن يجيب المبايَع إلى البيعة، فلو امتنع لم تنعقد إمامته، ولم يجبر عليها إلا أن يكون لا يصلح أحد للإمامة إلا هو؛ فيجبر عليها بلا خلاف (حكي ذلك النووي).

4- أن تكون البيعة على كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- قولا، وعملا، وعلى أن تكون الطاعة ما دامت في الله، وفي غير معصية؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

5- ألا تعقد البيعة لأكثر من واحد؛ لأنه إذا ادعى أحد الخلافة مع وجود الخليفة وجب قتل الآخر، كما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صحيح مسلم أنه قال: “إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما”؛ أي التالي المنازع لمن تمت له البيعة بالفعل؛ لأن في هذا شقًّا لصف الجماعة وإثارة للفتنة .

6- الحرية الكاملة للمبايع في البيعة كما فعل الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- في بيعة الخلفاء الراشدين، ولأن البيعة عقد مراضاة واختيار لا سبيل فيها إلى الإجبار والإكراه.

7- الإشهاد على المبايعة: وهذا شرط شرطه بعض العلماء لكي لا يدعي أحد أن الإمامة عقدت له سرا فيؤدي ذلك إلى الشقاق والفتنة، وهو ما يتم في العصر الحالي عبر النقل المباشر لسير العمليات الانتخابية إعلاميا، والإعلان عن سيرها بشفافية والرقابة الشعبية والقانونية التي ذكرناها آنفا، وإذا كان بعض العلماء قد قالوا: إنه لا يجب الإشهاد لأنه لا دليل على ذلك، نقول: إن هذا في ظل الواقع الحديث أصبح من الواجب لتكرار التزوير وتغيير إرادة الشعب في النظم الاستبدادية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهناك أدلة من فعل الصحابة في الإعلان والإشهاد على البيعة إبان الخلافة الراشدة تغنينا عن التوقف في هذا الموضوع.

وأخيرا إجابة عن سؤال: من يأخذ البيعة؟ فإن الذي يأخذ البيعة من المسلمين هو الإمام في عاصمة الخلافة الإسلامية، وفي الأمصار المختلفة؛ فقد يأخذها الإمام أو من ينيبه عنه من العمال، فقد أخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- البيعة لنفسه، وأناب عنه عمر بن الخطاب في بيعة النساء، وأخذ الخلفاء الراشدون لأنفسهم البيعة في المدينة، وأخذها عمالهم في الأمصار لهم .

حكم نكث البيعة

فرض الشرع على المسلم الوفاء بالعهد، سواء كان ذلك بين المسلمين بعضهم وبعض، أم مع غير المسلم من أهل الكتاب، بل وكذلك مع الكافر إذا استقام. فقد قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ”، وقال تعالى: “وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً”، وقال “فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ”، والبيعة بما أنها عقد وعهد بين المسلمين وخليفتهم فإنها داخلة في هذه الآيات، وباختلاف أنواع البيعة يختلف أيضا حكم نكثها من جهة الطرف الذي نكث هل هو الحاكم، أم المحكوم، ومن جهة نوع البيعة التي نكثت:

1- فحكم من نكث البيعة على الإسلام الكفر، والارتداد باتفاق العلماء، وإن اختلفوا في عقوبته بحسب حاله وحال الأمة.

2- وحكم من نكث البيعة على النصرة أو الجهاد أو السمع والطاعة دون أن يصدر عنه ما ينافي أصل الإيمان فهو عاص مرتكب لكبيرة من الكبائر؛ لأنها نقض عهد، وقد توعد الله من نقض العهد، ولكنها تختلف حرمتها باختلاف موضوعها فأشدها حرمة نكث بيعة الإمام الشرعي على السمع والطاعة في غير معصية دون مبرر شرعي، وأما البيعة على النصرة والجهاد فهي تأتي في ظروف استثنائية؛ فلذلك نكثها أخف من نكث بيعة الإمام التي وردت فيها أحاديث كثيرة تحرم نكثها أشهرها ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “من بايع إماما فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع” (رواه مسلم)، كما أن في عدم الوفاء ببيعة الجهاد خيانة للأمة سواء أكان بعدم الخروج للجهاد إذا دعا داعي الجهاد، أم كان توليا يوم الزحف.

3- أما بيعة الهجرة فقد انقطعت بانقطاع الهجرة بعد فتح مكة الكبير، وهذا لا ينفي رأي الفقهاء بوجوب الهجرة من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين لكن دون بيعة، ولكن هناك جهاد ونية، وإن اختلف الحال بعد أن صار للمسلمين تواجد في الغرب وكفلت لهم حريات المواطنة وبقي عليهم السعي لأداء الواجبات وضمان الحقوق.

ملخص من موضوع.. البيعة: شرعية الشورى وتمكين الأمة لمحمد زيدان
المصدر : اسلام أون لاين

مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الثامن لابن باز

س8 : هل من مقتضى البيعة – حفظك الله – الدعاء لولي الأمر؟

ج8 : من مقتضى البيعة النصح لولي الأمر ، ومن النصح : الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة؛ لأن من أسباب صلاح الوالي ومن أسباب توفيق الله له : أن يكون له وزير صدق يعينه على الخير ، ويذكره إذا نسي ، ويعينه إذا ذكر ، هذه من أسباب توفيق الله له .

فالواجب على الرعية وعلى أعيان الرعية التعاون مع ولي الأمر في الإصلاح وإماتة الشر والقضاء عليه ، وإقامة الخير بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والتوجيهات السديدة التي يرجى من ورائها الخير دون الشر ، وكل عمل يترتب عليه شر أكثر من المصلحة لا يجوز؛ لأن المقصود من الولايات كلها : تحقيق المصالح الشرعية ، ودرء المفاسد ، فأي عمل يعمله الإنسان يريد به الخير ويترتب عليه ما هو أشر مما أراد إزالته وما هو منكر لا يجوز له .

وقد أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذا المعنى إيضاحا كاملا في كتاب ” الحسبة ” فليراجع؛ لعظم الفائدة .

مجموع فتاوى ومقالات_الجزء التاسع لابن باز

بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة [ أوضح سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية حقوق ولاة الأمور ، ووجوب طاعتهم في غير معصية الله تعالى مستشهدا بما جاء في ذلك من الآيات والأحاديث النبوية وأشار سماحته إلى أصول الدعوة الإسلامية في الدولة السعودية محذرا من الدعوات الباطلة والضالة واصفا أصحابها بأنهم دعاة شر عظيم وجاء ذلك خلال ندوة عقدت بالجامع الكبير بالرياض مساء الخميس ليلة الجمعة 1 / 5 / 1417 هـ تحت عنوان : ” بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة بالأدلة من الكتاب والسنة ، وبيان ما يترتب على الإخلال بذلك ” حيث قال : ]

الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله وخليله وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ، ومن سلك سبيله ، واهتدى بهداه إلى يوم الدين ، أما بعد :

فلا ريب أن الله جل وعلا أمر بطاعة ولاة الأمر والتعاون معهم على البر والتقوى ، والتواصي بالحق والصبر عليه ، فقال جل وعلا : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا

هذا هو الطريق ؛ طريق السعادة ، وطريق الهداية ، وهو طاعة الله ورسوله في كل شيء ، وطاعة ولاة الأمور في المعروف من طاعة الله ورسوله ، ولهذا قال جل وعلا : أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فطاعة ولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله ، فإن أولي الأمر هم الأمراء والعلماء ، والواجب طاعتهم في المعروف ، أما إذا أمروا بمعصية الله سواء كان أميرا أو ملكا أو عالما ، أو رئيس جمهورية ، أو غير ذلك ، فلا طاعة له في ذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الطاعة في المعروف والله يقول : وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام ، ويقول الله عز وجل : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ فالله أمر بالتقوى ، والسمع ، والطاعة ، يعني : في المعروف ، لذا فإن النصوص يشرح بعضها بعضا ، ويدل بعضها على بعض فالواجب على جميع المكلفين التعاون مع ولاة الأمور في الخير ، والطاعة في المعروف ، وحفظ الألسنة عن أسباب الفساد ، والشر ، والفرقة ، والانحلال ، ولهذا يقول الله جل وعلا : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ أي : ردوا الحكم في ذلك إلى كتاب الله ، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم في اتباع الحق والتلاقي على الخير والتحذير من الشر ، هذا هو طريق أهل الهدى ، وهذا هو طريق المؤمنين .

كلمة لسماحته ألقاها في الجامع الكبير بالرياض في 1/5/1417هـ ونشرت في جريدة المسلمون يوم الجمعة 8/5/1417هـ في عددها الصادر برقم : 607

مجموع فتاوى ومقالات_الجزء السابع

س 1 : ما المراد بطاعة ولاة الأمر في الآية هل هم العلماء أم الحكام ولو كانوا ظالمين لأنفسهم ولشعوبهم؟

ج 1 : يقول الله عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا وأولو الأمر هم العلماء والأمراء أمراء المسلمين وعلماؤهم يطاعون في طاعة الله إذا أمروا بطاعة . الله وليس في معصية الله .

فالعلماء والأمراء يطاعون في المعروف . لأن بهذا تستقيم الأحوال ويحصل الأمن وتنفذ الأوامر وينصف المظلوم ويردع الظالم . أما إذا لم يطاعوا فسدت الأمور وأكل القوي الضعيف- فالواجب أن يطاعوا في طاعة الله في المعروف سواء كانوا أمراء أو علماء- العالم يبين حكم الله والأمير ينفذ حكم الله هذا هو الصواب في أولي الأمر ، هم العلماء بالله وبشرعه وهم أمراء المسلمين عليهم أن ينفذوا أمر الله وعلى الرعية أن تسمع لعلمائها في الحق وأن تسمع لأمرائها في المعروف- أما إذا أمروا بمعصية سواء كان الآمر أميرا أو عالما فإنهم لا يطاعون في ذلك ، إذا قال لك أمير اشرب الخمر فلا تشربها أو إذا قال لك كل الربا فلا تأكله ، وهكذا مع العالم إذا أمرك بمعصية الله فلا تطعه ، والتقي لا يأمر بذلك لكن قد يأمر بذلك العالم الفاسق . والمقصود أنه إذا أمرك العالم أو الأمر بشيء من معاصي الله فلا تطعه في معاصي الله إنما الطاعة في المعروف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لكن لا يجوز الخروج على الأئمة وإن عصوا بل يجب السمع والطاعة في المعروف مع المناصحة ولا تنزعن يدا من طاعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : على المرء السمع والطاعة في المنشط والمكره وفيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية الله فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة ويقول عليه الصلاة والسلام : من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة فإنه من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية وقال عليه الصلاة والسلام : من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم وأن يشق عصاكم فاقتلوه كائنا من كان والمقصود أن الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور من الأمراء والعلماء- وبهذا تنتظم الأمور وتصلح الأحوال ويأمن الناس وينصف المظلوم ويردع الظالم وتأمن السبل ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا إلا إذا وجد منهم كفر بواح عند الخارجين عليه من الله برهان ويستطيعون بخروجهم أن ينفعوا المسلمين وأن يزيلوا الظلم وأن يقيموا دولة صالحة . أما إذا كانوا لا يستطيعون فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا . لأن خروجهم يضر الناس ويفسد الأمة ويوجب الفتنة والقتل بغير الحق- ولكن إذا كانت عندهم القدرة والقوة على أن يزيلوا هذا الوالي الكافر فليزيلوه وليضعوا مكانه واليا صالحا ينفذ أمر الله فعليهم ذلك إذا وجدوا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان وعندهم قدرة على نصر الحق وإيجاد البديل الصالح وتنفيذ الحق .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى