ما هي اضرار الكحول

الكحول

كيميائيّاً، تُعرّف الكحول بالمركّبات العضويّة التي تحتوي على مجموعاتِ الهيدروكسيل التي تحملُ الرّمز الكيميائيّ (-OH)، أمّا مصطلحُ الكحول بتعريفِه الشّائع فهو عبارةٌ عن مادّة سامّة تُوجدُ في المشروبات الروحيّة التي تشملُ البيرة والنّبيذ والخمور المُقطّرة، وتُعرف هذه الكحوليّات كيميائيّاً بالإيثانول الذي يحتوي على ذرّتين من الكربون ومجموعة هيدروكسيل واحدة، وتُعتبرُ الكحول سامّة بسبب قدرتها على إذابة الدّهون، حيث إنّها تعمل على إذابة الدّهون الموجودة في أغشية الخلايا ممّا يدمّر تركيب الخلايا ويعمل على قتلِها، وبهذه الطّريقة تعمل الكحوليّات على قتل الميكروبات، وهي فعّالة في التّعقيم، ويُعتبر الإيثانول أقلّ سميّة من غيره من الكحول، وعندما يكونُ مخفّفاً بشكل كافٍ يسبّبُ تأثيراتٍ على الدّماغ بحيث يرغبُ البعض في الحصولِ عليها، ولكن يجبُ العلم أنّ تناول الكحوليّات مهما كانت كمّيتها وتركيزها لا يُمكن أن يكون آمناً تماماً ودونَ مخاطر.>[١]

يعمدُ الكثيرُ من النّاس في العديدِ من مناطقِ العالم إلى شربِ الكحول في المناسبات الاجتماعيّة، إلا أنّ شرب الكحول يترتّب عليه الكثير من المخاطر والعواقب الصحيّة والاجتماعيّة،[٢] وعلى الرّغم من أنّ غالبيّة الأمراض المُزمنة الناتجة عن شرب الكحول تنتج عن تناوله بكثرة ولفتراتٍ طويلة، إلّا أنّ شربه بكميّات قليلة أو في فترات متباعدة يحملُ معه مخاطرَ عديدةً أيضاً، وقد توصّل العلم إلى أنّه لا يوجدُ حدّ أدنى آمن لشرب الكحول،[٣] وسيتمّ في هذا المقال الحديث عن تأثير المشروبات الكحوليّة على صحّة الإنسان.

الكحول في جسم الإنسان

لا يحتاجُ الكحول الموجود في المشروبات الروحيّة إلى الهضم قبلَ امتصاصِه، ولذلك يتمّ امتصاصُه بشكلٍ سريع إلى الدّم، حيث يُمكنُ امتصاص حوالي 20% منه مباشرة من جدران المعدة الفارغة، ووصوله إلى الدّماغ خلالَ دقيقةٍ واحدة، في حين أنّ وجود الطّعام يُبطّئ من امتصاص الكحول ووصوله إلى الدّماغ، ويعمل على إبقائه في المعدةِ لفترةٍ أطول، حيث تعملُ المعدة على هضمِ جزءٍ من الكحول عن طريق إنزيم نازعة هيدروجين الكحول (بالإنجليزيّة: Alcohol degydrogenase) مخفّضة بذلك من كميّة الكحول التي تصل إلى الدّماغ، ولكن الإنزيم الهاضم للكحول يكونُ أكثر في الرّجال من النّساء، ولذلك تصلُ كميّة أكبر من الكحول إلى الأمعاء الدّقيقة في جسم المرأة، ممّا يجعلها تمتصّ كحولاً أكثر من الرّجل المساوي لها في الحجم بحواليْ الثّلث، ولذلك تكون سميّة الكحول أكبر في النّساء، وبعد الامتصاص يمنح الجسم الأولويّة للكحول في عمليّات الأيض حتّى يضمن التّخلص منه بأسرع وقت ممكن، حيثُ لا يستطيعُ الجسمُ تخزينَ الكحول، والذي يدلّ أيضاً على تعاملِ الجسم معه على أنّه مادّة سامّة.[١]

يُنقلُ الدّم المُحمّل بالكحول من الجهاز الهضميّ إلى الكبد، بحيث يصلُ هذا الدّم إلى جميع خلايا الكبد، وهي الخلايا الوحيدة التي تحتوي أيضاً على كميّات جيّدة من إنزيم نازعة هيدروجين الكحول، ممّا يُمكّن الجسم من التّخلص من جزءٍ من الكحول قبلَ وصولها إلى بقيّة خلايا الجسم، ولذلك يحصلُ الضّرر الأكبر النّاتج عن الكحولِ في الكبد، مع أنّه يُؤثّر في جميع أعضاء الجسم.[١]

عواقب شرب الكحول

العواقب قصيرة المدى

يُسبّبُ شرب الكحول فقداناً للتّركيز والقدرة على الحكم على المواقف والتّصرف خلالها، كما أنّه يُؤثّر على القدرة على الرّؤية ويُؤثّر على الذّاكرة، وقد يُسبّب الإغماء.[٤]، كما يُسبّب شرب الكحول العديد من العواقب، وفيما يلي بعض عواقبه قصيرة المدى التي تُؤثّر على الأشخاص الذين يقومون بشربِه، كما تؤثّر على غيرهم ممّن لا يقومون بشربه:[١]

  • الكحول مسؤولة عن ثُلث الحالات التي تدخل قسم الطّوارئ.
  • مسؤولة عن نصف حالات جرائم القتل.
  • مسؤولة عن نصف حالات العنف الأسريّ.
  • مسؤولة عن نصف حالات الوفاة بحوادث السّير.
  • مسؤولة عن نصف الوفيات النّاتجة عن الحرائق.

يُؤثّرُ تناول الكحول على الطّلاب الجامعييّن في العالم بشكل أكبر من غيرهم؛ بسبب تقبّل أفراد هذه المرحلة العمريّة للإفراط في الشّرب، حيث يعتبرُ شرب الكحول مسؤولاً عن:[١]

  • مقتل ما مُعدّله 4 طلّاب جامعيين يوميّاً.
  • الاعتداء الجنسيّ على 192 طالباً جامعيّاً يوميّاً.
  • تأذّي 1370 طالباً جامعيّاً يوميّاً.
  • الاعتداء على 1644 طالباً جامعيّاً يوميّاً.

العواقب بعيدة المدى

وجدتِ الأبحاث العلميّة أنّ شرب الكحول يرتبطُ بأكثر من 60 مرضاً، وهو يحملُ الكثير من التأثيرات على الجسم، والتي لم يتمّ اكتشافها بعد بشكلٍ كامل،[٥] وعندما تكونُ كميّات الكحول التي يتمّ تناولُها كبيرة أو الفترة بين تناولها قصيرة فإن الجسم لا يستطيع التّعافي بشكل كامل من تأثير المشروب، ويُؤثّر تكرار ذلك على جميع أعضاء الجسم، بحيث يكون خطر الوفاة من جميع الأسباب أكبر في الأشخاص الذين يتناولون الكحول بكثرة، خاصّة الأشخاص تحت عمر 35 عاماً،[١] ومن المشاكل الصحيّة بعيدة المدى التي يسبّبُها شرب الكحول ما يأتي:

  • ارتفاع خطر الإصابة بالتهاب المفاصل.[١]
  • يمكن أن يسبّبَ شرب الكحول فقر الدّم.[٥]
  • ارتفاع خطر الإصابة بالسرطان؛ بسبب تحويل الكحول في الجسم في مركّب الأسيتالديهايد (بالإنجليزيّة: Acetaldehyde) المُسرطن،[٥] وهو يرفعُ من خطر الإصابةبسرطان الكبد والبنكرياس والمستقيم والثّدي، كما أنّه يرفعُ من خطر الإصابة بسرطان الفم، والحَنجرة، والبلعوم، والمريء، وهو يتفاعلُ مع التّدخين لترتفعَ الخطورة في هذه الأنواع من السرطان بشكل أكبر.[١]
  • يسبّب شرب الكحول أثناءَ الحمل ما يُطلق عليه متلازمة الجنين الكحوليّ (بالإنجليزيّة: Fetal alcohol syndrome)، بحيث يُصاب الجنين بتشوّهات خلقيّة وتغيّرات غير طبيعيّة في السّلوك، ويُعتبرُ هذا التأثير هو الأكثر خطورةً لشرب الكحول.[١]
  • يرفع شربُ الكحولِ بشكلٍ كبير من ضغط الدّم وليبيدات (دهون) الدم، كما أنّه يرفعُ من خطر الإصابة بالسّكتة الدّماغيّة وأمراض القلب،[١] والتي تشملُ فشل عضلة القلب.[٥]
  • يمكن أن يسبّب شرب الكحول ارتفاع سكّر الدّم، كما أنّه قد يسبّب انخفاضه، خاصّة في الأشخاص المصابين بمرض السّكري.[١]
  • ارتفاع خطر الإجهاض في النساء والعقم في النساء والرجال.[١]
  • زيادة حجم الكلى والتّأثير على وظائف الهرمونات، ورفع خطر الإصابة بالفشل الكلويّ.[١]
  • يُسبّب شرب الكحول مرض الكبد الدّهنيّ (بالإنجليزيّة: Fatty liver)، وتشمّع الكبد (بالإنجليزيّة: Liver cirrhosis)، والتهاب الكبد الكحوليّ (بالإنجليزيّة: Alcoholic hepatitis).[١]
  • رفع خطر الإصابة بسوءِ التّغذية النّاتج عن نقص البروتين والطّاقة (بالإنجليزيّة: Protein-energy malnutrition)، ونقص تناول البروتين وفيتامين أ والكالسيوم والحديد وفيتامين ج والثيامين (فيتامين ب1) والريبوفلافين (بالإنجليزيّة: Riboflavin) (فيتامين ب2)، وفيتامين ب6، والخلل في امتصاص الكالسيوم والفسفور وفيتامين د والزنك.[١]
  • يسبّبُ شرب الكحول تلفَ الأعصاب، والخرف، واختلال التوازن والذاكرة،[١] كما أنّه يُسبّبُ ما يُعرف باعتلالِ الأعصاب المتعلّق بالكحول (بالإنجليزيّة: Alcoholic neuropathy) والذي ينتجُ عنه الشّعور بالوخز والخدران في الأطراف، وضعف العضلات، وسلس البول، وضعف الانتصاب، وغيرها.[٥]
  • يرفع شرب الكحول من تناول السّعرات الحراريّة، وبالتالي فهو يرفع من خطر الإصابة بالسّمنة وزيادة الوزن.[١]
  • يسبّب شرب الكحول الاكتئابَ والقلق والأرق.[١]
  • ارتفاع خطر الإصابة بقرحة المعدة وسرطانها.[٤]
  • ارتفاع خطر الإصابة بالصّرع، كما أنّه يسبّبُ نوبات التشنّج حتى في الأشخاص غير المصابين بالصرع، وهو يتعارضُ أيضاً مع الأدوية المستخدمة في علاج التشنجات.[٥]
  • ارتفاع خطر الإصابة بمرض النّقرس (بالإنجليزيّة: Gout)، وزيادة سوء حالة المرض في المصابين.[٥]
  • خفض كفاءة عمل جهاز المناعة وارتفاع خطر الإصابة بالعدوى، لا سيّما مرض السّل وذات الرّئة والإيدز وغيره من الأمراض المنتقلة جنسيّاً، والتي تتضمّنُ أمراضاً تُؤدّي إلى العقم.[٥]
  • التهاب المعدة (بالإنجليزيّة: Gastritis)، والبنكرياس (بالإنجليزيّة: Pancreatitis) الذي يؤثّرُ على عمليّة الهضم، ويسبّب ألماً في البطن وإسهالاً مستمرّاً، ويُعتبرُ الكحول مسؤولاً عن حوالي 60% من حالاتِ التهاب البنكرياس.[٥]

الإدمان على الكحول

يُعرّف الإدمانُ على الكحول بامتلاكِ عادات شرب غير صحيّة وخطرة، ويُعتبر الشّخص مصاباً بالإدمان على الكحول في حال كان لديه ثلاثُ أو أكثر من المشكلات التالية خلال سنة واحدة:[٦]

  • عدم القدرة على التوقّف عن الشّرب أو التّحكم في كميّة المشروب المتناول.
  • الحاجة لشرب كميّات أكبر للحصول على التأثير نفسه.
  • الإصابة بالأعراض الانسحابيّة، والتي تشملُ اضطراب المعدة، والتعرّق، والرّجفة، والقلق عند التّوقف عن الشّرب.
  • تمضية وقت طويل في الشّرب أو الإفاقة من تأثير المشروب، أو التخلّي عن أنشطةٍ أخرى مقابلَ الشّرب.
  • الفشل السابق في التوقّف عن عادة الشّرب أو خفض الكميّات المتناولة.
  • الاستمرار في الشّرب مع أنّ ذلك يُضرّ بالعلاقات الاجتماعيّة، أو يسبّب مشاكلَ جسديّة.

يُعتبرُ الإدمان على الكحول مرضاً مُزمناً بحدِّ ذاته، ويمتلكُ أعراضاً تتطوّرُ بشكلٍ معروف، وهو مرضٌ يحتاج إلى العلاج الذي قد يتطلّبُ البقاء في المستشفى أو في مركزٍ علاجيّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى