ما مفهوم الأمية

الأميّة

تنبع أهميّة العلم من مقولة (إنّ العلم نور)، فهو يُوسّع آفاق ومدارك صاحبه، ويزيد من ثقافته، ويُطوّر معلوماته، ويمنحه قوة المعرفة، فالعلم لا يقتصر على نوع واحد من العلوم، إنّما هو مُختلف أشكال المعارف والمعلومات، غير أنّ العديد من المُجتمعات في الوقت الحاضر تُعاني من الجهل أو ما يُعرَف بالأميّة.

تعريف الأمية

عرَّفت الأمم المُتّحدة الأميّة بأنّها حالة الشّخص الذي لا يُجيد القراءة والكتابة، ثم أصدرت عام 1971 تعريفاً آخر جاء فيه : (يعتبر غير أميٍّ كل شخص اكتسب المعلومات والقدرات الضروريّة لمُمارسة جميع النّشاطات التي تكون فيها معرفة حروف اللّغة ضروريّةً لكي يلعب دوره بفعاليّة في جماعته، ويُحقّق في تعلُّم القراءة والكتابة والحساب نتائجَ تُمكِّنه من الارتقاء بنفسه وبالجماعة التي ينتمي إليها، كما تسمح له بالمُشاركة النّاشطة في حياة بلده).[١]

والأميّة ظاهرةٌ مُجتمعيّةٌ ذات تأثيراتٍ سلبيّة تنتشر في العديد من البلدان عبر العالم، وتختلف مقاييسها من مجتمعٍ لآخر تبعاً لتفوّقه التكنولوجيّ ولاختلاف الزّمن أيضاً، فقديماً وفي المُجتمعات البدائيّة البسيطة كانت الأميّة تتعلّق بالقراءة والكتابة مثل غالبيةالدّول النّامية ودول العالم الثالث، أمّا في الوقت الحاضر وفي المُجتمعات المتقدّمة فإنّ مقاييس الأميّة تعدّدت وأصبحت هناك عدّة مهارات يَعتبر فقدانها أميّةً، وأهمّها القدرة على الوصول إلى البيانات واستخدامها بواسطة مصادر المعرفة المُختلفة أو ما يُسمّى بالثّقافة المعلوماتيّة، والتي تُعنَى بتطوير مجموعة مهارات مُعقّدة تسمح للأفراد باختبار وتجربة وفهم تدفُّق الأفكار من خلال التغيُّرات السّريعة في البيئة التكنولوجيّة.[٢]

موقف الإسلام من الأمية

حثّ الإسلام على العلم، حيث كانت آية (اقرأ)[٣] هي أوّل آية نزلت على الرّسول محمد عليه الصّلاة والسّلام، كما أقسم الله عزّ وجلّ في كتابه بالقلم: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ)،[٤] فما كان القسم إلا لبيان عِظَمِه وأهميّته في أمّةٍ كان تعلُّم الكتابة فيها أمراً نادراً. كما حثّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام على الكتابة في الأحاديث الشريفة فقال: (قيِّدُوا العِلمَ بالكِتابِ)،[٥] بهدف الحفاظ عليه وعدم نسيانه.[٦]

أسباب الأميّة

تصل نسبة البالغين الذين يُعانون من الأميّة اليوم 17% من سُكّان العالم، وتُشكّل النّساء ثلثي هذه النّسبة، ويوجد 122 مليون شابّ أميّ في العالم منهم 60.7 % نساء. كما يبلغ عدد الأطفال الذين هم خارج مقاعد الدّراسة ويُشكّلون مصدر قلقٍ على المستقبل 67.4 مليون طفل.[٧] ويوجد لهذه الآفة الاجتماعيّة عدة أسباب، منها:[١][٨]

  • تدنّي المُستوى التعليميّ للأبوين.
  • وجود إعاقات تعليميّة، مثل عسر القراءة، وصعوبة وبطء التعلّم.
  • افتقار الدّول للقوانين والتّشريعات التي تُلزم الالتحاق بالمدارس لغير المُتعلّمين، هذا بالإضافة إلى عدم جدِّيتها في تطبيق هذه القوانين إن وُجدت.
  • تأثُّر بعض المُجتمعات بالعادات والتّقاليد التي تمنع مُشاركة المرأة في الحياة العامة، ومن ضمنها مُمارسة حقّها في التّعليم.
  • عدم العدالة في توزيع الخدمات العامّة في مناطق الدّولة المُختلفة، وهذا يترتّب عليه في أغلب الأحيان حصول أبناء المدن على خدماتٍ تعليميّةٍ أفضل مُقارنةً بأولئك الذين يعيشون في القرية أو البادية.
  • أثر كفاءة المُعلمين الذين يتولّون تدريس الصّفوف الأولى على تحصيل هؤلاء الطّلبة.
  • عدم العناية بتأهيل مُدرِّسين مُتخصّصين لتعليم كبار السنّ.
  • انعدام الاستقرار السياسيّ والحروب والهجرات المُستمرّة في بعض الدّول.
  • عدم إكمال الأطفال تعليمهم عند الوصول لمرحلةٍ تعليميّةٍ مُعيّنة، وتركهم للدّراسة نتيجةً لأسباب مُختلفة، منها صعوبة الظّروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة للأهل، ممّا يُجبَر الطّفل على ترك المقاعد الدراسيّة والالتحاق بسوق العمل.
  • تزايد عدد السُكّان الذي يتطلّب مزيداً من الخدمات المُختلفة، ومن ضمنها مرافق التّعليم، وفي حال ضعف الإمكانيّات الاقتصاديّة للدّولة فإنّها لن تستطيع تلبية هذه الاحتياجات.
  • عدم وجود توافق بين مُخرَجات التّعليم الأكاديميّ وإمكانية توظيفها في التّعليم المهنيّ.
  • تهرُّب الطّلاب من الصّفوف الدراسيّة.

آثار الأمية

نظراً للجهود المبذولة لمُكافحة الأميّة والاهتمام الفائق الذي تناله هذه الظّاهرة كان لِزاماً توضيح آثار هذه الظاهرة ومخاطرها على المجتمع:[٩]

  • الوالدان اللّذان يُعانيان من الأميّة لا يُقدِّران أهميّة حصول أبنائهم على قدرٍ وافرٍ من التّعليم، ممّا يُؤدّي إلى احتماليّة تركهم للدّراسة في مراحل عمريّة مُبكّرة، أو مُعاناتهم لمشاكلَ عديدةٍ في دراستهم أو سلوكياتهم لعدم وجود الاهتمام الكافي من قِبَل الوالدين.
  • يُعاني الأشخاص الأميّون من ضعف الثّقة بأنفسهم، هذا بالإضافة إلى عدم الإيمان بإمكانياتهم وقدراتهم، ممّا يُقلّل من تمتُّعهم بالاستقلاليّة ومن فرص الحصول على حقوقهم الشخصيّة التي تنص عليها قوانين الدّولة، ممّا يُؤدّي إلى ازدياد احتماليّة تعرّضهم للخداع بسبب عدم وعيهم واطلاعهم.
  • التّأثير على دخل الفرد، حيث يحصل الأفراد ذوي التّعليم المُتدنّي على فرص عمل أقلّ وأدنى جودة من ذوي التّعليمالجيّد، ممّا يجعلهم أكثر عرضةً للفقر.

وسائل للحدّ من الأميّة

تُكرّس الحكومات والمُنظّمات جهوداً وأموالَ طائلةً لمُكافحة الأميّة والتغلُّب عليها بعدةّ وسائل، منها:[١]

  • إعداد برامج مُتخصّصة يتمّ من خلالها تدريب المُعلّمين لاكتساب المهارات المهنيّة والتربويّة اللازمة.
  • القضاء على العادات والتّقاليد التي تحول دون الحصول على فرص التّعليم المُتاحة.
  • إشراك الهيئات الاجتماعيّة.
  • يُعتبر الإعلام وسيلةَ توعيةٍ مُهمّةٍ لاطلاع المُجتمع على أهميّة التّعليم والمُميّزات والفرص المُترتّبة عليه.
  • إعادة صياغة مناهج لتعليم الكبار تتناسب مع اهتماماتهم.
  • توفير حوافز للمُتعلّم.
  • العمل على استحداث أنواع أخرى من التّعليم غير النظاميّ.
تُعتبر الدّول التي تهتم بالتّعليم ونبذ الجهل والقضاء عليه من أهمّ الدّول وأكثرها تطوراً، فالتّقدم يُقاس بالعلم والعمل، فهما أساس التّطور الإنسانيّ، والدّول التي استطاعت القضاء على الأميّة في مُختلف شرائحها هي دولٌ ناجحة، وترتقي لتكون في طليعة الأمم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى