ما رأيك إذا بادرت امرأة وطلبت منك الزواج؟

أن تبوح امرأة لرجل بحبها وتطلب منه الزواج لأمر غير معتاد في سالف العصر وزماننا هذا، امرأة جميلة وذات خلق وغنية بالأموال وسيدة في مجتمعها عبرت عن رغبتها في الزواج من شاب يبدوا فقيراً لكنها أحبت صفاته النادرة وأخلاقه العظيمة، وغير ذلك أصغر منها في العمر وهو أيضاً أمر يستنكره البعض.

لقد أصبحت قصة الزواج تلك واحدة من أشهر الزيجات في التاريخ ولما لا وبطلها سيد الأولين والأخرين رسولنا الكريم محمد وأمنا السيدة خديجة.

القصة وفصولها المتعددة بالتأكيد مررتم عليها من قبل ومما أعجبني فيها عند فتح مكة والرسول الكريم يبسط عباءته لإمراة عجوز ويجلس معها حتى تغار أمنا السيدة عائشة، العجوز كانت صديقة أمنا خديجة التي مرت حينذاك 14 عاماً على وفاتها، أي حب ووفاء علمته لنا يا رسول الله.

الحكمة الجلية هو أن تقاليد المجتمع وتمسكه بأشياء لا تفيد أمر يشكل تعقيد لحياة الناس، فيجب علينا إحترام رغبات وخيارات الناس في أمور عديدة منها الزواج وعدم وضع قوالب محددة لشكل العلاقات.

فكم رأينا في مجتمعاتنا شاب فقير يتزوج ثم تسير الحياة فيصبح غنياً والعكس أيضاً يحدث، فالمهم في الإختيار هو حسن الخلق، رغم أن طالبي الزواج يبحثون في الشريك عن الجمال والمال والنسب، إلأ أن أفضلها الأخلاق الجميلة وبحسب فهمي ذاك ما عناه رسول الله بإظفر بذات الدين وهو القائل إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

علينا كمجتمع ووسائل إعلام ونشطاء في مواقع التواصل بتنوير الناس عبر المعلومات ولين القول بأن ما يحدث من مبالغات في تكاليف وحفلات الزواج في بلدنا السودان أمر غير جيد ولا يتناسب مع الظروف الإقتصادية السيئة التي تمر بها بلادنا، لقد إرتفعت نسبة الطلاق مع بداية الحياة الزوجية، في السنوات الأخيرة حتى أصبحت ظاهرة ملحوظة، وتعود لمشكلات متنوعة لكن السبب الحقيقي هو منظومة فكر التوافق والإختيار، كمثال فليس كل رجل غني كريم، فقد تكتشف أنه بخيل بعد الزواج وأكثر ما تكرهه المرأة في الرجل صفة البخل وقد يحول حياتها إلى جحيم.

كما معروف أن صفات الجوهر من أخلاق حميدة مثل الصدق والأمانة والكرم والوفاء والود والكلام الطيب والإبتسامة تستمر مع الزمن وتكون هي فاكهة الحياة الحقيقة، أما صفات المظهر فتتغير بصور درامتيكية فالثراء قد يتحول إلى فقر والجمال قد ينقص والمناصب تزول وغيرها.

فلنجعل نحن كأسر ومجتمع، قدر مشاعر الحب يتدفق نحو من يستحق من الطرف الأخر، من يملك صفات جوهرية تحقق معنى الحياة السعيدة في الزواج ولا نحجر على الناس في إختياراتهم ولا نتمسك بمعايير أثبتت أنها لا تصمد مع نوائب الدنيا.

وكلنا لنا قدرة عالية على إحداث التغيير وكل منا يمكنه أن يساهم من موقعه في أن نقود حملة لتسهيل الزواج الذي هو واجب على كل المجتمع فليتعلق قلبنا بالثريا حتى ننالها.

هل دار بخلد الذين جهروا وتهامسوا في مجتمع مكة كيف لإمراة جميلة وثرية يتودد لها علية القوم أن تحب وتتزوج شاب فقير يصغرها ب 15 عاماً، أن قلب أمنا السيدة خديجة قد فاز بأفضل رجل في العالم رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.

بقلم
عمر العبادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى