ماهو السرد وأنواعه وأشكاله

الكتابة

للكتابة أساليب عدّة، تكون لدى الكاتب كالأدوات بين يديه؛ حيث يختار الأداة التي تناسب ما يطمح لإظهاره، والأمثل لإظهار أفكاره، وما يجوب في داخله وما يعتريه من شعور، والأسلوب الذي نريد الحديث عنه هو أسلوب السرد.

السرد

السرد هو أسلوب من الأساليب المتّبعة في القصص والروايات وكتابة المسرحيات، وهو أسلوب ينسجم مع طبع الكثير من الكتّاب وأفكارهم بسبب مرونته، ويعدّ أداةً للتعبير الإنساني، ويقوم الكاتب بترجمة الأفعال والسلوكات الإنسانية والأماكن إلى بنى من المعاني بأسلوب السرد، وبذلك يكون الكاتب قد قام بتحويل المعلومة إلى كلام مع ترتيب الأحداث. ليس المقصود هنا الكلام غير المنتظم الذي لا يوجد فيه ترتيب للأحداث، أو ذلك الذي فيه انعدام للانسجام بين كلماته وجمله ومعانيه.
وفي السرد تتلاشى الحاجة لشرح أفكار أو لتلخيص المراد أو إعطاء مواعظ، وذلك لأنّ السرد يظهر كل ما هو مراد، وإن حصل ذلك فهو زيادة وحشو لا فائدة منه، بل قد يُسبّب ضعفاً لهذا الأسلوب، وله تأثير سلبيّ على بُنية النص وتركيبته. للسرد صيغ متنوّعة؛ حيث يمكن أن يُروى شفهياً أو كتابةً، أو أن يكون عن طريق الصور والإيماءات، ويكون أيضاً بصيغٍ أخرى.
ومن أشكال السرد (السرد المفصّل)، ويكون ذلك بوضع كلّ التفاصيل في السرد دون اختصار، وهناك (السرد المجمل)، وفيه اقتضاب للأحداث، ويكون التركيز فيه على الأحداث الأساسيّة والتي تكون هادفة، أمّا عن طرق السرد فهي: السرد الذاتي، والسرد المباشر، وسرد الوثائق (المذكّرات والاعترافات).
السرد هذا المفهوم الأدبي المتّصل بالنثر، والسرد الثمرة التي نتجت بعناية الكاتب لفكرته، هذا الأسلوب أسلوب الرسالة الإنسانيّة الأبرز لدى الكتّاب والأكثر استمتاعاً لدى القرّاء، ولهذا الأسلوب أهميّة كبيرة في الأدب، وقد كثُرت الأساليب المستخدمة في الأدب، لكن المهم هو الكاتب المبدع الحقيقي الذي أعطى لأسلوب الكتابة معنىً من خلال ما يقوم بإظهاره لما يجوب في نفسه. (1)

أنواع السرد

يُقسم الأسلوب السرديّ إلى ثلاثة أقسام: (2)

  • من زاوية المتكلم، أي ناقل الخطاب اللغوي: وهو الأسلوب الكاشف عن فكر صاحبه ونفسيته. يقول أفلاطون: كما تكون طبائع الشخص يكون أسلوبه. ويقول جوته: الأسلوب هو مبدأ التركيب النشط، والرفيع، الذي يتكّمن به الكاتبُ النفاد إلى الشكل الداخلي للغته، والكشف عنه.
  • من زاوية المخاطَب، أي المتلقي للخطاب اللغوي: وهو أسلوب الضغط الذي يتلقّاه المُخاطَب، يقول ستاندال في تعريف هذا الأسلوب إنّه: الأسلوب هو أن تضيف إلى فكر معين جميع الملابسات الكفيلة بإحداث التأثير الذي ينبغي لهذا الفكر أن يحدثه.
  • من زاوية الخِطاب، وهي الطاقة التعبيرية الناجمة عن الألفاظ اللغوية المُختارة. وعرّفه ماروزو بأنّه اختيار الكاتب، ما من شأنه أن يخرج بالعبارة، من حالة الحياد اللغوي، إلى خطاب متميز بنفسه.

تتعدّد الأساليب من ناحية الموضوع أيضاً، وبهذا يمكننا تقسيمه إلى ثلاثة أنواع أخرى، وهي: الأسلوب البسيط، والأسلوب المعتدل، والأسلوب الجزل؛ فيصلح بذلك الأسلوب الأول لكتابة الرسائل، والثاني يصلح في كتابة التاريخ، بينما الأسلوب الثالث يصلح للمأساة. إلا أن الأنواع الأدبية الحديثة، كالرواية، والمسرحية الاجتماعية، تشمل عدة أساليب كتابية بطريقة ناجحة. (2)

أشكال السرد

يُصنّف السرد بأنه نشاط زماني يوضّح كيفية إدراك السّارد للوقائع بالاستناد على محور الزمن؛ فإذا كان الزمن متصلاً بحلقات متتالية متسلسلة، فإننا نجد أنّ الزمن يسير بنظام يسمح بتداخل الأحداث والتوائها، ولهذا يُصنّف الزمن عنصراً أساسياً عند دراسة السرد لتمييز بين أشكاله المختلفة، والتي تُقسم إلى ما يأتي: (3)

مقالات ذات صلة
  • السرد المتسلسل: وهو السرد الذي يقوم على نظام خطي واضح ضمن تصوّر الزمن، إذ يعتمد السارد على التدرج في وقوع الأحداث، فيسرد الحدث الأول، ثم ينتقل إلى الحدث الثاني، والثالث وما بعده، وهكذا دواليك بالترتيب حتى نهاية الأحداث.
  • السرد المُتقطّع: يُبنى على مخالفة التسلسل المنطقي لوقوع الأحداث، إذ يبدأ السارد في تقديم الحكاية من آخر الأحداث، ثم ينتقل بعدها إلى أول حدث، مُعتمدا على تقنيات كتابية متعددة، مثل: الحذف، والاسترجاع، والتلخيص، والوصف وغيرها.
  • السرد التناوبي: تُحكى بواسطته عدد من القصص المتناوبة، فتبدأ قصة وتتلوها أخرى، ثم تعود القصة الأولى ونعود إلى الثانية مرة أخرى، وهكذا. ويشترط في هذا الأسلوب السردي وجود قواسم مشتركة بين الشخصيات والأحداث، وهذا السرد غالباً ما يكون مستخدماً في المسلسلات التلفزيونية.

خصائص السرد

يعتمد السرد بأنواعه على عدّة مقوّمات تُشكّله، وتميّزه عن باقي النماذج الأخرى، منها: (4)

  • يعتمد على مؤشرات زمانية ومكانية، فارتباطه بالزمان يبني حافز التشويق، ويحدّد الأحداث ويُرتّبها، فالزمان والحدث توأمان لا ينفصلان.
  • اشتماله على روابط معينة تساعد على شبك الأحداث معاً وتربطها بالطريقة التي يريدها السّارد، مثل: بعد ذلك، قبل ذلك، ثم، وغيرها.
  • تدرّج الأحداث وتشكّلها عبر ثلاث مراحل أساسية: أحداث أولية، وأحداث طارئة، وأحداث نهائية.
  • تناسب استخدام الأفعال مع الزّمن المناسب في الوقت المناسب، فيأتي الفعل الماضي مع الأحداث المنتهية، والفعل المضارع مع الأحداث التي تُروى حالياً.

المراجع

(1) بتصرّف عن محاضرة مفهوم السرد، جامعة الملك سعود، faculty.ksu.edu.sa

(2) بتصرّف عن كتاب النص والأسلوبية بين النظرية والتطبيق، عدنان بن زريل، اتحاد الكتاب العرب، سوريا دمشق، 2000، ص43.

(3) بتصرّف عن قمالة مقدمة في مقوّمات السرد القصصي، kissas.org

(4) بتصرّف عن مقالة المصطلح السردي تعريباً وترجمة في النقد العربي الحديث، د.عبدالله أبو هيف، مجلة جامعة تشرين للدراسات والبحوث العلمية، سلسلة الآداب والعلوم الإنسانية، المجلد 28، العدد 1، 2006

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى