لو عايزة تكونى ام , متعمليش كدهـ 2019

علمائي الأفاضل: أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عاماً, في كلية الهندسة،
وأدرس في السنة الأخيرة منها, مستواي الدراسي متواضع جداً,
ما يؤرقني الآن بشكل كبير هو موضوع الزواج,
فأنا أعرف أن الزواج مسؤولية كبيرة، ومهمة عظيمة,
ولكني لا أرى نفسي أهلاً للارتباط.

نعم أنا أصلي – والحمد لله -، وأحاول أن أحافظ على عبادات معينة في اليوم والليلة،
لئلا ينفلت مني ديني, ولكني أرى أنني لن أستطيع تحمل مسؤولية زوج وبيت وتربية أبناء أكون أنا أمّهم,
فلو نحينا أمر الدين جانباً لما وجدت الكثير من المميزات، ولرأيت العيوب الكثيرة في شخصيتي،
وفي عاداتي وتصرفاتي, فأنا تنقصني الكثير من الحكمة في التعامل مع الأمور،
ومنها تدني مستواي الدراسي، في عقلي نقص في طريقة التعاطي مع الأمور,
فأنا لا أقدر الأمور قدرها, فربما أعطيت أمراً تافهاً أكثر مما يستحق،
وأعطيت أمراً عظيماً أقل مما يستحق!

ولذلك فقد رفضت من تقدم لي، وهو على غير دين وخلق,
وفي الوقت ذاته فأنا لست أهلا لمن هو على خلق ودين،
فمن يتقدم لي سيظن بي الخير، ويغره أني ملتزمة،
ولكن سيبغضني إن عرف بعيوبي الأخرى, ولو أخبرته بها لما قبل بي منذ البداية،
فيا ليتني أستطيع أن أخبره بكل ما في من حسن وسيء، ثم له الاختيار بعدها،
حتى يكون على بينة من أمره، ولا يندم بعدها, فأنا لا أريد أن أكون سبباً في خيبة أمل أحدهم،
وقد رتب حياته كلها عليّ.

أعرف أن كلامي هذا غريب، ولكني أفضل عدم الزواج على أن أخدع أحداً، أو أكون له عذاباً،
فأنا نفسي إن كنت سأخطب فتاة لابني مثلاً فلن أختار من هي مثلي، ولكن كيف؟
وهذا بالنسبة لأهلي يعتبر سبباً غير مقنع تماماً، كلامي هذا لم أستطع البوح به لأحد من أهلي،
لأني لا أثق بأحدهم،
وأيضاً لن يتفهموا كلامي هذا, ولم أستطع أن أبوح به لإحدى صديقاتي الصالحات،
فأنا أستحي من ذلك، وأستحي أن يعلمن بتلك العيوب في، والكل يظن بي خيراً من ذلك.

ما أخبركم ليس توهماً من عندي،
فأنا أسمع منهم ما يرمونه بين الحين والآخر من أنني سأفشل مع زوجي إن تزوجت,
ولا أحد يعرف المرء أفضل من نفسه، أما دعائي لله هو أن يقدر لي الخير حيث كان،
سواء كان في الزواج أو في عدمه.

أريد إرشاداتكم لي، فأنتم الآن لي أبي وأمي
وأصدقائي الذين عجزت أن أبوح لهم عما في داخل صدري,
وبحت لكم ما حبسته بصدري منذ فترة مضت.

الردّ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بداية نحن سعداء بثقتك الغالية فينا، ونسأل الله أن يجعلنا عند حسن ظنك،
وأن نقوم بالدور الذي ينبغي في مساعدتك،

أهلاً وسهلاً ومرحبا بك – ابنتنا الكريمة -،

ولقد قرأت الرسالة بتأنٍ شديد وعدة مرات، ووجدت أنك أعطيت الأمر أكبر من حجمه،
لأنك تعلمين أن الله تبارك وتعالى ما خلق إنساناً كاملاً أبداً بعد نبينا – صلى الله عليه وسلم -،
والكمال أمر نسبي، كما أن النقص أمر نسبي كذلك،
وما منا من أحد إلا وفيه من العيوب ما الله به عليم،
إلا أنه قد لا يجد الجرأة لتشخيص حالته كما فعلت أنت،
وإلا لو أن كل واحد منا وضع نفسه على ميزان الحقيقة،
لوجد أنه لا يصلح لأن يكون شيئا، ناهيك عن أن يكون أبا أو أماً.

فالحياة التي نعيشها هي حياة تجمع ما بين المتناقضات،
ففيها الليل والنهار وفيها الخير والشر وفيها الغنى والفقر،
وفيها الصحة والمرض، والله تبارك تعالى أراد ذلك لحكمة يعلمها، وحتى تستقيم الأمور،
ولو أننا جميعاً عقلاء لما استقامت الحياة، وكذلك لو أننا جميعاً مجانين مخبولين لما استقامت الحياة،
ولو أن الناس جميعاً أغنياء لتعطلت عجلة الحياة تماماً وتوقفت نهائياً،
ولو أننا جميعا فقراء لكان الشيء نفسه.

إذا هذا الاختلاف والاضطراب في هذا الكون هو من أهم مميزات هذا الكون الذي نحيا فيه ونعيشه،
لأن الله تعالى قد يبتليك بزوج أكثر منك نقصاً، وقد يكون أوفر عقلاً فيستوعبك،
ويصبر عليك، وينظر في حسناتك فيغفر لك زلاتك وسيئاتك ونقصك ..وهكذا،
ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم-:
– ” لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر “.

وهذا يبين حالتك تماماً، بمعنى أن المرأة قد يكون فيها نقص في بعض الجوانب،
فالنبي – صلى الله عليه وسلم – يوصي أن لا نغفل الجانب الحسن فيها،
لأن فيها وفيها، والرجل كذلك فيه وفيه.

فلذلك أتمنى ألا يعطى الأمر أكبر من حجمه كما ذكرت،
وأنا أتصور أنك أعطيته أكبر من حجمه،
فأتمنى – بارك الله فيك – أن تحاولي التخفيف من موقفك من هذه السلبيات التي ذكرتيها في رسالتك.

الأمر الثاني:- أن الإنسان ما دام سليماً من الأمراض العضوية التي تسبب إعاقة في حياته،
سواء كانت في الحياة في العامة، أو الحياة الخاصة -أقصد الحياة الوجية – فإن كل أمر قابل للإصلاح،
لأن النفس البشرية هذه جعل الله جل جلاله قوام الإنسان فيها،
بمعنى جعل الإنسان هو المسؤول عن النهوض بنفسه وتزكيتها عندما قال سبحانه وتعالى:
{قد أفلح من زكاها* وقد خاب من دسها}.

فالله تبارك وتعالى أوكل إلينا أمر النفس، وهذه الأمور كلها التي ذكرتها أمور نفسية نستطيع
– بإذن الله – أن نتغلب عليها، ونتعلم كماً كبيراً من المهارات التي تجعلنا في قمة الإبداع والروعة،
وهناك مدارس تدرس التنمية البشرية، تستطيع أن تحول الإنسان الذي لا يصلح لشيء
إلى إنسان رائع وعظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى