لهذه الاسباب ..الأسـواق منطقة.. ممنـــوع الاقـتـراب ..!

السودان اليوم:

أضحت الأسواق بمثابة بعبع مخيف للمواطن وعلامة خطر ممنوع الإقتراب منه ويعزا السبب للارتفاع الجنوني في أسعار كافة السلع الضرورية وغير الضرورية التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية، فالأسعار غير ثابتة وتصعب السيطرة عليها إذ يحدث تغيير وارتفاع مفاجئ للأسعار بين ليلة وضحاها الأمر الذي أرهق كاهل المواطن كثيراً وبات يتضجر منه، وذلك لأن الدخل لا يتناسب مع الزيادة في الأسعار ولو وضعنا مقارنة لرواد الأسواق قبل بضع سنوات لوجدنا أن هنالك مفارقات في القوى الشرائية، ففي الوقت الذي يعجز البعض عن الشراء لضيق ذات يدهم بالمقابل نجدها تكون ملجأ للمقتدرين والذين يستطيعون مجاراة الأسعار، ولكن الآن وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الحرجة أصبح الأمر سيان لكليهما عدا القليل منهم وهذا ما لمسناه عبر هذا الاستطلاع حيث تجولت كاميرا (الجريدة) على جميع الأسواق والتقت ببعض المواطنين لمعرفة مختلف آرائهم..

قفة الملاح أرهقتنا
تقول عزيزة ربة منزل قبل أن ينتهي اليوم نفكر ماذا نفعل في اليوم الذي يليه وكيف يمكننا (لقيط) قفة الملاح بسبب غلاء الأسعار للخضروات وتوابع حلة الملاح بدءاً من البصل والزيت والطماطم واللحمة وليس انتهاء بالرغيف الذي أصبح شيئاً شبه مستحيل بسبب الصفوف المستمرة وإنعدامه في أحيان كثيرة أما (الكسرة والقراصة) فقد صارت جميلة ومستحيلة؛ لأن تكلفتها أكبر ولو تركنا الطبيخ في المنزل وأردنا أن نشتري من المطاعم نحتاج إلى 500جنيه في اليوم؛ لأن أصحاب المطاعم يعانون من الزيادات لذلك يقومون برفع سعر طلب الوجبة وحقيقة احترنا في أمرنا (وحالة البلد كل يوم راجعة لورا وبصراحة يا بتي خلاص فقدنا الأمل في أن ترخص الحاجات زي زمان وحتى لو الواحد استغنى من اللحمة وحاول الاعتماد على بديل مثل الفول أو العدس واستغنينا من اللحمة برضو مافي فايدة لأن أسعارها مرتفعة (غايتو إلا نصوم من الأكل) ونقول لناس الحكومة المواطن خلاص تعب وأرحمونا وشوفوا لينا حل للمصيبة الحلت بينا دي)

لا نتصدق بالملابس القديمة
وعن الزيادة في أسعار الملابس تحدثت إلينا الموظفة انتصار آدم قائلة طفت كل الأسواق الثلاثة الموجودة في العاصمة حتى اتحصل على سعر معقول من الملابس أو الجزم ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل إذ أن الأسعار مرتفعة بشكل جنوني لا يوجد سعر بلوزة أقل من 200ج سوى المعروضة خارج الدكاكين والتي سعرها 60و40جنيهاً وفي الأغلب هي مستعملة؛ لأن سعرها منخفض أما الإسكيرت وصل ل500ج وبالنسبة لفساتين السهرات لا يوجد أقل من 2000و1500 بل نجد سعرها في الأماكن غير الشعبية والمولات ل5000ج وسعر الجزم صار400و450ج وهذا السعر للجزم العادية أما جزم وشباشب السهرة بلغ سعرها 500ج بل حتى ملابس الأطفال الزيادة في أسعارها أصبحت خرافية وأصبحنا في حيرة من أمرنا ولا ندري ماذا نفعل، وفي السابق كانت الأسعار معقولة وتتناسب مع الدخل والمنصرف، وهنالك تفاوت في القوى الشرائية ويشتري المقتدرون مايحلو لهم أما الآن كل الطبقات تساوت وكل يوم نجد الزيادة الخرافية في الأسعار وبالرغم من اكتظاظ المواطنين في الأسواق بهذا الشكل إلا أنهم يفشلون في شراء كل حاجياتهم وفي النهاية يخرج الواحد منهم بشيء واحد وبعضهم يكتفي بشراء منديل لأنه أرخص شيء والمرتب لا يكفي ولا يتناسب مع هذه الزيادات المهولة.. وحقيقي كنت اتصدق بملابسي القديمة ولكن الآن مع هذه الزيادات (العجيبة) في الأسعار جعلتني أتراجع وأعيد النظر واحتفظ بها خوفاً من عدم استطاعتي لشراء الجديد.

فوضى الأسعار
يقول عيسى محمد مهندس- أصبحت الزيادة في الأسعار عشوائية وأصبح التجار يزيدون في السلع حسب مايرونه متناسباً مع سرعة ربحهم بغض النظر عن ما يحمله المواطن من هموم أخرى فكانت زيادة السعر في جميع السلع من أجهزة إلكترونية وأثاثات ومواد بناء وكل ما يخطر على البال من أشياء ضرورية يحتاجها المواطن في حياته اليومية بل حتى الأسماك صارت هنالك زيادة في سعرها، وأضاف ساخراً هل هنالك دولار في البحر؟ وأصبح الدولار هو الشماعة التي يعلق التجار فيها مبرراتهم في زيادة الأسعار وفي خضم هذه الفوضى العارمة نحن نتساءل أين حماية المستهلك لماذا لا تضع حداً لكل هذا العبث؟ نحن نرجو من المسؤولين أن يحسوا بالمواطن شوية ويخلوا تسابقهم في كراسي الحكم لأننا غير مستفيدين من حكمهم بشيء ومعاناة المواطن تزيد يوماً بعد آخر حتى بلغ السيل الزبى. وتضيف الموظفة محاسن محمد أن الزيادة في السعر وصلت إلى مراكز التجميل النسائية بما فيها الكوافيرات حيث أصبح سعر رسم الحناء يتراوح ما بين300 و400جنيها أما رسم الحنة للعروس فليس أقل من3000 بل حتى مشاط الشعر سعره أصبح150جنيهاً وعند السؤال عن سبب الزيادة تكون الإجابة الزيادة في الدولار ولا ندري ماهي علاقة الدولار بمشاط الشعر.

لا تأتي المصائب فرادى..
ولم يكن رأي فاطمة محمد مختلفاً عن البقية وهي ربة منزل وتسكن الثورة غرب الحارات وهي نموذج لمعاناة المواطن في سبيل تحصيله على أبسط مقومات الحياة الضرورية فتقول: لديّ خمسة أبناء وبنتين وقد توفى زوجى وترك لي هؤلاء السبعة وليس لدينا مصدر دخل ثابت وفشلوا في مواصلة تعليمهم لعدم الاستطاعة إضافة إلى أنني مصابة بمرض السرطان وابنتي ايضاً مصابة بهذا المرض وتمضي في الحديث قائلة: أسعار الأدوية مرتفعة والجلسات الكيمائية لي ولابنتي مكلفة جداً وأحياناً تنتكس حالة ابنتي وتحتاج إلى علاج مصاحب بجانب الجرعات وعندما نذهب للصيدلية نتفاجأ بالأسعار لأن أي دواء مستورد يكون سعره مرتفعاً أكثر من 600ج فنتجه إلى أخذ دواء أقل سعراً ولكنه لا يفعل شيئاً كما أننا نحتاج إلى غذاء وفواكه ولكننا نعجز عن شرائها لارتفاع الأسعار فنكتفي بشرب الشاي السادة مع الرغيف وقد تمر علينا أيام دون أن نتذوق طعاماً بسبب هذا الغلاء.

ترك الدراسة والصيام
من جانب آخر تقول صفاء أحمد وهي طالبة جامعية: الغلاء ضرب كافة الأدوات المكتبية حيث صارت هنالك زيادة جنونية في أسعار الدفاتر والأقلام والتصوير والورق بالإضافة إلى زيادة السعر في إيجار الداخلية، وأنا جئت من الأقاليم لذا يتحتم عليّ السكن بالداخلية ووصلت الزيادة إلى 500ج للسرير الواحد وأنني أكبر إخوتي الستة وأبي عمله بسيط لايستطيع أن يتكفل بجميع مستلزماتنا بسبب هذا الغلاء لذلك لايوجد خيار آخر سوى أن يترك إخوتي التعليم لأنهم في مراحل متفاوتة في الدراسة ويحتاجون إلى الكثير من المستلزمات.. وعن ارتيادها للسوق وشرائها تقول صفاء السوق بالنسبة لي صار من الرفاهيات وهو للمقتدرين فقط ومنذ أن دخلت الجامعة لم اشترِ لبسة أو حذاء وكل حلمي في كيف أتمم دراستي الجامعية حتى أساعد أسرتي.

نفترش الأرض ونلتحف السماء
وفي ذات السياق تقول الخالة هدية: أسكن أمدرمان غرب الحارات وزوجي متوفٍ وكنت أعمل في بيع الكسرة والآن تركتها لأنني لا استطيع شراء مكوناتها للزيادة في أسعار الدقيق والفحم وغيره كما أنني مريضة بداء السكري؛ لذلك اخترت أن أعمل في المنازل حتى استطيع توفير وجبة لبناتي ولدي ابن واحد تم طرده من المدرسة لعدم استطاعتي دفع الرسوم له وبناتي يصمن طوال الشهر لانعدام الطعام من المنزل وتركن الدراسة ايضاً كما لديّ ابنة صغيرة تبلغ العاشرة من العمر مصابة بتضخم كلوي وذهبنا إلى إحدى المستشفيات بأمدرمان فلم يستقبلونا لعدم استطاعتنا دفع الرسوم وتم تحويلنا إلى مستشفى خيري بمنطقة جياد ورحلنا إلى المستشفي لأن المسافة بعيدة لى ولبناتي والآن أنا وبناتي ننام في الأرض بالمستشفى ولانملك شيئاً ولا ندري كم من الزمن سنمكث والشتاء على الأبواب .

الربيع العربي
واصلت “الجريدة” جولتها في الأسواق حيث التقت بالأستاذ مدثر محمد أعمال حرة ويقول : الغريب في الأمر أن الأسعار ارتفعت هكذا فجأة ودون سابق إنذار أو تمهيد لذلك كما يحدث في الدول الأخرى التي يخطر المسؤولون مواطنيهم وتكون تدريجياً ولكن هنا بالسودان تحدث الزيادة فجأة ودون مبررات وقبل مايصبح اليوم يكون لنا أمل في أنه سترجع الأسعار في اليوم الذي يليه ولكن سرعان ما تذهب أحلامنا مع الريح إذ أن الحال يزداد سوءاً كل يوم وجاءت الطامة الكبرى بالإرتفاع الجنوني للدولار وكانت هنالك سلع تصدر إلى الخارج أما الآن فأصبحت تستورد علماً بأن السودان هو الدولة الوحيدة المنتج لها مما (زاد الطين بله) كما يقولون والشاهد للدول العربية والأحداث التي طرأت عليها هو بسبب غلاء الأسعار ونحن شعب متسامح وصابر ولكن للصبر حدود ويجب على الدولة أن تقوم بمعالجة الوضع الإقتصادي فوراً قبل أن تصيبنا نسمات الربيع العربي لإسقاط الحكومة لأن الجوع كافر لا دين له ونرجو من ناس حكومة المؤتمر أن تكون لديهم مسؤولية ويعيشوا الهم مع المواطن ويتركوا الأنانية والعمل على وضع حلول جذرية لهذه المعضلة والوقوف مع المواطن السوداني البسيط.

زواج مع وقف التنفيذ
يقول أحد المواطنين وهو يعمل في بيع أجهزة الموبايلات- أصبح ارتفاع الأسعار المباغت يشكل لنا هاجساً وصار الارتفاع في كل شيء وأنا الآن مقبل على زواج ولا أدري ماذا افعل إذ يتحتم عليّ أن أقوم بتجهيز الشيلة للعروس من مأكولات وملبوسات وطباعة كروت وهدايا للأهل وإيجار للصالة وللمنزل واخترت الذهاب إلى الإجمالي عسى أن أجد الأسعار المعقولة ولكني حقاً تفاجأت حيث وجدت الزيادة وصلت إلى ثلاثة أضعاف وأصبح لافرق بين الجملة والقطاعي علماً بأنني قررت الزهد في شراء مستلزمات الزواج بجعل الزواج مختصراً قدر الإمكان، وقد اتفقتُ أنا وخطيبتي على هذا وهي تفهمت ظروفي ولكن بالرغم من ذلك نجد أن إرتفاع الأسعار يقف عائقاً في طريقنا ولنا سنوات مخطوبان وقد حددنا موعد الزواج والآن لا ندري ماذا نفعل. وقد أصبح هنالك ركود في البيع بسبب الزيادة والآن أصبحت الزيادة في سعر الموبايلات ألف في المية وبالطبع القوى الشرائية قليلة جداً. وبالنسبة لنا كتجار نحن نزيد في السعر حتى ندفع منها إيجار المحل وكذلك نحاول أن نغطي سعر البضاعة لأن الجمارك تأخذ منا مبالغ طائلة ولو استمرت الزيادة بهذا الشكل فلن يتزوج الشباب، ومن هنا نحن نناشد الحكومة بالإسراع في حل هذه المشكلة.

مفــارقات
وبالرغم من كل ما ذكر من إفادات المواطنين نجد أن هنالك اختلافاً في الرأي وهذا ما أكدته لنا سناء محمد وهي موظفة بإحدى المنظمات قائلة: أنا اشتري جميع مستلزماتي واحتياجات أبنائي من (مول الواحة)لأن البضاعة جيدة وسعرها مناسب ولا فرق بينها وبين بضاعة الخليج حيث أنني كنت مغتربة منذ سنوات طوال والآن استقريت في السودان وايضاً المواد التموينية اشتريها من المولات الفاخرة. وكل فترة أقوم بتغيير الأثاث لأنه يصيبني ملل ولابد من التجديد. وتقول أماني السر ربة منزل: أنا لا أهتم بارتفاع الأسعار فقط ما يهمني جودة البضاعة وأحب شراء كل جديد حسب الموضة لأنني اهتم بالأناقة كثيراً وأحياناً أصرف أكثر من مليون دفعة واحدة للأشياء التي تعجبني، وفي المواسم المختلفة أيضاً أذهب إلى دول خارج السودان لشراء ملابس الشتاء لي ولأبنائي وكذلك في الصيف وألبي كل مايطلبه مني أبنائي مهما كانت التكلفة؛ لأن الإنسان يعيش مرة واحدة في حياته ولابد أن يستمتع بحياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى