لغة عربية , اولى ثانوي , خطبة قس بن ساعدة , نصوص

خطبة قس بن ساعدة ( نصوص )
——————————————————————————–

خطبة قس بن ساعدة

التعريف بالخطيب

هو قس بن ساعدة بن عدي من قبيلة إياد بنجران ، كان زاهداً في الدنيا وخصوصاً بعد أن مات له أخان و دفنهما بيده . و كان قس يحضر سوق عُكاظ و يسير بين الناس و ينذرهم .. ولقد ضرب به المثل في الخطابة و البلاغة و الحكمة فيقال إنه أول من كتب “من فلان إلى فلان” وأول من أقر بالبعث من غير علم ، وأول من قال ” أما بعد” وأول من قال “البينة على مَن ادَّعَى واليمين على من أنكر” ، وأول من توكّأ على عصا ، ويقال أنه قد عاش مائة وثمانين سنة و قد توفي قبل بعثة النبي بحوالي عشر سنوات .

جو النص :

كان قس بن ساعدة ينكر المنكر الذي شاع في الجاهلية ، و الغفلات التي كانت تسيطر على الناس فتنسيهم الموت و البعث و الجزاء . و كان قس و كثير من العقلاء يتوقعون أن يُبْعث نبي يغير ما شاع في الجاهلية من معتقدات فاسدة و منكرات موبقة (مهلكة) .. وهذه خطبة له قالها في سوق عُكاظ قبل ظهور الإسلام فيها تأملاته في الحياة و الكون بحثاً عن وجود الخالق يقدم فيها نصحه مخلصاً .

النص :

” أَيُّهَا النَّاسُ , اسْمَعُوا وَعُوا , إنَّهُ مَنْ عَاشَ مَات , وَمَنْ مَاتَ فَات , وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آت .. ” .

اللغويات :

ô الخُطبة : ضرب ( نوع ) من الكلام البليغ يلقيه رجل عظيم نابه الشأن في جمع من الناس ، وأهم ما تقتضيه الإقناع والإمتاع ج خُطب – اسْمَعُوا : أنصتوا – وَعُوا : افهموا واحفظوا ، مادتها ( وعي) – فَات : مرّ وانتهى و مضى – آتٍ : قادم × راحل .

الشرح :

يدعو قس الحاضرين إلى الانتباه لما سيقوله وتدبُّر معانيه جيداً قائلاً لهم : أيُّها الناس إن لكل إنسان نهاية مهما طالت حياته ، فالموت مصير كل كائن حي ، ومن مات فقد انتهى أمره ، ومن لم يمت اليوم فسيموت غداً فلا مهرب من الموت..

التذوق :

ô (أَيُّهَا النَّاسُ ) : أسلوب إنشائي/ نداء ، غرضه : التنبيه وجذب الاهتمام . وقد حذفت أداة النداء للدلالة على قربهم من نفسه .
ô ( اسْمَعُوا وَعُوا) : أسلوب إنشائي / أمر ، غرضه : النصح والإرشاد .
س: ما رأيك في ترتيب الفعلين ( اسمعوا وعوا ) ؟
جـ : ترتيب دقيق ؛ لأن الإنسان يسمع أولاً ثم يفكر ويتأمل بعد ذلك ، فالثاني مترتب على الأول .
ô (إنَّهُ مَنْ عَاشَ مَات ) : أسلوب خبري غرضه : التقرير ومؤكد بـ (إن) فلكل أجل كتاب .
ô (عَاشَ – مَات ) : محسن بديعي / طباق يبرز المعنى ويوضحه بالتضاد .
ô (وَمَنْ مَاتَ فَات – وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آت ) : حكمتان صادقتان تؤكدان على أن الموت لا فرار منه .
ô (مَاتَ – فَات) : محسن بديعي / جناس ناقص يعطي تناغماً موسيقياً جميلاً .
ô ( اسْمَعُوا وَعُوا – مَاتَ – فَات – آتٍ ) : محسن بديعي / سجع ، وهو سجع جميل غير متكلف .

% تذكَّر :

الجناس : اتفاق أو تشابه كلمتين في اللفظ الأخير واختلافهما في المعنى
ô مثال : ” صليت المغرب في أحد مساجد المغرب .. ” أو ” يقيني بالله يقيني ” .
ويكون الجناس تامًا إذا اتفقت الكلمتان في نوع الحروف وعددها وترتيبها وضبطها كما في المثالين السابقين.
فإن اختل أحد هذه الشروط أصبح الجناس ناقصًا.
ôمثال : من بحر شعرك أغترف .. وبفضل علمك أعترف
ô سر جمال الجناس : أنه يحدث نغماً موسيقياً يثير النفس وتطرب إليه الأذن

السجع : هو اتفاق جملتين أو أكثر في الحرف الأخير ويأتي في النثر فقط.
ôمثال : (الصوم حرمان مشروع ، وتأديب بالجوع ، وخشوع لله وخضوع ).
ô سر جمال السجع : يحدث نغماً موسيقياً يثير النفس وتطرب إليه الأذن إذا جاء غير متكلف .

النص :

” لَيْلٌ دَاج ، وَنَهَارٌ سَاْج ، وَسَماءٌ ذَاتُ أبْرَاجٍ ، وَنُجُومٌ تَزْهَر ، وَبِحَارٌ تَزْخَر .. ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرا ، وإِنَّ فِي الأرضِ لَعِبَرا . مَا بَاْلُ النَّاسِ يَذْهبُونَ وَلاَ يَرْجِعُون ؟! ‍ أرَضُوا بِالمُقَامِ فَأَقَامُوا , أمْ تُرِكُوا هُنَاك فَنَامُوا ؟! ” .

اللغويات :

ô دَاج : مظلم × منير ، مضيء – نَهَارٌ ج أَنْهُر ، نُهُر – سَاْج : يذهب و يجيء ، شامل – ذَاتُ : صاحبة ج ذوات – أبْرَاج : أقسام للسماء – تَزْهَر : تتلألأ × تظلم- تَزْخَر : تمتلئ × تخلو- لَعِبَرا : مواعظ م عِبْرة ، أما الـ ” عَبْرة ” بفتح العين فهي الدمعة – بَاْلُ : حال وأمر- أرَضُوا : أقنعوا وارتضوا × رفضوا – بِالمُقَامِ : بالإقامة .

الشرح :

يتأمل قس في الكون فيقول أن الحياة بما فيها من ليل مظلم يتعاقب مع نهار منير، وسماء أظلت الأرض بأبراج متعددة ، ونجوم زاهرة ، وبحار زاخرة بألوان الحياة كلها تدل وتنطق على أن لهذا الكون خالقاً مبدعاً عظيماً هو الله ، ثم يتساءل متعجباً لماذا لا يعود الذين ماتوا إلى الحياة ؟!! أقنعوا وسعدوا بالمقام في القبور ، أم أنهم صاروا في طي النسيان فظلوا نائمين إلى أن يحين الحين .
س : ما الخبر الذي في السماء ؟ وما العبر التي في الأرض ؟ (أجب بنفسك) .

التذوق :

ô أكثر الكاتب هنا من السجع في : ( دَاج – سَاْج ، تَزْهَر – تَزْخَر ، لَخَبَرا – لَعِبَرا ، يَذْهبُونَ – يَرْجِعُون ، فَأَقَامُوا – فَنَامُوا ) ؛ ليزيد من الموسيقى غير المتكلفة في النص .
س : ما العنصر البديعي السائد في الفقرة السابقة ؟ ولماذا اعتمد الكاتب عليه ؟
ô (لَيْلٌ – نَهَارٌ ) : محسن بديعي / طباق بالتضاد يبرهن على قدرة الخالق .
ô (داج – ساج) : محسن بديعي / جناس ناقص يعطي نغمة موسيقية .
ô (إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرا ، وإِنَّ فِي الأرض لَعِبَرا) : أسلوبان خبريان كل منهما مؤكد بمؤكدين ( إن – اللام ) .
ô (مَا بَاْلُ النَّاسَ يَذْهبُونَ وَلاَ يَرْجِعُون ؟!) : أسلوب إنشائي / استفهام ، غرضه : التعجب
ô (أرَضُوا بِالمُقَامِ فَأَقَامُوا , أمْ تُرِكُوا هُنَاك ؟ ) : أسلوب إنشائي / استفهام ، غرضه: إظهار الحيرة و الدهشة .
ô (السَّمَاءِ – الأرض ) : محسن بديعي / طباق بالتضاد يبرهن على قدرة الخالق .
ô (تَزْهَر – تَزْخَر) : محسن بديعي / جناس ناقص يعطي نغمة موسيقية .

النص :

” يَا مَعْشَرَ إيَاد : أيْنَ الآبَاءُ والأجْدَادُ ؟ وأيْنَ الفَرَاعِنَةُ الشِّدَادُ ؟ أَلَمْ يَكُوْنُوا أكْثَرَ مِنْكُم مَالاً و أطولَ آجالاً .. ؟ طَحَنَهُم الدهْرُ بِكَلْكَلهِ ، ومزَّقَهم بتطاوُلِه ” .

اللغويات :

ô مَعْشَرَ : أهل ، جماعة ج مَعَاشِر – إيَاد : قبيلة قس- الشِّدَاد : الأقوياء م الشديد – آجالاً : أعماراً م أجل – طَحَنَهُم : أهلكهم و أماتهم وقضى عليهم – الدهْرُ : الزمان الممتد ج دُهور ، أدهر- بِكَلْكَلهِ : بصدره ج كلاكل – ومزَّقَهم : فرَّقهم × جمّعهم – بتطاوُلِه : بطوله وامتداده .

الشرح :

ثم يتجه بالنصيحة إلى قومه بني إياد قائلاً لهم : تأملوا في حياة السابقين أين هم الآن ؟ أين الآباء الذين عشنا في حماهم ، والأجداد الذين ورثناهم ،
وملوك مصر الأقوياء الذين رهبناهم كانوا أكثر منكم مالاً وأطول أعماراً كل هؤلاء قُضِيَ عليهم ضمَّهُم التراب بعد أن سحقهم الزمان وأهلكهم .

التذوق :

ô (يَا مَعْشَرَ إيَاد) : أسلوب إنشائي / نداء ، غرضه : التنبيه .
ô (أيْنَ الآبَاءُ والأجْدَاد ؟ – وأيْنَ الفَرَاعِنَةُ الشِّدَاد ؟ ) : أسلوبان إنشائيان / استفهام ، غرضهما : شد الانتباه والتشويق لمعرفة الإجابة .
ô (أَلَمْ يَكُوْنُوا أكْثَرَ مِنْكُم مَالاً و أطولَ آجالاً .. ؟) : أسلوب إنشائي / استفهام ، غرضه : التقرير .
ô (طَحَنَهُم الدهْرُ بِكَلْكَلهِ) : س / م ، فقد شبه الدهر في قوته وشدته بجمل ضخم يطحن وشبه الناس بالحبوب التي تطحن ، وهي صورة تبرز مدى ضعف الإنسان أمام قسوة الزمان .
ô (ومزَّقَهم بتطاوُلِه) : أيضاً س / م ، تصور الدهر بممزق ومفرق للجماعات .
ô ولقد أكثر الكاتب هنا أيضاً من السجع في : (إيَاد – الآبَاءُ – الأجْدَاد – الشِّدَاد … مَالاً – آجالاً … بِكَلْكَلهِ – بتطاوُلِه ) .
س : خلت الخُطبة من الصور الخيالية إلا من صورة خيالية واحدة ممتدة . علل ثم اذكر الصورة ، وبين سر جمالها .
جـ: خلت الخُطبة من الصور الخيالية ؛ لأن الكاتب اعتمد على الأدلة المنطقية والمشاهدات المرئية التي لا تحتاج إلى خيال .
– أما الصورة الخيالية فهي : (طَحَنَهُم الدهْرُ بِكَلْكَلهِ) : استعارة مكنية فقد شبه الدهر في قوته وشدته بجمل ضخم يطحن وشبه الناس بالحبوب التي تطحن ، وهي صورة تبرز مدى ضعف الإنسان أمام قسوة الزمان .

التعليق

س1 : ما الخطابة ؟
جـ : الخطابة هي فن مخاطبة الجمهور ، بأسلوب يعتمد على استمالتها
و التأثير على عواطفها بغرض إقناعها .
س2: لماذا ازدهرت الخطابة في العصر الجاهلي ؟
جـ : لأسباب منها : 1 – فصاحة العرب كلهم .
2 – حرية القول . 3 – دواعي الخطابة كالحرب و الصلح والمفاخرات بين العرب .
س3 : يعتمد فن الخطابة على دعامتين . وضحهما ، وبين وسائل الخطيب في تحقيقهما أو اعتمد صاحب الخطبة على الإقناع . فما وسائله لذلك ؟
جـ : بالفعل يعتمد فن الخطابة على دعامتين هما : الاستمالة و الإقناع ، ولكي يحقق الاستمالة عليه أن يثير عواطف المستمعين و يجذب انتباههم عن طريق تنويع الأساليب التي تناسب ميول السامعين ورغباتهم ومستوى تفكيرهم ، كما عليه بجودة الإلقاء و تحسين الصوت .. أما الإقناع فإنه يقوم على مخاطبة العقل عن طريق ضرب الأمثلة ، وتقديم الأدلة والبراهين التي تقنع السامعين .
س4 : أوضحت الخطبة سمات قس بن ساعدة الشخصية . وضح .
جـ : بالفعل فهو صاحب عقل مفكر ، وحكيم وخبير بالحياة والبشر ، فطرته نقية و عقيدته قوية ، لسانه فصيح تطاوعه اللغة في عرض ما يريد .
س5 : للخطبة أجزاء . وضحها في ضوء فهمك للنص .
جـ : بالفعل فللخطبة أجزاء ثلاثة وقد تحققت في النص
1 – المقدمة : وتمثلت في النص في مقدمة قصيرة للغاية هيأَيُّهَا النَّاسُ ، اسْمَعُوا وَعُوا )
2 – الموضوع : وتمثل في الحديث عن الحياة و الموت ، و التأمل في الكون ، والتساؤل عن مصير الناس بعد الموت .
3 – الخاتمة : وتمثلت في ضرورة أن يأخذ الآخرين العظة و العبرة من تاريخ البشر السابقين الذين ضمتهم القبور فيعلم كل إنسان أن الموت هو النهاية الحتمية له فلا يتكبر ولا يغتر بقوته .
س6 : بصَّرت خطبة قس بمصير الناس ، وظواهر الحياة . وضح .
جـ : بالفعل بصَّرت خطبة قس بمصير الناس فهم جميعهم مصيرهم إلى الموت و الفناء ، فمن ترك الدنيا فقد انتهى أمره وزال ، ومن لم يمت اليوم فمصيره – في الغد – الموت و الزوال أيضاً .
– بصَّرت خطبة قس بظواهر الحياة من ليل مظلم يتعاقب مع نهار ، وسماء أظلت الأرض بأبراج متعددة ، ونجوم زاهرة ، وبحار زاخرة كلها تدل وتنطق على أن لهذا الكون خالقاً مبدعاً عظيماً .
س7 : بم تميز أسلوب قس بن ساعدة ؟
جـ : تميز بالأفكار الواضحة ، و العبارة القصير المتوازنة و الألفاظ السهلة ، وقد نوَّع أسلوبه ما بين خبري و إنشائي ؛ لتقرير الحقائق و تأكيدها ولجذب انتباه المستمعين إليه ، وجاءت صوره البيانية قليلة ، ولقد أكثر من الموسيقى اللفظ النابعة من السجع و الجناس .
س8: ما أثر البيئة في النص ؟
جـ : البيئة تتمثل في :
1 – إقامة العرب لأسواق أدبية . 2 – معرفة العرب بعلم الفلك .
3 – إلمامهم بتاريخ الشعوب المجاورة لهم .

أسئلة للمناقشة

س 1 : تخير الإجابة الصحيحة لما يلي مما بين الأقواس :
– “عُوا” فعل أمر ماضيه : (عَوَى – وَعَى – وَعْوَعَ).
– معنى “ليل داج” : (ليل طويل – ليل مظلم – ليل هادئ).
– مقابل “ساج” : (معتدل – مغطي – يذهب ويجيء).
– مفرد “عبر” : (عَبْرَة – عِبْرَة – عبير).
– المراد بـ “المقام” : (المنزلة والقدر – موضع الإقامة – العدل).
– “هناك” إشارة إلى : (قبورهم – بلادهم – قبيلتهم).
س2 : جاءت خطبة قس رنانة مؤثرة . علل .
س3 : ” لَيْلٌ دَاجٍ ، وَنَهَارٌ سَاْجٍ ، وَسَماءٌ ذَاتُ أبْرَاجٍ ، وَنُجُومٌ تَزْهَر ، وَبِحَارٌ تَزْخَر .. ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرا ، وإِنَّ فِي الأرضِ لَعِبَرا . مَا بَاْلُ النَّاسِ يَذْهبُونَ وَلاَ يَرْجِعُون ؟! ‍أرَضُوا بِالمُقَامِ فَأَقَامُوا , أمْ تُرِكُوا هُنَاك فَنَامُوا ؟! ” .
أ) هات ما يلي : – جملة مؤكدة، وبين وسيلة توكيدها. – أسلوبا إنشائيا، وبين نوعه، وغرضه البلاغي. – محسنا بديعيا، وبين نوعه، وأثره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى