لا تتعجل سيدي المعتمد!!.. بقلم صلاح حبيب

السودان اليوم:

زرت سوق أم درمان بالأمس ووقفت على الكارثة التي أحلت على أصحاب المحال التجارية التي تأثرت بالحريق الذي قضى على أكثر من أربعين دكاناً بوسط السوق اليومين الماضيين، ورغم الكارثة ولكن هناك هلع من بقية التجار الكبار والصغار الموعودون بإزالة المواقع التي يمارسون فيها عملهم التجاري، السيد المعتمد “أحمد أبو شنب” ومنذ أصبح معتمدا لمحلية أم درمان ظل في نشاط يومي، فلم يترك موقعا إلا وقد طرقه من أجل الإصحاح والإصلاح، فالحريق الذي ضرب السوق زاد من همته.. ولكن ليس الحريق سببه صغار التجار أو الفريشة ولا الأزقة الضيقة، فسوق أم درمان الذي مضى عليه أكثر من قرن هو نفس السوق ولم يتعرض طوال تلك المدة الطويلة إلى أي حريق ولم يكن هؤلاء سببا في الذي يجري للسوق، فمن الممكن أن يكون هناك نوع من التطوير والتحديث أو صيانة ولكن قطع أرزاق أولئك التجار بهذه الطريقة سيعود خصما وليس إيجابا، الكل مع تنظيم وترتيب السوق، وليس مع هذه الإزالة المتعجلة، فسيدي المعتمد لا تتعجل في اتخاذ القرار أو ردة الفعل للذي حدث لا بد من التأني ووضع الحلول الناجعة بدلا من الفورة الشديدة التي ادت إلى إزالة الكثير من فرندات السوق ومواقع صغار التجار، فالسوق لم يبن في يوم أو في ساعة ولا شهر ولا سنة .. فأعطي لنفسك مساحة من التفكير ولضباطك الإداريين قبل أن يوقفوا أرزاق العباد، واتقوا دعوة المظلوم.. فما حدث من حريق حدث، ولكن حتى يكون هناك سوق بمواصفات عالمية لابد أن تجلس مع المهندسين، وحتى أصحاب المحال التجارية لوضع أسس وضوابط للسوق.. مع توزيع أكشاك لصغار التجار الذين تعتقد أنهم سبب هذه الكارثة، صحيح السوق فيه فوضى الكل لا ينكرها، ولكن معالجتها ليست بهذه الصورة المتعجلة أو القرارات السريعة أو ردة الفعل التي جعلت الكل في حالة خوف من قطع رزقه، الأزقة التي يتواجد فيها التجار لم تنشأ في يوم بل لها عشرات السنين، إن لم تكن مئات، فالكل متعايش مع هذه الحالة، فيمكن معالجة الشوارع الرئيسية أو مداخل السوق.. ولكن تلك الأزقة هي التي يتعامل فيها التجار مع الزبائن، وإذا نظرنا إلى الأسواق الشعبية في كل العالم ابتداءً من سوق (الموسكي بالعتبة) بمصر، فهو لا يقل عن سوق أم درمان من ضيق المساحة بل سوق أم درمان أفضل من الموسكي عشرات المرات من حيث الحركة والمساحة، وقترة الاختناقات فيه تتمثل في أيام المناسبات والأعياد (الفطر والأضحى) أما باقي الأيام فهو اقل مما هو موجود في الأسواق الخارجية.. فانظر إلى سوق (باب شريف) بالمملكة العربية السعودية، من حيث المساحة وزحمة المواطنين أو المتسوقين فهو أكثر زحمة من سوق أم درمان، ونفس الباعة خارج المحال التجارية موجودين، فلم تأتهم الكشة أو البلدية لإزالة الأماكن التي يمارسون فيها نشاطهم التجاري لذا إذا اتخذت السُلطات قرارات فطيرة وغير مدروسة ربما تؤثر سلبا على السوق وعلى المتعاملين فيه، فالفرصة مازالت كافية ليجلس السيد المعتمد مع نفسه أولا ثم مع كبار التجار بالسوق ومع المهندسين للنظر في الوضع الأمثل لهذا السوق العتيق بدلا من هذه الهوجة غير المدروسة، فشاهدت الكثير من التجار الذين طالبتهم المحلية بإزالة الفرندات الملحقة بالدكان أو إزالة (ضلف) الأبواب التي يمارس من خلالها صغار التجار أعمالهم، أن المشكلة مازالت في بدايتها ويمكن التوصل إلى حلول مرضية لكل الأطراف سيد المعتمد فلا تتسرع واستمع إلى الآخرين قبل أن تتخذ قرار انفرادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى