كيف يتم زواج المتعه

الزّواج

الزّواج أيةٌ من آياتِ الله في كونهِ، ومن أعظم النِّعم التي أنعمَ بها على عباده؛ فهو طريق المودّة والسّعادة والاستقرار والرّحمة، فيه أُنْسٌ وراحَةٌ وطمأنِينَةٌ، وقد صَوَّرَ اللهُ ذلكَ بِألطَفِ عِبَارَةٍ وأَدَقِ تَصوير، إذ قال عزَّ وجلَّ: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[١] ولذلك فإنّ الله عزّ وجلّ جعله الطّريق الوحيد للإحصان والتّناسل، ثمّ بعد ذلك حرَّم كُلَّ الوسائِل والأعمال التي تَنتَهِكُ قُدسيَّتَه وتُؤثِّرُ في ديمومته، إذ إنَّ الأصل في عقد الزّواج التَّأبيد، لذلك فقد حذَّر من المَساس بتلك الرّابطة المُقدَّسة بقصد إنهائها، سواء كان ذلك عند إجراء العقد أو خلال الزّواج.

معنى زواج المُتعة

الزّواج هو عقد يتَضَمَّن إِبَاحَة وَطْءٍ بِلَفْظ إنكاح أَو تَزْوِيج أَو بترجمته.[٢]

زواج المتعة هو قول الرّجل للمرأة: أعطيكِ كذا على أن أتمتَّع بك كذا يومٍ أو شهرٍ أو سَنةٍ أو نحو ذلك، سواء قَدَّر المُتعة بمُدَّةٍ معلومةٍ كقول الرّجل للمرأة: أعطيك كذا من المال (أو نحوه) على أن أستمتع بك مُدّة شهر، أو قدَّر المُتعة بمُدَّةٍ مَجهولةٍ، كقوله: أُعطيكِ كذا على أن أتمتَّع بك فترة الحجّ أو ما دمتُ في البلد أو حتى يعود زيد، فإذا انتهت المُدّة المُحدّدة وقعت الفُرقة بغير طلاق.[٣] يكون الاتّفاق بينهما حين العقد على إتمام العقد لفترةٍ معلومةٍ أو غير معلومةٍ، وتكون الغاية المُجرّدة من إجراء العقد هو التمتّع، وليس إيجاد النّسل أو إنشاء الأُسر.

كيفيّة زواج المُتعة

اختلف الفُقهاء في الكيفيّة التي يكون بها زواج المُتعة؛ فمنهم من رأى أنّه يقتصر على لفظ المُتعة فقط، ومنهم من يرى أنّه يكون بلفظ غير المُتعة، وفيما يأتي التّفصيل:

  • ذهب المالكيّة[٤] والشافعية[٥] إلى عدم التّفرقة في بُطلان نكاح المُتعة بين استعمال ألفاظ كلٍّ من المُتعة والزّواج المؤقّت والنّكاح المؤقّت، فإذا قال مثلاً: أتزوّجك ثلاثين يوماً مثلاً فالعقد باطل، ويُسمّونه النّكاح لأجلٍ أو المُؤقّت.
  • أمّا الحنفيّة[٦] فحصروا زواج المُتعة على ما يكون بلفظ المُتعة أو ما يكون فيه مادّة (مُتعة)، كأن يقول للمرأة: أمتعيني نفسك مدّة خمسة أيام، أو يقول لها: أستمتع بك عشرة أيّام، فإن كان اللّفظ غير ما ذُكر، كلفظ التّزويج والنكاح ونحوه، مثل: أتزوّجك مدّة عشرة أيام مُقابلَ مبلغٍ من المال، يكون النّكاح المُؤقّت عندهم، ولا دليل للحنفيّة على قولهم هذا.
  • أما الحنابلة فجعلوا له عدّة كيفيّات، منها:[٧]
    • أن يتزوّج المرأة إلى مُدّةٍ معلومةٍ أو مجهولةٍ؛ كأن يقول: أتزوّجك لمدّة شهر، أو يقول أتزوّجك حتّى أعود من السّفر (وهو لا يعلم متى يعود)، أو أن يشترط طلاق المرأة في عقد الزّواج بوقت؛ كقول الأب أو من يكون ولي للمرأة: زوّجتك ابنتي شهراً أو سنةً إلى انتهاء الموسم، أو أن ينوي الزّوج طلاق المرأة بعد مُدّة، كأن ينوي أن يُطلّق زوجته بعد سنة.

أقوال العلماء في زواج المُتعة

اختلف العلماء في زواج المتعة على قولين:

  • القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة،[٨]والمالكيّة،[٩] والشافعيّة،[١٠] والحنابلة،[١١] إلى حرمة نكاح المُتعة وبطلان عقده، مُستدلّين على قولهم بعدّة أدلّة منها:
    • قول الله عزَّ وجلَّ: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ)،[١٢] ووجه الاستدلال: أنّ مَن يَستمتع بها ليست زوجه وليست ملك يمين، بل هي مرأةٌ أجنبيّةٌ عنه عُقِدَ عليها بقصد التمتّع فقط، وقد نوى طلاقها حين انتهاء الغاية التي تمّ لأجلها العقد.
    • قول النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: (يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا).[١٣]
ووجه الاستدلال واضح من نصّ الحديث؛ حيث إنَّ نكاح المُتعة كان مُباحاً ثم جاء الأمر بتحريمه، فزواج المُتعة كغيره من الأحكام المنسوخة التي كانت مُباحةً، ثم جاء نصٌّ بتحريمها ولوجود النصّ بتحريم نكاح المُتعة ثبت نسخُ إباحته وأصبح مُحرّماً بعد أن كان مُباحاً.
    • ما ورد عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّه نهى عن المُتعة عام خيبر وعن لحوم الحُمُر الإنسيّة،[١٤] والنهي واضح في نصّ الحديث، ويؤخذ منه أنّ زواج المُتعة كان مُباحاً ثم حرَّمه رسول الله عليه الصّلاة والسّلام عام خيبر ولا زال بعدها مُحَرّماً.
    • ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (حرم – أو هدم – المُتعة النكاح والطلاق والعدة والميراث)،[١٥] ووجه الاستدلال أنّ المُتعة ترتفع بغيرطلاق ولا يحدث توارث، فدلَّ على أنّها ليست زواجاً، وأنَّ المرأة ليست زوجةً للرجل، فليس عليها عدّةٌ، وليس لها مهرٌ مُؤجّل، وليس لها ميراثٌ إن مات وهي عنده.
  • القول الثاني: حُكِيَ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّها جائزة، وعليه أكثر أصحابه عطاء وطاووس، وبه قال ابن جريج، وحكى ذلك عن أبي سعيد الخدريّ وجابر رضي الله عنهما،[١١]وبه أخذ الشّيعة وخصوصاً الإماميّة، وقد استدلّ أصحاب هذا الفريق على قولهم بما يأتي:
    • ظاهر قوله عزَّ وجلَّ: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهنّ فريضة)،[١٦] ووجه الاستدلال أنَّ الله عزَّ وجلَّ ذكر لفظ الاستمتاع ولم يذكر لفظ النّكاح، وأنّه أمرٌ بإيتاء الأجرعلى أنّ المُتعة عقد إيجار على مَنفعة البضع.
    • ما ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (كنا نستمتع بالقبضة من التّمر والدّقيق الأيام على عهد رسول الله عليه الصّلاة والسّلام وأبي بكر حتّى نَهى عنه عمر)،[١٧] ووجه الاستدلال أنَّ المتعة كانت موجودةً في عهد رسول الله عليه الصّلاة والسّلام وفي خلافة أبي بكر حتّى نهى عنها عمر في خلافته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى