كيف نحيا بالقرآن؟ ,ندوة الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي

عناصر كيف نحيا بالقرآن؟ (ندوة)
1 – كلام مقدم النـدوة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أما بعــد:
أيها الإخوة: أحييكم في هذه الأمسية المباركة التي نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يجعلها أمسية خير لنا ولكم، وأن نتعلم فيها كيف نحيا على كتاب ربنا استجابةً لأمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الأنفال:24] فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أمرنا بالاستجابة له ولرسوله الكريم، وقبل أن نبدأ موضوعنا فإني رأيت كلاماً نفيساً قيماً لـابن القيم يتعلق بتفسير هذه الآية، وفي بيان أن القرآن مادة حياة للناس.
يقول ابن القيم في تفسير هذه الآية: ‘إن الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ولرسوله، فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له، وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات فالحياة الحقيقية هي حياة من استجاب لله ولرسوله ظاهراً وباطناً، فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا، وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان، ولهذا كان أكمل الناس حياة هو أكملهم استجابة لدعوة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن كل ما دعا إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففيه الحياة، فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة، وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ’.
ثم بين ابن القيم ما ذكره المفسرون في معنى قوله تعالى: لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24] يقول: ‘يعني للحق. ثم قال: وقال قتادة : هو هذا القرآن فيه الحياة والثقة والنجاة والحكمة في الدنيا والآخرة’.
وهذا هو موضوع ندوتنا لهذه الأمسية: كيف نحيا بالقرآن؟
ويحدثنا الشيخ سعيد شعلان في بيان أن القرآن مادة حياة كما قال ابن القيم ، وكما قال قتادة في ذلك.
2 – بيان أن القرآن مادة حياة

يقول الشيخ سعيد :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداًَ عبد الله ورسوله خاتم النبيين وأشرف المرسلين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعــد:
فإني كما يعلم الله تبارك وتعالى لم أكن أحب أن أكون مبتدئاً بالكلام في هذه الندوة، ولا أن أكون مستأثراً بأكثر الكلام فيها، وحاولت مع فضيلة الشيخ سفر -حفظه الله تعالى وجزاه الله خيراً- أن يأخذ نصيباً أوفر من الكلام، لكنه رأى أن هذا التنظيم جيد ومناسب، فأرجو المعذرة للحيلولة بينكم وبين الاستماع إليه فترة طويلة من هذه الندوة، وأسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن ينفعنا وإياكم بما نقول ونسمع، على أي لسان كان هذا الكلام، طالما كان كلاماً مستنداً إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما رآه السلف الصالح في تفسير هذا الكلام وشرحه وبيانه والله المستعان.
القرآن طريق للحيـاة الطيبة

لا شك أننا جميعاً نريد لأنفسنا وللمسلمين -كافة- حياة طيبة في الدنيا والآخرة، ولا شك أن الرائد إلى بيان كيفية هذه الحياة هو كتاب الله عز وجل، وفي كتاب الله عز وجل دلالة على كيفية حصول هذه الحياة، فالله تعالى يقول: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97] والحياة الطيبة المذكورة في هذه الآية هي الحياة في الدنيا، وإلا لو كانت حياة الجنة لكان قوله تعالى -كما قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى-: وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97] من قبيل التكرار، فالدنيا فيها حياة طيبة لمن جعل القرآن رائده وقائده وإمامَه.
وهذه الحياة الطيبة تكون بأن يوفق الله العبد للطاعة، وللعمل بها، وبأن يشرح صدره وقلبه لها، وأن يرزقه العافية والرزق الحلال في هذه الدنيا، كما قال أهل العلم في بيان هذه الحياة الطيبة، وقصدي من ذلك أن أقول: إن القرآن الكريم مشتمل على مادة الحياة الطيبة، وقد بين أن العمل الصالح مع الإيمان يمكن أن يؤدي بالعامل المؤمن إلى ما يريده لنفسه ولأهله وعشيرته وأهل دينه من الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى