كيف تكون قليل الكلام

قلّة الكلام

إن قلّة الكلام ميّزة الإنسان المتعلم، فمن يقرأ ويعرف الكثير عن الحياة، يتعلم دائماً أن ينصت لغيره؛ لأنه بحاجة لأن يزيد من علمه، ويطور من ذاته، كما أنه من المعروف أن كثير الكلام يكون هدفه إثبات نفسه فقط؛ لأن لديه نقص في شيءٍ ما، وبالتالي، في الغالب يكون قليل العلم، وفي الغالب أيضاً لا يكون من كلامه فائدة، فمثل هؤلاء الأشخاص تجد الآخرين يتجنبون مجالستهم، والاستماع إلى أحاديثهم؛ لأنه يزعجهم، ولا يعطيهم فرصة حتى يشاركونه حديثه، فيكون مترأس الحديث، وكأنهم عيّنوه أن يتحدث باسمهم، كما أن الكلام يكشف صاحبه من أول كلمة، وبالتالي، تعرفه الناس فتبتعد عنه أو تقترب منه، لذلك، على الإنسان أن يعي جيداً ما يقول، ومع من يقول، وكيف يقول، وحتى نكون قليلي الكلام فيوجد وسائل تساعدنا على ذلك.

وسائل تساعدعلى قلّة الكلام

القراءة

قلنا بأنّ الذي يتحدّث كثيراً في الغالب يكون لديه نقص ما، لذا، وجب عليه أن يقوم بتعويض هذا النقص، وذلك تجنباً للتعرض لأحاديث لا معنى لها ولا فائدة، والحل لهذا النقص هو القراءة، إن القراءة من صفة القائد والمتعلم، فالقراءة تجعلك على علم بكل ما يدور حولك من أحداث، كما أنها تصقلك بكمّية من المعلومات، حتى لو طلب منك المشاركة في الحديث؛ حيث إن القراءة تعطي الإنسان الخبرة الكافية في كيفية الحديث مع الآخرين، خير من أن تثرثر وأنت لا تثق بما تقول، فالقراءة تبني لديك الثقة؛ لأن لديك مصدراً للمعلومات، الأمر الذي يعطيك الثقة خلال الحديث أمام الآخرين، وأن تتمكن من إيصال المعلومات إلى الآخرين بسهولة أيضاً، كما أن القراءة تفتح أمامك الطريق من أجل التعرف على أخبار الآخرين دون أن تصل إليهم، فلو قرأت رواية تعايش حالة حدثت في إسبانيا، فهذا الأمر سيفتح المجال أمامك من أجل التعرف على الكثير حول إسبانيا، مثل: أسماء، أماكن، وأطباع الناس هناك، فكل هذه الأشياء تجدها في الروايات، وبالتالي، حتى لا تتحدث كثيراً اشغل نفسك في القراءة، فإن كنت في سيّارة أو في مؤسسة أو في مجلس معين، وكل من فيه يتحدّث ويثرثر، قم بتوفير الأمر على نفسك، وافتح الكتاب واقرأ، واسرح في خيالك، واتركهم يتحدثون لوحدهم، فالقراءة تجعلك تتحدث مع الكتاب، الذي هو خير جليس في الزمان.

الاستماع والاستفادة

كن شخصاً ثقيلاً، ولا تبدِ رأيك أو تتحدث إلّا إذا طلب منك أحدهم ذلك، أو وجّه أحدهم إليك دعوة للمشاركة في الحديث، فذلك من صفات الإنسان المتعلم المثقف والواعي، غير ذلك لا تتحدّث، بل ابقَ مستمعاً؛ حتى تستطيع أن تحلل جميع الشخصيات التي تحيط بك، والذين يتحدثون إليك، وأنت من يقوم باكتشاف شخصيتهم، فتعرف كيف تتعامل معه بعد ذلك في كل مرة، فالاستماع له فوائد كثيرة، أوّلها ما ذكرناه، ثانيها أنك تزيد من المعلومات التي لا تعرفها أو تعرفها، فتزيد من خبرتك فيها، فإن قاطعت غيرك أثناء الحديث كي تضيف عليه، فلن تستطيع أخذ بقية المعلومات.

إدارة الحديث

يمكنك أن تكون قليل الكلام ورئيس الجلسة في وقت واحد، فتستطيع أن تدير الجلسة بذكائك، وألّا تتحدث بشيء إلا ما يخص الموضوع القائم في الجلسة، وكلّما وجدت الموضوع قد انحاز عن مساره، فيمكنك حينها أن تتدخل من أجل تعديل المسار، أو في حالة كنت تريد أن توصل الحديث إلى اتجاه معين تجده أفضل، فابدأ بالحديث بكلمة وزنها، أي عندما تتحدث أخرج كلمة تؤثر في الجالسين؛ حتى تنقلهم إلى المسار الذي تريده.

مجالسة المثقفين

احرص على مجالسة المثقّفين والمتعلمين، ولاحظ كيفية طريقة حديثهم مع الآخرين، وأن لكل كلمة ثقلها ووزنها، ولا يتحدّثون مع أي شخص كان، فإن كان الكلام لا يؤثر بمن أمامهم لا يكلفون أنفسهم بالتحدث معه، فهناك من يشارك بالحديث من أجل المجادلة، وليس من أجل الوصول إلى القناعة أو حتى لمجرد المشاركة، تجده دائما يرفض ما تقول له، ويستمر بدحضك والرد عليك وتكذيبك، وبالتالي، سيصل الأمر إلى العراك بينكما، فالأفضل لكَ أن تستغل وقتك في شيء آخر، وتنسحب من الجلسة بهدوء.

مقالات ذات صلة

جاوب على قدر السؤال

كثير من الناس عندما يتعرضون للأسئلة المغلقة يجاوبون عليها بالأجوبة المفتوحة، كأن يسألك أحدهم أبسط سؤال يتردد علينا دائماً: “كيف حالك؟ “، فترد عليه: “حالي سيء جداً، فقد حدث معي البارحة أمر سيء جداً”، وتبدأ بسرد قصتك كلها إليه، مع أنه يمكنك أن تجيبه بكلمة واحد أو كلمتين “كيف حالك ؟” : “الحمدلله”، “بخير”، “سيء للغاية”، وبهذا الشكل أنت الرابح في مثل هذه الأجوبة، فلا تعطي فرصة لغيرك أن يعرف عنك الكثير، وهناك الكثير من الأسئلة تكون مغلقة جداً، أي أن تجيب عليها إما بنعم أو لا، ولكن البعض يحولها إلى مفتوحة، ويبدأ بشرح وتفصيل الموضوع، ومثال ذلك: “هل تعرفين ما اسم ذلك المكان؟”، فيجيب: “نعم، اسمه كذا وكذا، ويقوم بكذا وكذا، ولم يكن هنا، فقد كان مركزه هناك، …”، فكلمة نعم تكفي، لأنك إن بقيت على هذا النظام، سيتجنب الناس سؤالك؛ لأنهم أدركوا أنك كثير الكلام، فتجنب أن تكون كثير الكلام في الإجابة على الأسئلة الموجهة لك من الآخرين.

لا تسأل كثيراً

إن الناس دائماً يكرهون من يسأل كثيراً، إن كنت بحاجة شديدة لمعرفة أمراً ما عن موضوع معين، اتبع كل الوسائل للبحث عن الإجابة، وأولى هذه الوسائل هي استنباطك واستعمال عقلك، وعليك أن تنصت جيداً لمن أمامك، وتصبر عليه إلى أن ينتهي من حديثه، وبعد ذلك اسأل عما تريد بكل احترام، فهناك من الناس من يسأل فقط من أجل السؤال، ليثبت للناس أنه في الجلسة، وليوضح شخصيته أمامهم، لكن يجب علينا أن ننتبه ألّا نكون من هذه النوعية من الناس؛ لأنها لن تفيدك بشيء، فإن أردت أن تكون شخصاً قليل الكلام، عليك أن تستمع للاستفادة من المعلومات، وأن تجلس لأنك تريد المزيد من الخبرة في الجلسة، فلا توجّه أسئلة لغيرك إلا إذا كنت بحاجة للإجابة.

استخدم لغة الجسد تغنيك عن الكلام

لغة الجسد هي أن تستخدم حواسك وحركات في جسمك من أجل التعبير عما تريد، فنظرة العيون يمكن لها أن تعبر عن أشياء كثيرة، فهناك الكثير من الآباء عندما يأنبون أبنائهم يبدأون بالصراخ والثرثرة بكلام غير مفهوم ناتج عن غضبهم، ولا يؤثر في الأبناء، وهناك آباء من نظرة يبكي أبنائه، ومن نظرة يخاف الأبناء، فيتراجعون عن خطأهم، فكم من حركة صغيرة كانت بألف كلمة؟! وكم من نظرة عبرت عن الحب أكثر من كلمة (أحبك) ؟! كما أن استعمال يديك أثناء الشرح، أو الحديث مع الآخرين، تساعدك على إيصال ما تريده من معلومات، دون أن تحتاج إلى وقت آخر لتوضح لهم ما ذكرته.

استخدم مفردات القبول

دائماً عندما تتحدث مع شخص ما لا تقاطع حديثه، واستمر في الاستماع إليه، فهذا يدل على أنك مهتم بكلامه، لكن إن بقيت صامتاً لا تبادله الحديث، فسوف يطالبك بالحديث، وبالتالي، ستضطر للرد عليه بإيجاب كلامهم، وحتى تثبت له أنك مهتم بكلامه دون أن ترد عليهم، اكتفي بقبول ما يتحدثون به بكلمة (نعم)، مع أن تهز رأسك إلى الأسفل، فهذا ما يفعله الصحفيون دائماً عندما يريدون معلومات في مقابلة مع الأشخاص المهمين، فيسألونهم السؤال، وعند إجابتهم لا يقاطعونهم، فقط يأكدون كلامهم واهتمامهم بما يقولون بكلمة (نعم)؛ حتى لا يعتقد المتحدث أنهم غير مهتمين لحديثه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى