كيف أقلع عن التدخين

هناك الكثير من العادات السيئة في حياتنا، أصبحت وبلا أي مقدمات جزءً لا يتجزأ من حياتنا بشكل أو بآخر، وكان السبب في انتشار هذه العادات صعوبة التأقلم على الظروف الصعبة من جهة، والانفتاح على الثقافات المختلفة من جهة أخرى، الأمر الذي أدى إلى تعقد الحياة الاجتماعية عند الكثير من البشر، وبقيت هذه الحالات من الأعداد التي تتكاثر كل يوم، ولا يمكن أن يتم التغاضي عن هذه الظواهر الصعبة، التي كانت الحاجة ملحةً من أجل الوصول إلى الطريقة الأكثر أهمية في معالجة هذه الظواهر التي استحدثت في حياتنا بصفة عامة والتي تركت فراغاً أخلاقياً كبيراً أدت إلى تخلفنا عن المجتمعات الأخرى.

التدخين

يعتبر التدخين من أكثر العادات السيئة التي ظهرت في المجتمعات بصفة عامة، وكان للوطن العربي الحظ الأوفر، فقد وجدت السيجارة المناخ الأمن والحيوي في وطننا العربي وفي صدور أبنائنا، حتى تربعت على رأس عاداتنا الاجتماعية المختلفة، ولو نظرت إلى الشارع الذي تقطن به على سبيل المثال، لوجدت أن أكثر المارة فيه من الرجال الذين يحملون السجائر في أيديهم غير مبالين بأنها من الحرام، أو أنّها مؤذية للجسم، وقد حذرت منظمات الصحة العالمية من ظاهرة التدخين في الكثير من المؤتمرات التي عقدت خصيصا لعلاج هذه الظاهرة، غير أن الأفراد لا يجدون ما يشعرهم بالراحة إلّا بالسيجارة التي أصبحت ملاذهم الآمن، وطريقهم للراحة أكثر من أي وقت آخر، ولعل الحاجة الملحة في وقتنا الحالي إلى العديد من الدروس التي يجب أن يتلقّاها الرجال في مجتمعاتنا، وخاصة فئة الشباب، أولئك الذين يعتبرون أن التدخين عنوان الرجولة، وقد ثبت بالدليل القاطع أن نسبة المدخنين من فئة طلاب المدارس تفوق نسبة المدخنين في سن الأربعين، وهذا أمر طبيعي نتيجة العناد، وعدم الشعور بالراحة ما بين الأبناء والآباء، ممّا يتولّد عن ذلك العديد من الأضرار.

مضار التدخين

يُعرف صحياً أن التدخين يدمر الصحة ويسبب الوفاة، هذا ما يكتب على ظهر كل علبة سجائر، ورغم أنها كتبت بالخط العريض، إلّا أنّنا لا نعي خطورة هذه الجملة الموجودة لدينا، وأصبحنا غير مبالين بحالنا، فالحياة من المفترض ألا نعبث بها؛ لأنّها غالية علينا، وأن الله سيسألنا عنها يوم القيام، وعليه فإن أضرار التدخين كبيرة، ولا تعد ولا تصحى، ولكن إن جئنا إلى أسوأ الأمور والأضرار التي تسببها السيجارة في أجسادنا لوجدنا أنّها المسبب الرئيس لسرطانات الرئة والقولون والثدي عند السيدات، كما أنّها تعمل على تذويب الرئتين، والشعور بالتعب والإرهاق في الكثير من الأوقات، كما أن التدخين يسبب تردي الحالة الصحية، والشعور بضيق التنفس، والتعب النفسي، وغيرها.

كيف أقلع عن التدخين

لكي تستطيع الإقلاع عن التدخين يجب أن تتوافر لديك الامكانيات للقيام بذلك، فلا عجب أنّنا نواجه التدخين بكل الوسائل المتاحة، فرغم برامج التوعية والبرامج الصحية، والآثار الجانبية إلّا أنّ الإنسان مصر بكل طاقته على التنازل عن صحته من أجل أن يشعل سيجارة تنهي حياته، ولو نظرت إلى الرجل المدخن لوجدته يظهر أكبر بعمره بكثير، وذلك أيضاً غير مهمٌ في نظر الكثيرين، ولكي أقلع عن التدخين هناك العديد من الإجراءات التي من الممكن أن يقوم بها المدخن من أجل الإقلاع.

عليك أن تعي بحجم الكارثة التي وقعت بها، فأنت قد وقعت في فخ التدخين الذي لا يرحم، ولكي تستطيع الإقلاع عليك أن تكون قادراً على ذلك واعياً بحجم المجهود الذي يجب أن تبذله لتصل إلى النتيجة المرجوة.

استغنِ عن الجلسات التي كنت تتردد إليها أنت ومجموعة الأصدقاء، وتقوم بالتدخين بها، وحاول ألّا تتردد إليها مطلقاً، واعمل على مكابحة جماح نفسك، حتى تتغلب على التدخين بالشكل الفعال الذي يضمن لك الحياة الجيدة، فلو عدت بالزمن للوراء لعرفت أن أصحاب السوء هم من دفعوك للقيام باتباع العادة السيئة التي تدمر الصحة بالكامل بدون أي تفكير مسبق بالأمر.

إن أردت أن تقلع عن التدخين، فعليك أن تعرف أن الإقلاع عنه يساعدك في استعادة صحتك في الساعات الأولى من التدخين، كما أنّه يساعدك في التقاط أنفاسك بالشكل المحسن الذي لم تشعر به من قبل، فكل دقيقة تمر عليك وأنت مقلع عن التدخين ستعي بالكامل حجم الحياة الكريمة التي من الممكن أن تحيا بها بدون السيجارة اللعينة التي تلفّ حبل الموت حول رقبتك في كل يوم تحيا به.

حاول أن تخرج برفقة العائلة في رحلات صيد طويلة، واترك علبة السجائر في البيت، ولا تجلس في الأماكن القريبة التي تباع فيها السجائر، واعمل على التخفيف من حدة التوتر أو التفكير بالتدخين من وقت لآخر، لأنّ ذلك يمنحك المساحة الواسعة من أجل الإقلاع بنفس مطمئنة، وسيجعلك تدرك أن الحياة أفضل بكثير بدون دخان يعبق من جميع الجهات ويلفك برائحته الكريهة.

توكل على الله قبل كل شيء، وتأكد أنه لو لم يكن هذا التدخين مضراً لما كان محرماً على العباد، فالله سبحانه يبث فينا روح التعامل مع الأشياء بمنطقية بحتة، فالتكفير الجلي في أن التدخين يدمر الصحة يجعلنا نتركه ونتوقف عنه بشكل كبير.

إقلاعك عن التدخين يعني قناعةً مطلقة بأنك أصبحت تعلم أهمية صحتك بالنسبة لشخصك الكريم، فيجب أن تتوقف على الفور، والأهم من ذلك أن يكون هذا الأمر عن اقتناع، وألّا تعود مرة أخرى لهذه العادة السيئة.

إيجابيّات الإقلاع عن التدخين

بعد أن تقلع عن التدخين بيوم واحد فقط، ستشعر أنك إنساناً جديداً كاملاً، ولا ينقصك أي شيء، وستشعر في قرارة نفسك أنك شخصاً قادراً على البذل والعطاء.

ستنظر للدنيا من منظور مختلف، وستشعر أن الحياة بدأت تفتح لك المجالات من جديد، كما أنّ رؤيتك ستتحسن تدريجياً، بالإضافة إلى حاسة الشم وغيرها، كما أن قواك ستبدأ بالعودة إليك كلما طالت مدة الإقلاع، ولا تستهن بالأسبوع الذي ستقضيه بدون تدخين؛ لأنّ ذلك سيساعدك بكل تأكيد لتكون شخصاً مرتاحاً، وناضجاً فكرياً، ومعرفيّاً.

احسب كم المبالغ الطائلة التي قمت بإنفاقها طوال رحلتك مع التدخين، ستلاحظ أنك أنفقت أموالاً كثيرة على التدخين، وفي تركه فرصة كبيرة من أجل تحسين قدرتك على التحكم بأموالك، واستعادة العافية الصحية والبدنية والمالية أيضاً.

تقرب الناس منك، وعدم النفور من رائحة التدخين المنبعثة منك كما في السابق، وسيكون من السهل أن تكون العلاقات الجديدة لأن ذلك سيساعدك بكل تأكيد لتكون مواطناً صالحاً، قادراً على إفادة بلدك، والاستفادة من كافة الأمور التي توفرها، وخاصة أنك لن تنزعج من جملة لا يسمح للمدخن بالدخول، لأنّ في ذلك إهانة كبيرة بحق من يدخن، ولكن لا بأس، فأنت إن أصبحت من غير المدخنين، فهذا يعني أنك ستكون حر نفسك، وستستطيع الذهاب والرجوع في الأماكن التي تفضّلها أنت دون غيرك.

تركك للتدخين في أوقات عمرك المبكرة سيجعل حياتك أسهل بكثير، وسيوفر عليك فرصة للوصول إلى الاستقرار أسرع من أي وقت مضي.

يبقى التدخين آفة العصر التي لا يمكن الاستغناء عنها، على الرغم من معرفة المضار التي تصدر عنها، ومعرفة أبرز الأمراض التي تسببها هذه الآفة، وهي في الغالب الأمراض المستعصية التي لم يجد لها الطب البشري أي علاج فعال، وقادر على التخلّص منها بأي حال من الأحوال، وهذا هو سبب التعنّت الحقيقي في الإنسان الذي يعلم بالحقيقة المطلقة، ويبقى متمسكاً بالأفكار التي قد تؤدّي به إلى التهلكة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى