كلمه شكر في حقك زوجتي 2019

من أسدى إليك معروفاً فحقه الشكر، ومن قدم لك خيراً فحقه الثناء، ومن واصل العطاء استحق الامتنان، تلك سمات معهودة في تعاملات المجتمعات الإنسانية، والشكر شعور يدل على نفس سوية، وفطرة نقية، والله – سبحانه وتعالى – رضيَه لعباده فقال: { وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ } [الزمر/7]، ووصف به الصفوة من خلقه وهم رسله وأنبياؤه فقال عن نوح: { إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا } [الإسراء/3]، وقال في حق الخليل إبراهيم { شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ } [النحل/121]، وكان رسولنا الأعظم – صلى الله عليه وسلم – العلَمَ في ذلك يوم قال مقالته الشهيرة : (أفلا أكون عبداً شكوراً).
أعز الناس.. أولاً
أقول هذا لأن ثمة من يستحق شكراً عظيماً، وثناءً جميلاً، وتقديراً ظاهراً، غير أنه قلما يحظى بذلك على الوجه المطلوب، ونحن إذا لم نتعود تقديم الشكر لمستحقه كان ذلك خللاً يؤثر على أمر أجلَّ وأعظمَ وهو شكرنا لله – سبحانه وتعالى – فقد روى أبو داود والترمذي عن أبي هريرةَ عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (من لا يشكرُ الناسَ لا يشكرُ الله) وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
فمن الذي أريد أن تشكروه وأنتم في الغالب لا تقصرون في شكر الأصدقاء؟.. لكني أريد اليوم أن تشكروا امرأة وليست هي الأم التي حظها من شكرنا وتقديرنا لا يخفى وجوبه وأهميته ، إنها امرأة أخرى كان لها في الأيام الماضية أثر في فترة الاختبارات، توفر الأجواء للأبناء، من طعام وراحة ولباس، ومراقبة لأوقات النوم والاستيقاظ.
إنهن الزوجات يا معاشر الرجال، فمتى وجهنا لهن كلمة الشكر المفعمة بالحيوية على ذلك المعروف المستمر على مدى السنوات والعقود؟!
ألا تستحق؟!
هل ندرك عظمة ما تقدمه المرأة الزوجة لنا ولأبنائنا ولحياتنا؟، هل يحظى هذا الجهد المضني بالتقدير الذي يستحقه؟.. فثيابنا المغسولة، وأطعمتنا اللذيذة، وبيوتنا المرتبة، وأبناؤنا المؤدبون، كل ذلك وأكثرُ منه من صنع أيديهن على مدى الأيام والأعوام!.
وإليكم ما يلفت أنظاركم وقلوبكم وعقولكم إلى حقوق زوجاتكم، وما هو إلا غيض من فيض:
قال الله – عز وجل – { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم/21]، وروى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو عن رسول الهدى – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة)، وهذا من جوامع كلمه وبليغ قوله – صلى الله عليه وسلم – حيث وصف الدنيا في كلمتين (الدنيا متاع) ثم بين المنزلة العظيمة والنعمة الجليلة بالزوجة الصالحة، فهل نظرنا يوماً إلى أزوجانا ونحن نستحضر هذا الحديث فنعلم أنهن أعظم وأغلى قيمة معنوية ومادية من الأموال التي نكدح لجمعها، ومن المناصب التي نتشرف باعتلائها.
كثير منا لو سئل عن المرحلة التي يدرس فيها بعض أبنائه لأخطأ فيها، بخلاف الزوجة الملمة بالتفاصيل الكاملة لأنها الأقرب والأوثق صلة، والأكثر بذلاً في هذا المجال.
استوصوا بالنساء خيراً
ولست أدعي أن النساء ملائكة منزهة عن الخطأ، لكني أنطلق من قول الله تعالى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } [النساء/19] هذا أمر من رب العالمين سبحانه، و(المعروف) هنا ينتظم كل خير وإحسان قولي وعملي وإشاري ولفظي بكل وجه من الوجوه، ثم يعقب – سبحانه وتعالى – { فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ} لأي سبب حقيقي أو متوهم من تقصير أو تفريط { فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}؛ أي لا تكن ممن ينظر إلى السواد ولا يرى النور والضياء، أو يتلمس العثرات ولا يرى الخيرات.
ويزيد هذا المعنى إيضاحاً قولُ المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ) [رواه مسلم عن أبي هريرة] ومعناه: لا تبغض زوجتك المؤمنة لأمر من التقصير أو لخلة من الخلال غير المحمودة، بل انظر إلى ما لديها من كثير الخصال المحمودة فإنها ستكون في الجملة أكثر.
ويقول صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله) [رواه الترمذي وغيره عن عائشة]، فمن لا يكون له خير لأهله فخيره لغير أهله أقل، وهو – صلى الله عليه وسلم – يقدم نفسه قدوةً صالحة للبشرية كلها: (وأنا خيركم لأهلي) ولو أردنا أن نصف خيرته لأهله فلن ينتهي بنا المقام، وقد كان نساؤه ـ رضي الله عنهن ـ يَغَرْنَ ويغضبن ويرفعن الأصوات أحياناً ويخطئن أحياناً لكن خيريته صلى الله عليه وسلم تَسَعُ ذلك كله وتغض الطرف عنه، بل وتقابله بشكر وإحسان وعاطفة متدفقة، تجعل تلك البيوت وارفة بظلال المحبة والطمأنينة والسكينة.
ويقول صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: (استوصوا بالنساء خيراً) [رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة] والسين والتاء للطلب، فمعنى (استوصوا) اطلبوا الوصية بالنساء، وهذا أمرٌ زائد على مجرد الإحسان، فكأن المعنى: كونوا دعاةً للإحسان إلى النساء وإكرامهن، واطلبوا ذلك من الآخرين!.
إننا بحاجة إلى أن نؤدي واجب الشكر لأزواجنا ونحن نفعل ذلك مع الآخرين فلماذا نقصر فيه داخل بيوتنا ؟!.. أسأل الله – سبحانه وتعالى – أن يديم علينا نعمة الألفة والمودة والمحبة، وأن يصلح أزواجنا وذرياتنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى