كلمة عن برنامج فطن 2019,مقدمة و خاتمة عن فطن

أرى أن برنامج (فطن) واحد من أهم البرامج الوطنية التي نحن بأمس الحاجة إليها في هذا الوقت بالذات، وقد دشنه وزير التعليم قبل أيام لوقاية الطلاب والطالبات من الانحرافات السلوكية والفكرية لتنشئة جيل يؤمن بالوسطية والتعايش مع الآخر، محب لوطنه وقيادته خال من العقد والسلوك السيئ والمخدرات، والجميل ان البرنامج تم وضعه بمشاركة فاعلة وتكاملية مع وزارة الداخلية التي تعاني من آثار الفكر المنحرف والغلو وما يسببانه من تهديد لأمن البلد واستقراره، وهذا التعاون مهم للغاية حيث إن وزارة الداخلية تمتلك الكثير من

مشروع فطن لن تظهر نتائجه بين يوم وليلة، لكنه مشروع وطني مستمر سنجني ثماره بعد عشر أو عشرين سنة، وسيمتد أثره إلى بقية الدول العربية والإسلامية، فالمملكة قدوة ومرجع في كثير من العلوم والفتاوى،
الحقائق والمعلومات عن أسباب الفكر المنحرف بحكم تعاملها مع الإرهاب بكافة أشكاله ووسائله، وبما توصلت إليه من خلال التحقيق مع المتورطين في العمل ضد الوطن، ومن خلال لجان المناصحة التي استنتجت الكثير من دوافعه ومسبباته وأفضل السبل للوقاية منه.
تفاؤلي مصدره أمران: الأول اهتمام وزير التعليم بالمشروع شخصيا، وفي العادة يهتم منسوبو الوزارة أو المدرسة بما يهتم به المسؤول الأول، وسرعان ما ينحسر الاهتمام بفتور حماس المسؤول الأول أو غيابه، وأتفاءل ثانياً كون هذا المشروع ينطلق من وزارة التعليم وهي المبرمج لعقول أبنائنا وبناتنا، وأكثر المشروعات الثقافية والتربوية والرياضية والاجتماعيىة التي كتب لها النجاح على مستوى العالم انطلقت من المدارس بشرط أن تُضمّن في المناهج ويحسن اختيار مديري المدارس وإعطاؤهم التدريب المناسب والصلاحيات، ومن المهم تدريب المعلمين والمعلمات، فالصحوة التي كانت قبل خمسين سنة انطلقت من المدارس ثم الجامعات ودخلت بعد ذلك إلى كل بيت، واليوم نحن بحاجة إلى صحوة مختلفة تفرضها تحديات داخلية من جرائم وإرهاب ومخدرات ومشكلات صحية وسلوكية، وتحديات خارجية تخطط لها الصهيونية العالمية وتنفذها دول في المنطقة تحاول أن تزعزع الأمن داخل الوطن وتبث الفرقة بين أبنائه مستخدمة كل الوسائل المتاحة ومنها بث الفرقة والعداوة بين المذاهب للترويج لمخططاتها البعيدة المدى.
الدول العربية الكبيرة تعرضت لتحديات كثيرة من الداخل بسبب الانقلابات العسكرية والفساد وتغييب الحريات والتخبط في السياسات الاقتصادية، وتعرضت لمؤامرات من الخارج لزعزعة الدولة وإدخالها في صراعات مذهبية وطائفية، وما العراق وسورية وليبيا والسودان واليمن إلا أمثلة حية على ذلك. إسرائيل لن يهدأ لها بال وهي ترى دولة عربية كبيرة تجاورها مثل المملكة باقتصادها القوي ومساحتها الشاسعة ومكانتها الروحية وعدد سكانها الذي سيصل بعد ثلاثين عاماً إلى قرابة الخمسين مليون نسمة، ولهذا فالتهديد قائم وسيتخذ أشكالا وطرقاً مختلفة.
هذه التحديات الداخلية والخارجية تحتم علينا أن نعمل على بناء الأسس الصحيحة لجيل محصن يستطيع أن يقف أمام كل التحديات، ومن هذه الأسس تنفيذ برنامج «فطن» بكل تفاصيله، وكم من مشروعات جميلة أجهضت أو أهملت أو طبقت بشكل خاطئ ذلك أن المعلم لم يهيأ لها ولم تكن ضمن السياسة العليا للتعليم، ولضمان نجاح البرنامج أقترح على وزارة التعليم أن تقوم بالخطوات التالية:
أولاً- من أهم عوامل نجاح المشروع تفاعل المعلمين ومديري المدارس معه ووضوح أهدافه والنتائج المرجوة منه، وعقد دورات في الداخل والخارج للرفع من مستوى مديري المدارس ومعلميها مع التركيز على تعزيز الوسطية والفكر الناقد والتحليل المنطقي وتنمية المهارات الذاتية، والعامل الآخر هو وضعه ضمن المناهج ليمارسه الطلبة عملياً داخل الفصول لتعزيز المواطنة ومحاربة كل ما يدعو إلى الطائفية، وتنقيح المقررات من كل ما قد يستخدم للمنهج الخفي الذي يوحي للطلبة بالكره والتكفير للآخر المختلف مستعينين بما لدى وزارة الداخلية من أبحاث وخبرات يمكن أن تفيد في هذا المجال..
التعليم المتميز الذي يخاطب العقل هو الطريق إلى بناء وطن يسع الجميع ويزرع القيم ويرتقي بالخدمات ويدخل المملكة إلى العالم الأول.
ثانياً- يجب أن يكون «فطن» مشروعا ثقافيا وطنيا تقوده وزارة التعليم بجميع مراحلها ومنها الجامعات التي يجب أن تشارك في أبحاث علمية وأنشطة ثقافية لتعزيز الأمن والتنمية، وتشارك في مشروع فطن بقية الوزارات ومن أهمها وزارة الثقافة والإعلام ووزارة الشؤون الإسلامية التي عليها أن تعزز الوسطية والانتماء للوطن، والعمل على تنقيح التراث من كل ما علق به من عصور الانحطاط والذي تستخدمه المنظمات الإرهابية كأدلة على ما يقومون به من أعمال بربرية وإجرامية لا تمتان إلى الإسلام وسماحته بصلة، كما يجب إشراك الجمعيات التي تتولى حلقات تحفيظ القرآن الكريم.
كما أن على رعاية الشباب سرعة تسليم الأندية الرياضية الحالية للقطاع الخاص حتى تتفرغ لرعاية الشباب وشغل أوقاتهم بما يفيد ومحاربة العادات الضارة كالتدخين والمخدرات وداء السمنة، إضافة إلى إشراك بقية الوزارات والأندية الثقافية والأدبية في هذا المشروع الوطني الكبير.
ثالثاً- مشروع فطن لن تظهر نتائجه بين يوم وليلة، لكنه مشروع وطني مستمر سنجني ثماره بعد عشر أو عشرين سنة، وسيمتد أثره إلى بقية الدول العربية والإسلامية، فالمملكة قدوة ومرجع في كثير من العلوم والفتاوى، كما يمكن التعاون مع الدول العربية والإسلامية التي اكتوت بنار الإرهاب في تبادل المعلومات وخصوصاً مع المراجع الدينية كالأزهر الذي يعمل الآن على مشروع يبرز وسطية الإسلام وسماحته.
من يرَ الحالة التي وصل إليها العالم العربي والإسلامي يعرف المخاطر الكبيرة التي يتعرض لها الوطن، ويعرف أن الحل الأمني لا يكفي وحده مهما بذل فيه من مال وجهد، فالأهم هو تصحيح الفكر وهذه المسؤولية تقع على جميع الوزارات التي لها علاقة بالثقافة والشباب، مع التركيز على التعليم الذي يفتح العقول ويستحثها على التفكير والتحليل والشك والتمحيص حتى لا يكون أبناؤنا صيداً سهلاً للمؤدلجين والغلاة وتجار المخدرات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى