قُرُوشِي.. شِي.. شِي.. بقلم عبد اللطيف البوني

السودان اليوم:

(1)
الكاش بقلِّل النقاش, طَبعاً الكلام دا في السودان فقط، أمّا في بقية أنحاء العالم اللهم إلا الذين في مثل رِقّة حالنا لم يعد الكاش هو أداة التّعامل المَالي، فالبشرية وَصَلَت مَرحلة الدفع الإلكتروني أو مَا يُسمّى بـ (e mony)، وبين الكاش والدفع الإلكتروني نجد التعامل المصرفي أي بالشيكات وهذه معروفة لدينا ولكن تعاملنا معها ليس كبيراً، بدليل أنّ الكُتلة النّقديّة في مُعظمها خارج البنوك وقد وصلنا مرحلة (شوالات القروش) وذاك تاجر العُملة الذي (شَحنَ دفّار قُرُوش)، أمّا خزن الحديد فقد ازدهر سُوقها مُؤخّراً وفلان الذي بَنَى غُرفة مُسَلّحة للقُرُوش في حوشه (الناس مَاشّة على الدفع الإلكتروني ونحن مَاشِين على خِزَن الحَديد).. الله لا كسّبكم ولا غزّ فيكم بركة يا ناس فلان وفلان..!

(2)
جَاء في الأخبار أنّ الحكومة وهي بصدد حَل مُشكلة السيولة سوف تفرض التعامل بالشيك المصرفي في حالة بعض المُبايعات كالأراضي والعربات.. الشيك العادي والشيك المصرفي معروفٌ لدينا وليس مثل نظام الدفع الإلكتروني فهذا الأخير (غريب ديار وغريب أهل)، أمّا الشيك فيُقال لك (دا شيك على بنك) أي مضمون طَبعاً قبل ظُهور جماعة يبقى لحين السداد التي ملأت دنيانا، وكنا نقول للقروش شيكا كما غنّى النعام آدم رحمه الله (يا سلام يا الشيك أب جمل ويا البراك ما تمّ الأمل).
فالتعامل بالشيك يُعتبر تَطوراً بالنسبة لنا، ولكن (هناك فرقٌ) بين التطور الطبيعي نحو الشيك وبين اللجوء للشيك (كسر رقبة) كما سيحدث الآن هذه واحدة.. أمّا الثانية فالتعامل إلكترونياً أيضاً تَطوُّرٌ أكبر ومُتجاوزٌ للشيك، فالحكومة قالت إنّها سَوف تلجأ إليه وتجعله إلزاميّاً في المُعاملات التي تخصها وبرضو (كسر رقبة)!!
عليه تبقى المُشكلة كيف نحول التطور عن طريق (كسر الرقبة) إلى تَطورٍ سَلسٍ ومَعقولٍ ومُفيدٍ، بعبارة أخرى كيف نجعل من النقمة نعمة؟ فيمكن للمزايا أن تأتي في طي البلايا أي كما نقول رُب ضارةٍ نافعةٍ.. هنا يأتي دور السِّياسة الراشدة الحكيمة وهي غير سياسة (الضربو رماه) الله لا كسّبكم ولا غَزّ فيكم بركة يا ناس الأخيرة..!

(3)
أظن أنّنا مُتّفقُون أنّ التّعامل بالكاش أمرٌ مُتخلِّفٌ جداً جداً، وأنّ التعامل بالشيك مَرحلة مُتوسِّطة التقانة، أمّا التعامل إلكترونياً فهي مرحلة مُتقدِّمة التقانة وكَمَا هُو مَعروفٌ تقنياً أنه يُمكن الصعود إلى المرحلة الإلكترونية دُون المُرور بمرحلة الشيك، والآن الحكومة في سِياستها الجَديدة تُريد أن (تطير جوز) وذلك بإلزام المُجتمع أي السُّوق أن يتعامل بالشيكات.. أمّا فيما يليها فهي سَوف تتعامل إلكترونياً وهذا يعني أنّ الحرب على الكَاش سَوف تكون من جهتين (ودا كلو أكان يجب … تام زين) – النقط ما فيهاش حاجة اللهم إلا إذا كُنتم تريدون أن تنسبوا لساكت قول – هذا يعني يا جماعة الخير بأنّنا سَوف نهجر الكاش طوعاً أو كرهاً وفي الحالتين خَلُّونا نقول على بركة الله واللهم اجعله خيراً.

(4)
هذه النقلة المنشودة، نقلة كبيرة مُحتاجة لبنياتٍ أساسيةٍ، ومُحتاجة لمعرفةٍ تقنيةٍ خاصةً المرحلة الإلكترونية.. أها يا جماعة الخير البنيات الأساسية المطلوبة هي البنوك وشبكات الاتصالات، فشبكات الاتصالات توفّرت عندنا وإن أخذت تُعاني من البطء في الآونة الأخيرة، ولكن في ظَني مَقدورٌ عليها.. فشركات الاتصالات وهي في مُعظمها إن لم نقل كلها قطاعٌ خاصٌ والقطاع بعرف مصالحه كويس.. لكن تبقى مُشكلتنا في البنوك لا سيما وأنّ التقانتين الشيك المصرفي والدفع الإلكتروني لا بُد من أن تمرا عبر البنوك، بعبارة ثالثة البنوك بنية أساسية للطفرة القادمة فهل هي جاهزة.. واللاّ نقول الله لا كَسّبها ولا غزّ فيها بركة، لأنّها هي التي زهدت الناس فيها.. فخليكم معنا إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى