قصيدة رائعة

يالها من قصيدة رائعة جدا حيث نقل فيها ابن الرومي
مدى مشاعر الحزن والألم التي قد عاش فيها من بعد موت ابنه الأوسط
الذي كان حبة عينيه وأفضل أبناءه ،
وهذه بعض من أبياتها :

بكاؤكُما يشْفي وإن كان لا يُجْدي فـجُودا فـقد أوْدَى نَظيركُمُا عندي

بُـنَيَّ الـذي أهْـدَتْهُ كَفَّايَ للثَّرَى فَـيَا عِـزَّةَ المُهْدَى ويا حَسْرة المُهدِي
ألا قـاتَـل الـلَّهُ الـمنايا ورَمْـيَها مـن القَوْمِ حَبَّات القُلوب على عَمْدِ
تَـوَخَّى حِـمَامُ الموتِ أوْسَطَ صبْيَتي فـلله كـيفَ اخْـتار وَاسطَةَ العِقْدِ
عـلى حـينََ شمْتُ الخيْرَ من لَمَحَاتِهِ وآنَـسْتُ مـن أفْـعاله آيةَ الرُّشدِ
طَـوَاهُ الـرَّدَى عنِّي فأضحَى مَزَارُهُ بـعيداً عـلى قُـرْب قريباً على بُعْدِ
لـقَد قـلَّ بـين المهْد واللَّحْد لُبْثُهُ فلم ينْسَ عهْدَ المهْد إذ ضُمَّ في اللَّحْدِ
تَـنَغَّصَ قَـبْلَ الـرِّيِّ مـاءُ حَـياتِهِ وفُـجِّـعَ مـنْه بـالعُذُوبة والـبَرْدِ
ألَـحَّ عـليه الـنَّزْفُ حـتَّى أحالَهُ إلـى صُفْرَة الجاديِّ عن حُمْرَةِ الوَرْدِ
وظـلَّ عـلى الأيْدي تَساقط نَفْسُه ويذوِي كما يذوي القَضِيبُ من الرَّنْدِ
فَـيَالكِ مـن نَـفْس تَسَاقَط أنْفُساً تـساقط درٍّ مـن نِـظَام بـلا عقدِ
عـجبتُ لـقلبي كـيف لم ينفَطِرْ لهُ ولـوْ أنَّـهُ أقْسى من الحجر الصَّلدِ
بـودِّي أنـي كـنتُ قُـدِّمْتُ قبْلَهُ وأن الـمنايا دُونَـهُ صَمَدَتْ صَمْدِي
ولـكنَّ ربِّـي شـاءَ غـيرَ مشيئتي ولـلرَّبِّ إمْـضَاءُ الـمشيئةِ لا العَبْدِ
ومــا سـرنـي أن بـعْتُهُ بـثَوابِه ولـو أنـه الـتَّخْليدُ في جنَّةِ الخُلْدِ
وَلا بِـعْتُهُ طَـوْعاً ولـكنْ غُـصِبْته وليس على ظُلْمِ الحوادِث من مُعْدِي
وإنِّـي وإن مُـتِّعْتُ بـابْنيَّ بَـعْده لَـذاكرُه مـا حـنَّتِ النِّيبُ في نَجْدِ
وأولادُنــا مـثْلُ الـجَوارح أيُّـها فـقدْناه كـان الـفاجِعَ البَيِّنَ الفقدِ
لـكلٍّ مـكانٌ لا يَـسُدُّ اخْـتلالَهُ مـكانُ أخـيه فـي جَزُوعٍ ولا جَلدِ
هَـلِ العَيْنُ بَعْدَ السَّمْع تكْفِي مكانهُ أم السَّمْعُ بَعْد العيْنِ يَهْدِي كما تَهْدي
لَـعَمْرِي لـقد حالَتْ بيَ الحالُ بَعْدَهُ فَيَا لَيتَ شِعْرِي كيف حالَتْ به بَعْدِي
ثَـكِلتُ سُـرُوري كُـلَّه إذْ ثَـكلتُهُ وأصبحتُ في لذَّاتِ عيْشي أَخَا زُهْدِ
أرَيْـحَانَةَ الـعَيْنَينِ والأَنْـفِ والحَشا ألا لَيْتَ شعري هَلْ تغيَّرْتَ عن عهدي
سـأسْقِيكَ مـاءَ العيْن ما أسْعَدَتْ به وإن كانت السُّقْيَا من الدَّمْعِ لا تُجْدِي
أعَـيْنَيَّ جُـودا لي فقد جُدْتُ للثَّرى بـأنْفِس مـمَّا تُـسأَلانِ مـن الرِّفْدِ
أعَـيْـنيَّ إن لا تُـسْعِداني أَلُـمْكُمَا وإن تُـسْعداني اليوم تَسْتَوْجبا حَمْدي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى