قصة أبو ذر الغفاري

من أراد أن يتعرّف إلى سير الزهّاد و الصالحين فليقرأ و يتمعن في سيرة الصحابي الجليل و الزاهد الأكبر بين صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم أبو ذر الغفاري رضي الله عنه . روى مالك بن دينار أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ” أيكم يلقاني على الحال التي أفارقه عليها ؟ ” فقال أبو ذر : أنا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ” صدقت ” ثم قال : ” ما أظلت الخضراء و لا أقبلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، من سره أن ينظر إلى زهد عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر ” . هكذا كان أبو ذر رضي الله عنه في عين رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و له العديد من المناقب و الفضائل في الزهد و الورع ، فكان عابداً تقياً روى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أن توفى .

و قد روى عنه الحديث كل من عمر بن الخطاب ، و أنس بن مالك ، و ابن عباس ، و سعيد بن المسيب ، و أبو الأسود الدؤلي ، و عطاء بن يسار ، و غيرهما العديد من رواة الحديث و الصالحين .

و قد قال عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه : ” أوصاني خليلي بسبع : أمرني بحب المساكين و الدنو منهم ، و أمرني أن أنظر إلى من هو دوني و لا أنظر إلى من هو فوقي ، و أمرني أن لا أسأل أحداً شيئاً ، و أمرني أن أصل الرحم و إن أدبرت ، و أمرني أن أقول الحق و إن كان مراً ، و أمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم ، و أمرني أن أكثر من لا حول و لا قوة إلا بالله فإنهن من كنز تحت العرش ” .

و مما روي عنه أيضاً ما قاله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن حادثته في غزوة تبوك ، حيث تأخر أبو ذر عن الجيش ، وكان أبا ذر قد ترك بعيره ليلحق برسول الله و أخذ متاعه على ظهره و خرج ماشياً ، و نظر ناظر من المسلمين فقال : إن هذا الرجل يمشي على الطريق ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” كن أبا ذر ” فلما تأملت القوم قالوا : يا رسول الله ، هو والله أبو ذر ، فقال : ” يرحم الله أبا ذر ، يعيش وحده ، و يموت وحده ، و يحشر وحده ” . و قد قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : ” لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر ، و لا نفسي ” ، ثم ضرب بيده على صدره .

و من فضله أيضاً رضي الله عنه قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” إنه لم يكن نبي قبلي إلا و قد أعطي سبعة رفقاء نجباء وزراء ، و إني أعطيت أربعة عشر : حمزة ، و جعفر ، و علي ، و حسن ، و حسين ، و أبو بكر ، و عمر ، و المقداد ، و عبد الله بن مسعود ، و أبو ذر ، و حذيفة ، و سلمان ، و عمار ، و بلال ” . صدق رسول الله و رضي عنهم أجمعين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى