قانون الانتخابات… سيناريوهات ما بعد “الإجازة”

السودان اليوم:

خمسة أشهر و”15″ يوماً قضاها مشروع قانون الانتخابات “قبل إجازته” داخل “أروقة” المجلس الوطني، عقدت خلالها ثلاثة ورش و”24″ اجتماعاً للجنة التشريع والعدل، واللجنة الوفاقية بين حزب المؤتمر الوطني والقوى السياسية الموقعة على وثيقة الحوار الـ”34″ حزباً بعد تقديمها “19” مقترحاً بتعديلات على القانون، لكن طوال الأشهر الخمسة وبضعة أيام والاجتماعات الأربعة والعشرين لم يصل المجتمعون لتوافق مما أدى لانسحاب مجموعة الـ”34″ وكتلة التغيير من جلسة الإجازة “الأربعاء”، لكن بعد الانسحاب لم يوضح المنسحبون خطوتهم المقبلة في التعامل مع الوطني داخل البرلمان وخارجه، وما إن كان الانسحاب إعلاناً لعدم المشاركة في انتخابات العام 2020 كذلك؟

1

المنسحبون… من هم؟

قبل الخوض في تفاصيل الخطوة المقبلة للأحزاب والنواب المستقلين الذين انسحبوا من جلسة إجازة قانون الانتخابات “الأربعاء”، نذكر أن الأحزاب والنواب المستقلين المنسحبين من الجلسة أبرزهم أحزاب المؤتمر الشعبي، حركة الإصلاح الآن، الإخوان المسلمون، منبر المجتمع الدارفوري، السودان أنا، وحزب اتحاد قوى الأمة، حزب الحقيقة الفيدرالي، وحزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل” وكتلة التغيير التي تضم نحو “37” عضواً بقيادة البرلماني أبو القاسم برطم والتي تضم حوالي “30” حزباً من أحزاب الحوار الوطني، ونواب الحركات المسلحة الموقعة على وثيقة الحوار، فضلاً عن بعض نواب الدوائر الجغرافية القومية المنتخبين عبر الانتخابات الماضية في العام 2015م.

اختلفت الأرقام بين القوى السياسية المنسحبة وحزب المؤتمر الوطني، في عدد النواب المنسحبين من الجلسة، حيث يقول رئيس كتلة حزب المؤتمر الوطني بالبرلمان عبد الرحمن محمد علي سعيد إن النواب المنسحبين لا يتعدون الـ”50″ عضواً لجهة أن الحاضرين المشاركين في الإجازة عددهم “430” عضواً من “480” جملة نواب البرلمان.

ويشير إلى أن المؤتمر الشعبي لديه أربعة نواب والأصلاح الآن عضوين، وعضو واحد لـ”السودان أنا، حزب الأمة” وتغاضى سعيد عن ذكر بقية الأحزاب، بينما تقول القوى السياسية المنسحبة من الجلسة إن عددهم بلغ “75” عضواً، وفقاً لحديث رئيس كتلة التغيير أبو القاسم برطم لـ”الصيحة”، وأشار إلى أن الأحزاب المنسحبة من جلسة إجازة القانون يتعدى الـ”60″ حزباً.

2

الانسحاب… دواعٍ ومبررات

الأحزاب المنسحبة من الجلسة “الأربعاء” عزت انسحابها إلى أن رئيس البرلمان تعهد في أيام مضت بعدم عرض القانون للإجازة حال عدم التوافق بين المؤتمر الوطني والأحزاب حول النقاط الخلافية، لذلك فإنها معترضة على مبدأ عرض القانون قبل التوافق عليه، وهو ما يمثل السبب الرئيسي للانسحاب والاختلاف، لكننا هنا نذكر أبرز النقاط الخلافية بين المؤتمر الوطني والأحزاب، رفض المؤتمر الوطني منذ بداية عرض قانون الانتخابات بالبرلمان تتمثل في أن الوطني اقترح انتخاب الولاة عبر المجالس التشريعية الولائية، بينما ترى المعارضة أن يتم انتخابهم انتخاباً مباشراً، وهو ما وافق عليه المؤتمر الوطني لاحقاً بأن يكون انتخاب الولاة مباشراً، إضافة لرفض الوطني تصويت المغتربين في القوائم النسبية القومية “كما تطلب المعارضة”، ويقترح الوطني تصويتهم لمنصب رئيس الجمهورية فقط، لكنه عاد ووافق على تصويت المغتربين في القوائم النسبية القومية.

ويعتبر السجل الانتخابي محل الخلاف الأكبر فيما تطالب المعارضة باعتماد بيانات الجهاز القومي للإحصاء يتمسك المؤتمر الوطني باعتماده بيانات السجل المدني “الرقم الوطني” كوثيقة للتصويت في الانتخابات”، وهو ما حسم برفض الوطني طلب المعارضة، وتطالب المعارضة بعدم إنشاء مراكز اقتراع خاصة بالعسكريين وأن يصوتوا في المراكز العامة كغيرهم من المواطنين.

وفي جلسة “الأربعاء” الماضي، ورغم موافقة الوطني على عدد من النقاط الخلافية التي أبدتها القوى السياسية، إلا أن نقطة واحدة بقانون الانتخابات كانت كفيلة بإعلان عضو البرلمان عن حركة الإصلاح الآن حسن رزق انسحابه من الجلسة لعدم التوافق حول النقاط الخلافية من خلال “نقطة نظام”، وبعده خرجت مجموعة الـ”34” حزباً وكتلة التغيير من الجلسة، وهي إصرار حزب المؤتمر الوطني على أن تكون مدة الاقتراع ثلاثة أيام خلافاً لمطلب المعارضة بأن يكون الاقتراع في يوم واحد أو يومين.

3

المرحلة المقبلة… سيناريوهات متوقعة

يبدو أن المشهد السياسي بالبلاد خلال الأيام المقبلة سيشهد تطوراً كبيراً على كافة الأصعدة خارج “ردهات” البرلمان بين القوى السياسية المنسحبة التي تشمل “34” حزباً وبين حزب المؤتمر الوطني، لا سيما في التحضير لانتخابات العام 2020م، لكن ربما المشهد داخل البرلمان سيكون مختلفاً من خارجه خاصة بعد إعلان مجموعة الـ”34″ حزباً عزمها تكوين تحالف داخل البرلمان لتنسيق المواقف في المجلس الوطني خلال الفترة المقبلة لجهة أن الأيام المقبلة ستشهد مناقشة قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2018 في البرلمان، وهو ما يتطلب موقفاً حاسماً حول الحريات الصحفية، وهو ما أكده عضو البرلمان عن حركة الإصلاح الآن حسن رزق في حديثه لـ”الصيحة”، معلناً تشكيل لجنة تنسيق مجموعة الـ”34″ حزباً وكتلة التغيير بالبرلمان لتكون المواقف مشتركة خلال المرحلة المقبلة فيما يتم الاتفاق عليه، وقال إن الخطوة المقبلة ستتخذ بواسطة كل القوى السياسية مجتمعة، وليس قراراً احادياً لحزب أو عضو من خلال عقد اجتماع لتحديد “ثم ماذا بعد الانسحاب”، وأشار إلى أن حركة الإصلاح الآن لم تجتمع بعد لتحديد موقفها خلال الفترة المقبلة، لكنه أكد أن الموقف سيكون جماعياً، معلناً مواصلة أسلوب الضغط على حزب المؤتمر الوطني لا سيما في البرلمان.

4

الشراكة.. سيناريو الخروج حاضراً

عضو البرلمان عن حزب المؤتمر الشعبي، كمال عمر قال إن المرحلة المقبلة الخيارات فيها مفتوحة دون أن يحدد، لكنه أشار إلى أن الخيارت يمكن أن تصل درجة الانسحاب من المجلس الوطني، إلا أن كمال اتهم حزب المؤتمر الوطني بأنه أصاب توصيات الحوار في مقتل بسبب قانون الانتخابات واعتبره تصرفاً مشيناً وضد مخرجات الحوار. وأضاف: “حتى القوى السياسية تعتبر التصرف خيانة لمخرجات الحوار”، وقال إن إجازة القانون أضعفت الشراكة الضعيفة بين الشعبي والوطني في الحكومة وبالرغم عدم وجودها لكنه اغتالها وحول حكومة الوفاق لحكومة بلا قيمة لأنه أجاز القانون بلا توافق.

وتوقعاً لكيفية أن تسير الأمور داخل البرلمان خلال الأيام المقبلة بعد جدل إجازة قانون الانتخابات، قال رئيس كتلة التغيير بالبرلمان أبو القاسم برطم لـ”الصيحة”، إن المرحلة القادمة ستكون قاسية على حزب المؤتمر الوطني والأحزاب “التابعة له”، لأنها تابعة وليست متحالفة “حسب برطم”، وأشار إلى أن المرحلة القادمة ستشهد ميلاد تحالفات لصالح المواطن يهز عرش المتخاذلين.

5

الانتخابات.. الوقت مبكّر على المقاطعة

لا يختلف اثنان في توقعهما حول عدم مشاركة القوى السياسية والنواب المستقلين في انتخابات العام 2020 حال انعقادها لجهة أنهم لم يشاركوا في إجازة القانون المنظم للعملية الانتخابية، وانسحبوا من جلسة إجازته بالبرلمان، ما يعني عدم الاعتراف به، وبالتالي كيف لحزب أن يشارك في انتخابات هو في الأساس غير معترف بقانونها، لكن يبدو أن للقوى السياسية المقاطعة رأياً آخر، ويقول البرلماني عن الإصلاح الآن حسن رزق، إنه لا يوجد حتى الآن قرار بمقاطعة الانتخابات، قاطعاً بعدم وجود صلة بين الانسحاب من جلسة إجازة القانون ومقاطعة الانتخابات، لأن المقاطعة أمر يحسم في حينه.

بينما يقول كمال عمر إن الخيارات مفتوحة أمام حزب المؤتمر الشعبي، وربما تصل للانسحاب من البرلمان كإجراء آني، لذلك فإن كل الخيارات مفتوحة للشعبي، وهو الآن يقرأ الساحة السياسية وتصرّف “الوطني” ليقرر ما هو مناسب.

وحول إمكانية مشاركة القوى السياسية المقاطعة لجلسة إجازة قانون الانتخابات، ترك حسن رزق الباب موارباً حول إمكانية المشاركة في الانتخابات، وقال: “لا يوجد ما يمنع، لكننا حتى الآن ننظر أي خطوات يمكن أن نتبعها غير مقاطعة الانتخابات”، واشار إلى أن مقاطعة القانون تعود لأسباب لكن في ذات الوقت ولخدمة قضية الوطن يمكن أن تشارك في الانتخابات التي ينظمها ذات القانون، وأضاف: “قد لا يكون هنالك سبب لمقاطعة الانتخابات، لكننا نحاول إصلاح القانون لأن فيه عيوبًاً كثيرة رغم إجازته”. بينما قال البرلماني عن المؤتمر الشعبي كمال عمر بأن القانون أصبح قانوناً للمؤتمر الوطني، و”لعبة” له في الانتخابات، لذلك لا أعتقد أن يكون هنالك حزب محترم يدخل الانتخابات بعد هذا الأمر، لذلك فإن الإجراء المناسب في الوقت الراهن تشكيل حكومة انتقالية لأن حكومة الوفاق الوطني غير مناسبة لإدارة البلاد.

بينما يقول رئيس كتلة التغيير أبو القاسم برطم أن قضية مقاطعة الانتخابات المقبلة أمر خاضع للنقاش ولم يبت فيه بعد، وقال إن المقاطعة أو المشاركة حسمهما وفقًا لمعطيات عديدة “لم يحددها”، معلناً تشكيل تحالف قوي وعريض للمرحلة المقبلة في إطار الصراع السلمي على السلطة.

وقال ممثل الإخوان المسلمين بالمجلس الوطني حسن عبد الحميد لـ”الصيحة”، إنه بعد إجازة قانون الانتخابات اجتمعت مجموعة الأحزاب الـ 34 وقررت تنسيق مواقفها في المرحلة القادمة، وأشار إلى أن التنسيق يشمل كل القضايا داخل البرلمان وخارجه كالتنسيق في الموقف حول مشروعات القوانين القادمة التي ستناقش بالبرلمان، وحول الموقف من الانتخابات نفسها، وقال إن كل الخيارات مفتوحة ومطروحة أمام هذا التجمع، وإن قيادة التجمع ستحدد بصورة تفصيلية الموقف تحديداً من مسألة الانتخابات في الأيام القادمة”.

6

الانسحاب.. دستورية وقانونية الخطوة

وحول إمكانية عدم أحقية مشاركة القوى السياسية والنواب المستقلين في المشاركة كمرشحين في انتخابات العام 2020 لجهة أنهم انسحبوا من جلسة مناقشة القانون وبالتالي يعتبر عدم اعتراف به، قال المحامي عبد الجليل عجبين لـ”الصيحة”، إن عدم المشاركة في إجازة القانون لا تسقط حق المشاركة في الانتخابات لأن المشاركة حق دستوري لكل شخص وفقاً لشروط محددة، وقانون الانتخابات قانون سياسي يسري على الجميع، وأضاف: “من الممكن أن يعارض أحد القانون لكن بإمكانه أن يشارك في الانتخابات التي ينظمها ذات القانون”، وأشار إلى أن الانسحاب من جلسة مناقشة القانون والمشاركة في الانتخابات أمران لا علاقة بينهما والمواقف فيهما يمكن أن تكون متعارضة بين القبول بهذا والموافقة على ذلك.

7

المشهد السياسي .. لا تأثيرات تُذكر

وتحليلاً للوضع السياسي بالبلاد بعد انسحاب القوى السياسية والنواب المستقلين من جلسة إجازة قانون الانتخابات الأمر الذي تسبب في قتل فكرة التوافق السياسي حول القانون الذي سعت الأحزاب والمؤتمر الوطني في الوصول إليه، وإمكانية أن يصل الأمر للانسحاب من البرلمان أو إعلان مقاطعة الانتخابات في العام 2020م، قال المحلل السياسي د. صلاح الدومة في حديثه لـ”الصيحة”، إنه لا يتوقع تصعيداً من القوى السياسية يصل إلى درجة الانسحاب من البرلمان أو من الجهاز التنفيذي، مبرراً توقعه بأن الأحزاب المنسحبة غير مؤثرة، لجهة أنها لا تملك وزناً جماهيرياً أو سنداً عسكرياً، لذلك فإن حزب المؤتمر الوطني سيستمر في فرض شروطه على الجميع، وأضاف: ” الكل يقول إن نظام الإنقاذ إلى زوال، لكنهم غير مستعدين لدفع الثمن”، وقال الدومة إن مجموعة الـ”34″ حزباً جميعهم لا يساوون نائباً برلمانياً واحداً لجهة أنهم صنيعة حزب المؤتمر الوطني، ولم يأت غالبيتهم بانتخابات قوية وشفافة، وقطع صلاح الدومة بأن انسحاب القوى السياسية والنواب المستقلين لن يكون مؤثراً بصورة تذكر على الساحة السياسية في مقبل الأيام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى