قانون الانتخابات… إجازة( تُنهي جدل “التوافق” السياسي)

السودان اليوم:

هدوء تام ساد “ردهات” المجلس الوطني صباح أمس “الأربعاء” خلافاً للجلسة الساخنة التي ينتظرها كثيرون لعرض قانون الانتخابات بعد أن سادت الخلافات بين “الأحزاب والوطني” حول القانون، وسيطرت على المشهد السياسي لا سيما بالبرلمان بتهديد قوى سياسية وكتلة برلمانية مقاطعة جلسة إجازة القانون حال عرضه دون التوافق عليه، ما أدى لتأجيل الجلسة ثلاث مرات.

بالأمس تأخرت الجلسة عن موعدها حوالي ساعتين وبدأت عند الثانية عشرة إلا الربع، لكن قبل البدء في تلاوة التقرير الخاص بالقانون أعلنت قوى سياسية مقاطعة الجلسة وانسحبت من القاعة الرئيسية، رغم الانسحاب أجيز القانون بعد استمرار الجلسة ست ساعات متتالية.

1

المنسحبون… نقطة نظام تسبق الانسحاب

قبل مدة تعهّد رئيس البرلمان بروفسور إبراهيم أحمد عمر بعدم إجازة مشروع قانون الانتخابات لسنة 2018 بالبرلمان دون التوافق عليه بين القوى السياسية وحزب المؤتمر الوطني، الأمر الذي لم يحدث، ما دفع القوى السياسية للتهديد بمقاطعة جلسة الإجازة، بالأمس وبالرغم من عدم التوافق الكامل حول القانون عرض لإجازته في جلسة خصصت له وحده، وقبل البدء في تلاوة التعديلات على القانون طلب عضو البرلمان عن حركة الإصلاح الآن حسن رزق “نقطة نظام” قال فيها :”كدنا أن نصل لتوافق حول القانون ووصلنا لنسبة كبيرة، ومن المؤسف أن يكون الخلاف حول جمل صياغية تنسف التوافق، ونسبة لعدم وجود توافق، لذلك نعلن انسحابنا من الجلسة “، ورد رئيس البرلمان بأن ما أثاره البرلماني ليست نقطة نظام آذناً ببدء تلاوة التقرير.

لكن رزق انتهى من حديثه وخرج من الجلسة، ودون حديث انسحب نواب أحزاب: “المؤتمر الشعبي، حركة الإصلاح الآن، الإخوان المسلمون، منبر المجتمع الدارفوري، السودان أنا، وحزب اتحاد قوى الأمة، حزب الحقيقة الفدرالي، وحزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل” وكتلة التغيير التي تشمل نحو “37” عضواً بقيادة البرلماني أبو القاسم برطم وآخرين.

بعد خروج مجموعة الـ”33″ حزباً الموقعة على وثيقة الحوار الوطني وكتلة التغيير، قدم الطرفان تصريحات صحفية عاجلاً في المنصة المخصصة للتصريحات بالبرلمان أثناء انعاد الجلسة، برر رئيس كتلة التغيير أبو القاسم برطم الانسحاب لعدم وجود توافق حول القانون حتى يعرض للإجازة، فضلاً عن تمسك حزب المؤتمر الوطني بأن تكون مدة التصويت ثلاثة أيام رافضاً كل المقترحات التي قدمت حول هذا الأمر، إضافة لرفضه أن تكون للمستقلين تحالفات سياسية في الانتخابات.

كما تحدث حسن عثمان رزق عن (الإصلاح الآن) ذاكرًا تفاصيل كثيرة حول نقاط الخلاف بين القوى السياسية وحزب المؤتمر الوطني التي لم يوافق عليها لعل أبرزها أيام الاقتراع.

2

قبة البرلمان… تفاصيل تعديلات أُجريت

في الخارج ينشغل النواب المنسحبون من جلسة إجازة قانون الانتخابات بالتصريحات الصحافية لتبرير موقفهم وأسبابه، بينما داخل “قبة” البرلمان يواصل رئيس لجنة التشريع والعدل عثمان آدم نمر تلاوة العرض الثالث من قانون الانتخابات الخاص بالتعديلات التي أجريت على المشروع. وهنا نشير إلى أبرز التعديلات التي أجريت، وتتمثل في انتخاب الولاة انتخاباً مباشراً عبر الجماهير بعد أن كان عبر المجالس التشريعية الولائية، ومنع القانون النواب المستقلين من تشكيل تحالفات سياسية مع الأحزاب رغم مطالبة القوى السياسية بذلك، واعتمد السجل المدني أساساً للسجل الانتخابي وسط مطالبات بأن تُعتمد بيانات الإحصاء، ونص القانون أيضاً على أن تكون مدة الاقتراع ثلاثة أيام، وهو البند الذي دفع القوى السياسية للانسحاب من الجلسة.

فيما نص القانون على زيادة أعضاء البرلمان من الدوائر الجغرافية إلى “380” عضواً بدلاً من “300” عضو المقترحة في مشروع القانون، إضافة لنواب القوائم الحزبية والنسبية، وأكد القانون على أن يتم انتخاب الولاة انتخاباً مباشراً بواسطة الناخبين بدلاً من تعيينهم بواسطة رئيس الجمهورية قبل تعديل القانون، وحدد القانون أعضاء المجالس التشريعية لولايتي الخرطوم والجزيرة بـ”84″ عضواً، بينما “48” لبقية المجالس التشريعية للولايات.

رغم موافقة حزب المؤتمر الوطني على الانتخاب المباشر للولاة، لكن القانون منح المجالس التشريعية حق سحب الثقة من الوالي رغم انتخابه بواسطة المواطنين مما اعتبرته رئيس تيار الإصلاح بالحزب الاتحادي الديمقراطي إشراقة سيد محمود عقب انسحابها من الجلسة، أن حزب المؤتمر الوطني مارس ذكاءً وخبثاً في التعامل مع الأحزاب في قضية انتخاب الوالي انتخاباً مباشراً لجهة أنه منح المجالس التشريعية حق سحب الثقة عن الوالي بواسطة المجلس التشريعي مما يعد التفافاً على موافقته بترشيح الوالي مباشرة من المواطنين.

وفي مداخلة له في الجلسة تبرأ الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي وزير الداخلية أحمد بلال من إشراقة محمود، بعد أن علم بانسحابها من الجلسة قائلاً: “العضو الانسحب لا علاقة له بالاتحادي”.

ونص القانون على أن تتكون المفوضية من رئيس وثمانية أعضاء يتم اختيارهم وتعيينهم بواسطة رئيس الجمهورية بعد التشاور والتوافق مع القوى السياسية ويتم اعتمادهم من البرلمان، على أن تكون مدة المفوضية ست سنوات بدلاً خمس بحجة منح المفوضية الوقت الكافي لقيام الانتخابات وإكمال عمليات التسليم والتسلم بعد انتهاء فترتها، وجوّز القانون لرئيس الجمهورية عزل رئيس المفوضية أو نائبه أو أحد أعضائها بناء على شكوى من خمسة أحزاب وبقرار من المحكمة الدستورية.

3

السيناريو الأسوأ… الغرق في “شبر موية”

بعد أن فرغ رئيس لجنة التشريع والعدل، عثمان نمر من تلاوة التعديلات على قانون الانتخابات في مرحلة العرض الثالث، تباينت آراء النواب حول انسحاب زملائهم من الجلسة، وعبر البرلماني الهادي حامد بيتو عن أسفه للانسحاب، وقال إن سبب الخروج لا يعد مبرراً كافياً، وطالب رئيس البرلمان بعودتهم، بينما بدأ رئيس حزب منبر السلام العادل ورئيس لجنة الإعلام والاتصالات بالبرلمان الباشمهندس الطيب مصطفى حديثه ببيت شعر قائلاً: “لعمري ما ضاقت بلاد بأهلها لكن أخلاق الرجال تضيق”، في اشارة منه إلى أن الانسحاب من الجلسة والاختلاف حول القانون سببه ضيق الأخلاق الذي تسبّب في اشتعال حروب بالبلاد لدخول الشيطان بين الناس، داعياً لضرورة تجاوز الخلافات محذراً من الغرق في “شبر موية”.

واقترح عضو البرلمان، رئيس حزب التحرير والعدالة القومي، وزير العمل بحر إدريس أبو قردة خلال حديثه في الجلسة، منح القوى السياسية والنواب المستقلين المنسحبين من الجلسة فرصة أخرى والجلوس معهم بغية التوافق حول القانون، وقال إن الانسحاب يفهم بأن هنالك اختلافاً حول القانون بالرغم من أنه لا يوجد خلاف حوله.

4

“الوطني”… انسحاب رغم الاتفاق

رئيس كتلة حزب المؤتمر الوطني بالبرلمان عبد الرحمن محمد علي سعيد، قال إن حزبه توافق مع القوى السياسية حول كل النقاط الخلافية في قانون الانتخابات، وتعليقاً على انسحاب بعض القوى السياسية من الجلسة قال “اتفقنا على جميع النقاط الخلافية، والناس الانسحبوا ديل إلا يكونوا عايزين ينسحبوا من الانتخابات”. بينما تخوفت عضو البرلمان عن حزب المؤتمر الوطني سامية أحمد محمد من أن يكون الانسحاب محاولة من المنسحبين لعرقلة العملية الانتخابية والتداول السلمي للسلطة، لذلك يجب أن نستمع لهم حتى لا نظلمهم، وحذرت من أن يكون الانسحاب بداية لتجمعات تريد أن تعطل الانتخابات، وأضافت: “لابد من الحذر لهذا الأمر منذ اليوم”.

بينما أشار رئيس كتلة الوطني في تصريحات صحافية عقب انتهاء الجلسة وإجازة القانون، إلى أن النواب المنسحبين عددهم “51” عضواً فقط، بينهم “4” من حزب المؤتمر الشعبي، وعضوين من حركة الإصلاح الآن وعضو واحد لأحزاب “السودان أنا”، الأمة برئاسة مبارك الفاضل”، إضافة للنواب المستقلين الذين ظل بعضهم داخل الجلسة “وفقاً لحديث عبد الرحمن”، وقال إن النواب الحاضرين إجازة القانون بلغوا “430” عضواً من “480” جملة نواب البرلمان.

تعليقاً على انسحاب نواب من جلسة مناقشة قانون الانتخابات، دعا عضو البرلمان الأمين العام للحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن أحزاب الحوار إلى ضرورة الجلوس مع القوى السياسية والنواب المستقلين المنسحبين من الجلسة بغية ممارسة الجودية لإقناعهم للعودة والمشاركة في إجازة القانون. وأضاف: “لدينا في السودان الجودية بتستمر حتى حبل المشنقة”، وقال إن القوى السياسية التي انسحبت احتجاجًا على بعض النقاط في القانون يريدون أن يملوا على البرلمان رأيهم بالرغم من كونهم أقلية لا يتعدون “7%” من أعضاء البرلمان.

5

الانسحاب.. جدل (صحة) الخطوة

واعتبر البرلماني عبد الإله محمود، رئيس الحزب الاتحادي الاشتراكي السوداني، انسحاب النواب من الجلسة بغير المبرر ويدل على أنهم غير مستعدين لخوض الانتخابات، وتوقع نائب رئيس تحالف قوى 2020 مبارك دربين خلال الجلسة، أن يكون للأحزاب المنسحبة مشكلة في الانتخابات وليس في القانون، وأشار إلى أن التحالف اتفق على أنه حال وافق حزب المؤتمر الوطني على الانتخاب المباشر للولاة وتصويت المغتربين في القوائم النسبية القومية، سنوافق نحن في التحالف على أن يكون الاقتراع في ثلاثة أيام وتابع: “لذلك أنا لم أنسحب من الجلسة”.

وطالب نائب رئيس الجمهورية السابق عضو البرلمان حسبو محمد عبد الرحمن النواب المنسحبين بضرورة احترام المجلس الوطني وتابع: “كان على المنسحبين احترام البرلمان الذي أتى بهم، وكان عليهم أيضاً الحديث داخل الجلسة لتوضيح مبرراتهم والنقاط المختل حولها”، وأشار إلى أنهم لا زالوا يرغبون في التوافق حول القانون، واضاف: “لكن القانون منذ ستة أشهر بالبرلمان وهذه فترة كافية لإجازة القانون”.

6

كشف حساب… هؤلاء هم المنسحبون

رغم انسحاب “51” عضواً من أحزاب “المؤتمر الشعبي” الإصلاح الآن، الإخوان المسلمون، السودان أنا وحزب الأمة والحركة الشعبية الديمقراطية والمنبر الديمقراطي لشرق السودان، والعدالة القومي، اتحاد قوى الأمة” ونواب مستقلين وكتلة التغيير التي تضم “37” حزباً وتيار الإصلاح بالحزب الاتحادي، إلا أن عددا من الكتل غير حزب المؤتمر الوطني حددت موقفها داخل الجلسة، أعلن رئيس كتلة الاتحادي الديمقراطي الأصل علي محمد الأحيمر موافقة حزبه على القانون بصورته التي عرض بها في الجلسة، وأشار إلى أن “الأصل” ومن أجل مصلحة البلاد وافق على القانون مطالباً بضرورة الترفع عن الصغائر، كما أن البرلماني عبد الجليل حاكم أعلن موافقة كتلة أحزاب المستقبل على القانون، وقال البرلماني أحمد علي أبوبكر رئيس كتلة الاتحادي الديمقراطي، إن حزبه توافق على القانون، إضافة لكتلة أحزاب “الأمة، التحرير والعدالة القومي، ومؤتمر البجا”.

بعد ساعات من انسحاب النواب من الجلسة ومواصلة التداول حول قانون الانتخابات، قالت البرلمانية عن حزب الحقيقة الفيدرالي انتصار حسن محمد مخاطبة رئيس البرلمان: “أنت قررت قرار صائباً وهو إجازة القانون بالتوافق والآن لا يوجد توافق، لذلك نحن في الحزب نعلن انسحابنا من الجلسة”، وخرجت دون أن يرد عليها رئيس البرلمان بروفسير إبراهيم أحمد عمر.

7

القانون.. إجازة رغم العواصف

بعد انقسام القوى السياسية داخل البرلمان بين منسحب من جلسة مناقشة قانون الانتخابات وموافق على إجازة القانون، طرح رئيس البرلمان القانون للإجازة بصورة نهائية بعد أن تمت إجازته في مرحلة العرض الثالث “التعديلات” ودون رفض لأي مادة من جميع النواب داخل الجلسة أجيز القانون، بالرغم من انسحاب عدد من الأحزاب والنواب المستقلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى