(عملية) الحسين!.. بقلم احمد دندش

السودان اليوم:

ثقافة جديدة أطلت برأسها داخل مجتمع الشباب، وهي ثقافة الزواج من امرأة كبيرة في السن، تجاوزاً لعدد من المحطات التى يرى أولئك الشباب أنه لا داعي للمرور بها، وأبرزها محطة (العطالة)، ولعل ذلك ساهم بشكل أو بآخر في رواج سوق تلكم (المسنات) الثريات اللائي كسبن ود ومشاعر شباب ربما كانوا في (دور أولادهم).
وللـ(الحسين ود عشة) حكاية مع إحدى أولئك (المسنات المغندلات)، حيث جمعته الصدفة لأن يلتقي بواحدة منهن أمام إحدى الكوافيرات التي اعتاد (حسين) حمل المشواير منها، بحسب طبيعة عمله كسائق ركشة (متودك) يعرف تماماً أين تقبع المشاوير (الشبعانة).. وفي ذلك اليوم أوصل (الحسين) إحدى النساء لذلك الكوافير، والتي طلبت منه أن ينتظرها حتى تجلب لها (رموشاً صناعية)!
جلس (الحسين) ينتظر المرأة.. ورفع قدميه -التي ماتت تحتهما تلك (السفنجة)- على المقود الأمامي، وظل يدندن بلحن هابط قبل أن يشعر بأن هناك من يراقبه بشدة، ليلتفت بسرعة ويشاهد بجانبه تلك السيارة التي لم يشاهدها إلا في إعلانات الفضائيات والتي يناديها البعض بـ(الهمر).
منظر السيارة لم يكن مدهشاً للحسين بقدر ما أدهشته تلك المرأة التي تنازعت حول وجهها خيوط الزمن، والتفت حول بعضها محيلة إياه إلى خريطة أشبه بخرائط الجغرافيا التي كان يشرحها لنا المعلمون في ماضي الزمن الجميل، أما عيناها فقد اختبأتا خلف كوم من الشحم الذي تكدس طوال سبعين عاماً.. (ربما كانت هي سنوات عمرها الحقيقية)!
المهم.. ما إن لمح (الحسين) تلك المرأة حتى أشاح بوجهه إلى الجانب الآخر بسرعة، وهو (يبسمل ويحوقل) في سرعة، ولكن لدهشته الكبيرة، قامت تلك المرأة (العجوزة) بالضغط على (البوري) بشدة، ليلتفت لها (الحسين) مذعوراً، قبل أن تناديه بإشارة من إصبعها الصغير!
لم يدرِ (الحسين) لماذا هبط من ركشته (الموقرة) واتجه نحو تلك المرأة كالمسحور، قبل أن يتوقف أمامها مباشرة، لتفتح هي زجاج سيارتها وتمنحه ابتسامة غريبة، قبل ان تقول له بهدوء: (داير تعرس.. وتطلع من الفقر الإنتا فيهو دا؟…. أركب)!
سؤال ها هنا يطرح نفسه: ماذا كنت ستفعل عزيزي القارئ لو كنت مكان (الحسين)؟ ماذا ستفعل لو كنت تقود ركشه منذ السادسة صباحاً وحتى الواحدة صباح اليوم التالي لتوفر بضع مصاريف لناس البيت؟ وماذا ستقرر في تلك اللحظة وأنت تعلم أن كل تلك المصاريف مهددة بالضياع لو أوقعك حظك العاثر أمام (حملة مرورية)؟… ربما سيجيب البعض في هذه اللحظة بـ(طوالي بركب)… وهذا بالضبط ما فعله (الحسين)!
شربكة أخيرة:
الظريف في الموضوع هو أن تلك المرأة التي حملها (الحسين) للمشوار، خرجت من الصالون ولم تجده، بينما كانت (الركشة) خالية تماماً، وهذا ما دفعها لأن تطلق إشاعة أن (الحسين) قد اختطفه (شيطان).. وهذا ما صدَّقه كل الناس بعد عودة (الحسين) بعد أشهرٍ للحيّ وهو يقود سيارة (همر)!!… (وبيني وبينكم الناس ديل معاهم حق.. البسوق همر الأيامات دي يا جابا ليهو شيطان.. يا إما عمل عملية (الحسين))!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى