عقبة بن نافع باني مدينة القيروان

مدينة القيروان

مدينة القيروان هي أوّل مدينة إسلاميّة تمّ تشييدها في بلاد المغرب العربيّ منذ ما يقارب الثلاثة عشر قرناً، وعُرفت هذه المدينة بكونها قاعدة عسكريّة خرجت منها الجيوش الإسلاميّة، كما أنّ معظم الخلفاء كانوا قد اتخذوها عاصمة لحكمهم في الفترة ما بين العام 800-910م، وتتميز هذه المدينة بطابعها الإسلاميّ الذي يُذكّر بعظمة الإسلام وجلاله، ويقصد هذه المدينة بشكل سنوي الكثير من الزوار في أوقات الأعياد والمناسبات الدينيّة المهمّة بغرض زيارة هذه البقاع المقدّسة والتمكّن من الصلاة في مسجدها الجامع الذي يعتبر من أعظم المعالم الإسلاميّة في البلاد الإفريقية بكاملها.

عقبة بن نافع باني مدينة القيروان

أُشير في مصادر اللغة العربيّة إلى أنّ اسم القيروان يقصد به “موضع اجتماع الناس والجيوش” أو “محط أثقال الجيش” وفي بعض المصادر التاريخيّة أُشير أن القيروان يقصد به الجيش ذاته، وعلى الرغم من اختلاف هذه المعاني عن بعضها إلا أنها متقاربة إلى حدٍّ ما.

كان البدء ببناء هذه المدينة في العام 670 م على يد الصحابي الجليل عقبة بن نافع، ومن أهم الأسباب التي دفعت هذا الصحابي الجليل إلى بناء هذه المدينة رغبته بإيجاد قاعدة متينة ليتمكّن من نشر الإسلام منها إلى جميع البلاد الإفريقيّة وخاصة بلاد المغرب العربيّ، وبعد أن حدد الموقع المناسب لهذه المدينة أو "القاعدة" بدأ بإصلاح الأرض وتحويلها من وادٍ كثير الأشجار والقصب، وإليه يأوي العديد من السباع والوحوش المفترسة إلى مدينة مميّزة تحمل جميع مظاهر الحضارة والتطوّر، وهنالك رواية مثيرة للاهتمام تدور حول تأسيس مدينة القيروان، وقد ذُكِرت هذه الرواية في كتاب "معالم الإيمان" للدبّاغ، وتشير هذه الرواية إلى أنّ الخليفة عقبة كان قد جمع أهل القيروان في موقعها وكان في معسكر من خمسة وعشرين صحابياً، وبعد أن اجتمعوا سوياً دعوا الله بقولهم: (اللهم املأها علماً وفقهاً، وعمّرها بالمطيعين لك والعابدين واجعلها عزاً لدينك وذلاً لمن كفر بك، وأعزّ بها الإسلام، وأمّنها من جبابرة الأرض، اللهم حببها لساكنها وآتها رزقها رغداً من كل مكان، اللهم لا تطفئ لها ناراً، ولا تهتك لها حريماً).

كان للصحابي الجليل عقبة رؤية خاصة حول هذه المدينة ودورها المهم، وقد روى عنه العديد من علماء التاريخ أنه حين غزا البلاد الإفريقيّة في زمن الخليفة معاوية بن أبي سفيان في العام خمسين من الهجرة أنه قال لأصحابه: (إن أفريقيا إذا دخلها أمير تحزم أهلها بالإسلام، فإذا خرج منها رجعوا إلى الكفر، وإني أرى أن أتخذ بها مدينة نجعلها معسكراً وقيرواناً، تكون عزاً للإسلام في آخر الدهر).

ومنذ ذلك الوقت والقيروان عرفت عهد الترف والعز وقد أصبحت هذه المدينة مركزاً للعلم وللثقافة، كما أن سكانها كانوا من هواة التعلّم ولا يترددون في السفر للمدينة المنورة وبعض مدن العراق كبغداد، والبصرة، والكوفة بغرض التعلّم والمعرفة في جميع أنواع العلوم التي عرفها الإنسان في ذلك الوقت سواء في الفقه أم في العلوم الوضعيّة، وبرز من هذه المدينة العديد من العلماء والحكماء والمتعلّمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى