عبد الكريم: إلى وزير المالية

ما قبل الخبر
إلى وزير المالية..!
“أيِّ سياسة تحمل عوامل نجاحها متى ما يسّرت على الناس وأسعدتهم، وتحمل عوامل فشلها وإخفاقها متى ما عسّرت عليهم وأتعبتهم”.
مازال الناس يعيشون في تَعبٍ ورَهقٍ في سبيل الحُصُول على أموالهم من البنوك ولا أعتقد أنّ ما يُضخ في الصرافات قدّم حلاً مُريحاً، بل أنّ هناك فئةً من الناس تَضاعفت مُعاناتها وهي التي لا تملك كُروتاً أصلاً.. كثير من البنوك تَشهد مُشادات بين المُوظّفين والمُواطنين.. المُوظّفون يقولون، إنّ الأموال في الصّرافات ولا يتوفّر لنا منها إلا القليل، والمُواطنون يحملون شيكاتهم وأوراقهم حيارى ليس أمامهم إلا التّذمُّر والسّخط!
الصرافات صُمِّمت أصلاً لتُساعد في الحصول على الأموال بطريقةٍ سَهلةٍ يسيرة سريعة ولكنها لا تَعني أبداً أن تَمتنع البنوك عن صرف الشيكات أو أيّ استحقاقات أو حتى تحد منها.. وحتى الذين يحملون كروت الصرافات يُعانون.. فمن غير المَعقول أن يقف النّاس صُفُوفاً في الشوارع تحت حرارة الشمس ينتظرون إما تحصّلوا أو عادوا خاليي الوفاض.. التزاحم داخل البنوك أرحم من ذلك.
لا ننكر أنّ المَجهودات مُتواصلة لإيجاد الحُلُول، ولكن الأمر يتطلّب مُراجعات دائمة تَسهل على النّاس الحُصُول على أموالهم.
وزير المالية وبنك السودان ورثا وَضعاً صَعباً، فقد اتّخذ سابقوهم قرارات سريعة لم تبد فيها مُراعاة أو اهتمام بظُرُوف الناس، فجرت النحس للبلاد والشقاء للعباد.
صَحيحٌ أنّ التعامل الإلكتروني مع المَال أمرٌ مَطلوبٌ، ومُواكبٌ للعصر ولكن إذا لم تتم التهيئة له بالشكل المَطلوب وأخذه بالتدرج الكامل المُناسب المَعقول يفقد الكثير من قيمته وتتوارى العديد من ميزاته.. أيِّ قرار أو فعل يحمل معه عوامل النجاح متى ما راعى الظروف المُحيطة واستعداد وقُدرة الناس على التّعامل معه، أمّا إذا اُتّخذ قرارٌ دُون ذلك وسَبّبَ مُعاناة ورهقاً للناس فماذا يفرق إذاً عن القرارات العشوائية؟
لا نقصد مِمّا سبق تخذيل القرارات أو عرقلة المُحاولات، فالجميع يعلم أنّ هناك مُشكلة، وهُناك مَجهودات للحل، وهناك حاجة لترشيد سَحب النقود، ولكن ماذا لو قدّر مبلغٌ مُعيّنٌ للسحب (خلال الشهر) ولنقل عشرة آلاف جنيه لو سُحبت لا يجوز للفرد سَحب أيِّ مبلغ آخر خلال ذات الشهر، وهو مبلغٌ لا يستطيعه إلا قليلٌ من الجَمهور.. ومن يستطيع ويُريد أكثر من ذلك عليه بالتّعامل الإلكتروني.. وهكذا شيئاً فشيئاً يتحوّل الناس إلى التعامل الإلكتروني بسلاسة ودون مُعاناة!
لا بُدّ أن تركّز المُحاولات أولاً على ما يخفّف عن الناس ويرفع عنهم العَنت والمَشَقّة والسّخط، وييسِّر عليهم ويسعدهم، فهم كما قلنا عماد نجاح أيِّ سياسة.
علي عبد الكريم – نائب رئيس تحرير صحيفة السوداني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى