طريق المنقة واشياء اخرى.. بقلم د ناهد قرناص

السودان اليوم:

طريق الحرير هو طريق تأريخي يمتد حوالي 5000 كلم عبر ثلاث دول هي الصين وكازاخستان واوزبكستان الى اوربا ..كان يستخدم لنقل البضائع الصينية واهمها الحرير ومنها اشتق اسمه …بقى هذا الطريق من القرن الثاني حتى القرن السادس عشر حين تم استبداله بالطريق البحري.. وقد وضع جزء من هذا الطريق على لائحة التراث العالمي عام 2014.
الحملة التي انتابت الأسافير بعد قرار فك حظر استيراد الفواكه والخضروات المصرية …جعلتني افكر ثم اعيد التفكير مرارا ..في اشياء كثيرة ..ابتداءا من علاقتنا بمصر تحت شعار (لا بدورك ولا بحمل بلاك ) ..وليس انتهاءا بالتساؤل الذي رفعته العديد من الاقلام الصحفية المرموقة .. ألا وهو: (لماذا نستورد خضروات وفواكه ونحن نملك الأرض والنيل والايدي العاملة ؟ ماذا ينقصنا لكي نزرع ما نأكل ؟!!) ..لكن (مانشيتا) في احدى الصحف السيارة رفع ضغطي ..وجعلني انادي باعلى صوتي (الحبوب ياااا ولد ) ..
يقول المانشيت: (اتفاق بتصدير الماشية الى دولة قطر ) ..طبعا المانشيت مكتوب بصيغة البشارة يا جماعة ..وانا (أعيط ) واردد :
(الماشية ما تصدروها حية ) ..
(ما تصدروا الماشية حية )
(الحية ما تصدروها ماشية )!!
لا يوجد بلد على ظهر البسيطة يسلم ثروته حية الى بلاد أخرى الا نحن (أمة الأمجاد).. والمسالخ الحديثة لا تكلف كثيراً.. وحتى إن كلفت.. فهي سترفد الدولة بالعملة الصعبة وستوفر فرص عمل لآلاف الأيدي العاملة التي ستعمل في مصانع اللحوم والجلود ومشتقاتها من أحذية وحقائب .. والصوف وفوائده.. فالحيوان عندما تصدره حياً.. تكون قد منحت الدولة المستوردة هدية مجانية مع اللحم.. هي: الجلد.. والصوف.. حتى (الكوارع) تصدرها البرازيل بكل فخر.. ونحن لا نزال في ضلالنا القديم..
نرجع الى طريق الحرير.. الذي يمر عبر الدول واستمر لقرون.. فقط لينقل البضائع.. هل فكرنا لحظة لعمل طريق لثمار المانجو حتى مصر؟ بدلاً من لعن البرتقال المصري ؟ ثمار المانجو تتعفن على الأرض وهي ناضجة لأن الطرق من ولايات النيل الأزرق وجنوب كردفان.. غير معبدة وغير مجهزة لنقل البشر دعك من نقل ثمار يمكن أن تحل مشكلة السودان.. ما هي الموانع التي تقف أمام عمل طريق سريع لنقل المانجو والموز.. والقريب فروت؟ لماذا لا تدعم الدولة عمل مصانع لتعليب الفواكه في مناطق الإنتاج في الدمازين.. وكادوقلي.. وكسلا والشمالية؟ المصيبة أن المصانع التي كانت موجودة.. تم إغلاقها بعد أن أفلست وأثقلتها الجبايات والضرائب.
في كل دول العالم.. المصانع حديثة الإنشاء تعفى من الضرائب لأعوام عديدة كخطوة تشجيعية.. حتى يغطي إنتاجها البلاد وتصبح قادرة على التصدير.. إلا نحن “فوق عزنا”.. سيف الضرائب وجبايات الطريق.. مسلط على رقاب أي منتج طموح.. وفي النهاية تنضج الثمار.. وتقع على الأرض ولا تجد من يجمعها حتى تتعفن.. يحدث هذا في القرن الحادي والعشرين.. حيث توجد كل وسائل النقل والترحيل.. ولو كانت هذه الثروات في بلاد أخرى.. لبنيت لها مطارات وموانئ.. ولخصصت لها طائرات وسفن.. ولابتدع لها طريق بري سريع مزود بكباري وإنفاق.. ولأطلق عليه (طريق المانجو).. حينها فقط يمكننا أن رفع صوتنا ونقول: (نحن من نفر عمروا الأرض حيثما قطنوا) وذلك عندما نقرأ (صنع في السودان).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى